مَلاَمَتُكُمْ عَدْلٌ لَوِ الْحُبُّ يَعْدِلُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
مَلاَمَتُكُمْ عَدْلٌ لَوِ الْحُبُّ يَعْدِلُ | وَإِرْشَادُكُمْ عَقْلٌ لَوِ القَلْبُ يَعْقِلُ |
رَمَانِي الهَوَى سَهْماً أَصَابَ حُشَاشَتِي | فَكَيْفَ عَلَى مَا أَشْتَكِي مِنْهُ أُعْذَلُ |
ذَرُونِي وَشَأْنِي إِنَّهُ لَوْ نَفَى الأَسَى | مَلاَمٌ لَخَفَّفْتُ الَّذِي أَتَحَمَّلُ |
كِتَابَ حَبِيبِي أَنْتَ خَيْرُ تَعِلَّةٍ | لِقَلْبِي وَقَدْ أَعْيَى الطَّبِيبُ المُعَلِّلُ |
كَشَفْتَ ظَلاَمَ الشَّكِّ عَنْ وَجْهِ حُبِّهِ | فَلاَحَ كَبَدْرِ التَّمِّ وَاللَّيْلُ أَلْيَلُ |
وَنَبِّهْتَ ظَنِّي لِلْعِدَى وَهْوَ غَافِلٌ | عَلَى حِينَ عَيْنِي مِنْ جَوىً لَيْسَ تَغْفَلُ |
أَبَانُوهُ عَنِّي فَابْتَلُوهُ بِقَاتِلٍ | مِنَ الدَّاءِ وَالدَّاءُ الَّذِي بِيَ أَقْتَلُ |
فَلَيْسَ عَلَى قُرْب المَزَارِ بِعَائِدِي | وَمَا بِيَ أَنْ أَسْعَى إِلَيْهِ فَأَفْعَلُ |
تَنَاظَرُ دَارَانَا وَيَحْجُبُنَا نَوىً | يُعيدُ حَدِيدَ اللَّحْظِ وَهْوَ مُفَلَّلُ |
وَلَوْ أَنَّ بَعْدَ العُسْرِ يُسْراً مُؤَمَّلاًّ | وَلَكِنْ غَدَوْنَا وَالْحِمَامُ المُؤَمَّلُ |
وَكُنْتُ أَرَى الأَزْهَارَ أَسْعَدَ حَالَةً | فَأَحْسُدُهَا وَالسَّعْدُ بِالزَّهْرِ أَمْثَلُ |
فَأَلْفَيْتُ أَنْ لاَ حَيَّ إِلاَّ مُعَذَّبٌ | وَأَشْقَى ذَوِي الآلامِ مَنْ يَتَعَقَّلُ |
مَعَاهِدُ صَفْوِي فِي الصِّبَا بَانَ صَفْوُهَا | كَأَنَّ الَّذِي فِي النَّفْسِ لِلدَّارِ يَشمَلُ |
وَرَوْضَةُ إِينَاسِي وَلَهْوِي تَحَوَّلَتْ | فَلاَ حُسْنُهَا يُسْلِي ولاَ الشَّدْوُ يَشْغَلُ |
تَفَقَّدْتُهَا وَالفَجْرُ يَفْتَحُ جَفْنَهُ | كَمَا انْتَبَهَ الْوَسْنَانُ وَالجَفْنُ مُثْقَلُ |
فَطُفْتُ عَلَى الأَزْهَارِ فِي أَمْنِ نَوْمِهَا | أُنَبِّهُهَا جَذْباً إِليَّ فَتُجْفِلُ |
أُحَاوِلُ سُلْوَاناً بِتَشْكِيلِ طَاقَةٍ | فَأَقْتُلُ مِنْهَا مَا أَشَاءُ وَأُثْكِلُ |
وَمَا كُنْتُ مَنْ يَجْنِي عَلَيْهَا خَلاَئِقاً | ضِعافاً وَلَكِنْ جِنَّةُ اليَأْسِ تَحْمِلُ |
إِلى أَنْ بَدَتْ لِي وَرْدَةٌ مُسْتَكِينَةٌ | كَأَنَّ دُمُوعَ الفَجْرِ فِيهَا تَهَلُّلَ |
لَهَا طَلْعَةُ الْجَاهِ المؤَثَّلِ وَالصِّبَا | وَفِي الوَجْهِ تَقْطِيبٌ لِمَنْ يَتَأَمَّلُ |
تَلُوحُ عَلَيْهَا لِلْكَآبَةِ وَالأَسَى | مَخَايِلُ دَقَّتْ أَنْ تُرَى فَتُخَيَّلُ |
وَيكْسِبُهَا مَعْنَى الحَيَاةِ ذُبُولُهَا | لَدَى نَاظِرِيهَا فَهْيَ فِي النَّفْسِ أَجْمَلُ |
مَلِيكَةُ ذَاكَ الرَّوْضِ جَاوَرَ عَرْشَهَا | مِنَ الزَّنْبَقِ العَاتِي مَلِيكٌ مُكَلِّلُ |
