مُفْتَرٍ مَنْ قَالَ إِنَّ الْقَوْمَ مَاتُوا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
مُفْتَرٍ مَنْ قَالَ إِنَّ الْقَوْمَ مَاتُوا | حَدِّثِينَا عَنْهُمُ يَا مُعْجِزَاتِ |
حَدِّثِينَا كَيْفَ أَوْدَى بِالأُولَى | مَلَكُوا الآفَاقَ حُرَّاثٌ عُفَاةُ |
كَيْفَ أَفْنَى كُلَّ ذِي دِرْعٍ وَذِي | لأْمَةِ مُدَّرِعُو النَّقْعِ حُفَاةُ |
نَفَرٌ ظُنُّوا ضِعَافاً فَإِذَا | هُمُ لِلقَرْمِ الأَشَدِّينَ غُزَاةُ |
فِئَةٌ قَلَّتْ وَأَعْيَا دُونَهَا | عَسْكَرٌ ضَاقَتْ بِهِ السِتُّ الجِهَاتُ |
هَاجَمُوهَا فَتَلَقّتْهُمْ كَمَا | تَتَلَقَّى هَجْمَةَ البَحْرِ الصَّفَاةُ |
إِنَّمَا الأَضْعَفُ فِي الحَوْمَةِ مَنْ | ضَعُفَتْ آرَاؤُهُ وَالفَتَكاتُ |
وَالقَلِيلُ النَّزْرُ فِي الأَزْمَةِ مَنْ | خَانَهُ الصَّبْرُ وَجَافاهُ الثَّبَاتُ |
قِيلَ هَذَا فِيهِمُ فِعْلُِ التُّقَى | وَالصَّلاَحُ الحَيُّ لِلخَوْفِ مَمَاتُ |
صَدَقُوا رَأْسُ التُّقَى الفِعْلُ فَإِنْ | كَانَ قَوْلاً فَهْوَ زُورٌ وَافْتِئَاتُ |
هَكَذَا القَوْمُ وَمَا تَقْوَاهُمُ | فِقْرٌ يَتْلُونَهَا أَوْ دَعَوَاتُ |
فَإِذَا صامَ الفَتَى مِنْهُمْ فَعَنْ | دَمِ أَسْرَاهُ وَإِنْ لَمْ تُغْفَ شَاةُ |
وَإِذَا زَكَّى فَجَارِي دَمِهِ | فِي سَبيلِ الوَطَنِ الحُرِّ زَكَاةُ |
وَإِذَا صَلَّى فَفِي جِثْوَتِهِ | للْمُرَامَاةِ سُجُودٌ وَصَلاَةُ |
مَنْ دَعَا اللهَ عَلَى غَاصِبِهِ | فَالدُّعَاءُ السَّيفُ وَالذِكْرُ القَنَاةُ |
أَوْ حَمَى الأَوْطَانَ وَالعِرْضَ مَعاً | فَهُوَ الدِّينُ كَمَا تَرْضَى الحَيَاةُ |
أَيُّهَا السُّوقَةُ كُلٌّ مِنْهُمُ | مَلِكٌ قَدْ تَوَّجَتْهُ الهَبَوَاتُ |
أَيَّهَا الجُهَّالُ كُلٌّ مِنْهُمُ | قَائِدٌ تُؤْثَرُ عَنْهُ الخُدَعَاتُ |
يَا حُمَاةَ الخُلُقِ الحُرِّ وَقَدْ | عَافَهُ النَّاسُ وَخَانَتْهُ الحُمَاةُ |
صَائِنِي دَارِهِمِ العَذْرَاءِ عَنْ | وَاطِيءٍ إِلاَّ وَمَا فِيَها مَوَاتُ |
شَيَّدُوا تَارِيخَكُمْ مِنْ نَقْضِ مَا | شَادَهُ فِي أَزَلِ الدَّهْرِ الطُّغَاةُ |
ثَابِرُوا فِي وَثْبِكُمْ وَلْتَهْنِنَا | فِي تَلاَشِينَا الهَنَاتُ الهَيِّنَاتُ |
تَابِعُوا النَّصْرَ بِنَصْرٍ وَلتَكُنْ | خَجْلَةَ الأَنْذَالِ هَذِي النَّصَرَاتِ |
يَصْفَعُ الجَبَّارَ مَنْ تَعْدَمُهُ | مِنْكُمُ لِلضَّرْبِ وَالطَّعْنِ أَدَاةُ |
وَفَتَانَا يَلْثُمُ الكَفَّ الَّتِي | فِي جَبِينِ المَلكِ مِنْهَا صَفَعَاتُ |
مَنْ لِمِينَا أَنْ يَرَى فِي لَحْدِهِ | كَيْفَ أَخْنَتْ بِبَنِيهِ المُوبِقَاتُ |
فَلَقَدْ أَرْنُو إِلى مِصْرَ الَّتِي | خَلَّدَتْهَا البَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ |
فَأَرَى رُوحاً قَدِيماً طَائِفاً | بَاكِياً مِمَّا جَنَتْ مِصْرُ الفَتَةُ |
كَيْفَ تَحْيَا أُمَّةٌ هَالَتْهُمْ | شُقّةُ المَجْدِ فَذَلُّوا وَاسْتَمَاتُوا |
كَيْفَ يَقْوَى مَعْشَرٌ عُدَّتُهُمْ | هَزْلُهُمْ وَالمَشْرَفِيَّاتُ النِّكَاتُ |
أَبِخَوْف الغُولِ يُرْجَى عِنْدَهُمْ | خُلُقُ البَأْسِ وَتُرْجَى العَظَمَاتُ |
أَمْ بِآدَابٍ وَأَلْحَانٍ يَهِي | مَعَهَا العَزْمُ وَتَقْوَى الشَّهَوَاتُ |
فَارْفَعِ الصَّوْتَ وَأَيْقِظْهُمْ فَقَدْ | طَالَ عَهْداً بِهِمُ هَذَا السُّبَاتُ |
مَا لِمِصْرٍ شِبْهَُ قَبْرٍ وَاسِعٍ | مُنْذُ فِرْعَوْنَ وَمَنْ فِيهَا رُفَاتُ |