أَغَرُّ المُحَيَّا كَالصَّبَاحِ نَقِيَّه | لَهُ قَامَةٌ كَالرُّمْحِ أَوْ هِيَ أَعْدَلُ |
إِذَا مَا اسْتَمَالَتْهُ إِلَى الوَرْدَةِ الصَّبَا | فَلاَ يَنْثَنِي كِبْراً وَلاَ يَتَحَوَّلُ |
فَبَينَا يَدِي تَمْتَدُّ آناً إِلَيْهِمَا | وَيَمْنَعُنِي الإِشْفَاقُ آناُ فَأَعْدِلُ |
ويَبْدُو جَبِينُ الصُّبْحِ وَهْوَ مُعَصَّبٌ | بِتَاجٍ كَأَنَّ التِّبْرَ فيهِ مُخَضَّلُ |
وَمَا تَتَشَظَّى شَمْسُهُ فِي اشْتِعَالِهَا | تَشَظِّيَ قَلْبِي وَهْوَ بِالشَّوْقِ مُشْعَلُ |
إِذَا وَالِدِي قَدْ طَوَّقَتْنِي يَمِينُهُ | وَفِي وَجْهِهِ دَمْعٌ مِنَ العَيْنِ مُرْسَلُ |
فَقَبَّلْتُهُ ظَمْأَى كَأَنَّ بِمُهْجَتِي | لَظَى النَّارِ وَالشَّيْبُ المُقَبَّلُ مَنْهَلُ |
فَقَالَ وَمَا يَدْرِي بِمَوْقِعِ قَوْلِهِ | لِمَا هُوَ مِنْ أَمْرِي وَأَمْرِكَ يَجْهَلُ |
شَفِيقاً بِحَالِ الزَّهْرَتَيْنِ فُؤَادُهُ | شَفِيعاً بِمَا فِي وُسْعِهِ يَتَوَسَّلُ |
بُنَيَّةٌ عَفْواً عَنْهُمَا فَكِلاَهُمَا | شَقِيٌّ يَوَدّ المَوْتَ وَالمَوْتُ مُمْهِلُ |
فَلاَ تَسْبِقِي سَيْفَ القَضَاءِ إِلَيْهِمَا | عَلَى أَنَّهُ يَشْفِيهُمَا لَوْ يُعَجِّلُ |
حَبِيبَانِ سُرَّاً سَاعَةً ثُمَّ عُوقِبَا | طَوِيلاً كَذَاكَ الدَّهْرُ يَسْخُو ويَبخَلُ |
وَإِنَّ لِهَذَيْنِ العَشِيقَيْنِ حَادِثاً | غَرِيباً بِوُدِّي أَنْ أَرْى كَيْفَ يكْمُل |
فَقَدْ جَاوَرَتْ هَذِي الْوَفِيَّةُ إِلْفَهَا | إِذِ الإِلْفُ مَيَّاسُ المَعَاطِفِ أَميلُ |
فَكَانَ إِذَا مَرَّتْ بِهِ نَسَمُ الصَّبَا | يُسِرّ إِلَيْهَا سِرَّ مَنْ يَتَغَزَّلُ |
يُدَاعِبُهَا جُهْدَ الصَّبَابَةِ وَالْهَوَى | وَيُعْرِضُ عَنْهَا لاَعِباً ثُمَّ يُقْبِلُ |
وَيَرْشُفُ كُلٌ مِن جَبِينِ حَبِيبِهِ | دُمُوعَ النَّدَى خَمراً رَحِيقاً فَيَثْملُ |
وَلَكِنَّهُ لَمْ يَلْبَثِ الغُصْنُ أَنْ جَفَا | فَلَمْ تَثْنِ عِطْفَيْهِ جَنُوبٌ وَشَمْأَلُ |
فَشَقَّ عَلَيْهَا بَيْنُهُ وَهْوَ جَارُهَا | وَبَاتَتْ لِفَرْطِ الحُزْنِ تَذْوِي وَتَنْحُلُ |
وَعَمَا قَلِيلٍ يَقْضِيَانِ مِنَ الجوَى | وَإِنْ صَحَّ ظَنِي فَهْي تَهِلِكُ أَوَّلُ |
فَوَا رَحْمَتَا هَذِي حَقِيقَةُ حَالِنَا | رَآهَا أَبِي فِي الزَّهْرَتَيْنِ تَمَثَّلُ |
بَكَى جَزَعاً لِلزَّهْرَتَيْنِ وَلَوْ دَرَى | لَصَانَ لَنَا الدَّمْعَ الَّذِي رَاحَ يَبْذُلُ |
هُمَا صُورَتَانَا فِي الْهَوَى وحَدِيثُنَا | حَدِيثُهُمَا بَيْنَ الأَزَاهِرِ يُنْقَلُ |
أَقَبِّلُ ذَاكَ الغُصْنَ كُلَّ صَبِيحَةٍ | كَأَنِّيَ لِلنَّائِي الحَبِيبِ أُقَبِّلُ |
وَأَنْظُرُ أُخْتِي فِي الشَّقَاءِ كَأَنَّنِي | أَرَانِي بِمِرْآةٍ أَمُوتُ وَأَذْبُلُ |