لَقَدْ آنَ أَنْ يَسْتَمْرِىءَ النَّوْمَ سَاهِدُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
لَقَدْ آنَ أَنْ يَسْتَمْرِىءَ النَّوْمَ سَاهِدُ | وَأَنْ يَسْتَقِرَّ الأَلْمَعِي المُجَاهِدُ |
كَأَنِّي بِهِ لِمْ يَقْضِ فِي العُمْرِ سَاعَةً | بِلاَ نَصَبٍ يُضْنِي وَهَمٍّ يُعَاوِد |
حَيَاةُ عَنَاءٍ كُلَّمَا رَقِيَتْ بِهَا | إِلَى الخَيْرِ نَفْسٌ صَارَعَتْهَا المَنَاكِدُ |
بِرَغْمِ المُنَى أَنْ غُيِّبَ القَبْرَ فَرْقَدٌ | أَضَاءَتْ بِمَا أَضْفَى عَلَيْهَا الفَرَاقِدُ |
وَحُجِّبَ مَيْمُونُ النَّقِيبَةِ عَنْ حِمىً | بَكَتْهُ أَدَانِيهِ أَسىً وَالأَبَاعِدُ |
شَبِيهٌ بِقتْلٍ مَوْتُهُ حَتْفَ أَنْفِهِ | وَمَا ذَنْبُهُ إِلاَّ العُلَى وَالمَحَامِدُ |
وَكُنَّا نُرَجِّي أَنْ يَطُولَ بَقَاؤُهُ | فَعَاجَلَهُ سَهْمٌ مِنَ الغَيْبِ صَارِدُ |
رَمَى مِنْ وَرَاءِ الظَّنِّ رَامِيهِ عَامِداً | وَمَنْ يَرْمِ خَتْلاً فَهْوَ جَان وَعَامِدُ |
إِلَى مَنْ نُقَاضِيهِ فَتَنْتَصِفُ النُّهَى | وَيَسْلَمُ مِنْهُ الأَكْرَمُونَ الأَمَاجِدُ |
أَيَصْدُقُ كُلَّ الصِّدْقِ مَا هُوَ مُوعِدٌ | وَيَكْذِبُ كُلَّ الكِذْبِ مَا هُوَ وَاعِدُ |
إِذَا قَامَ فِي ظُلمٍ عَلَى الدَّهْرِ شَاهِدٌ | فَمَا مِثْلُ دَاوُدٍ شَهِيدٌ وَشَاهِدُ |
بِقَلْبِي جِرَاحٌ كِيْفَ أَرْجُو انْدِمَالَهَا | وَفِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ رِفَاقِيَ فَائِدُ |
يَعِزُ أَسَاهَا مَا حَييتُ وَهَذِهِ | مَآتِمُهُمْ لاَ تَنْقَضِي وَالمَشَاهِدُ |
وَيَأْبَى لِيَ السُّلْوَانَ مَا طُفتُ بِالحِمَى | مَوَائِلُ مِنْ آثَارِهِمْ وَمَعاهِدُ |
ليَعْذِرْنِيَ الإِخَوْانُ إِنْ جَفَّ مِرْقَمِي | فَقَدْ عَلِمَ الإِخْوَانُ مَنْ أَنَا فَاقِدُ |
وَجِسْمِي عَلِيلٌ حَارَ فِيهَ طَبِيبُهُ | وَهَمِّي ثَقِيلٌ قَلَّ فِيهِ المُسَاعِد |
وَيُجْهِدُ ذِهْنِي شَاغِلٌ بَعْدَ شَاغِلٍ | فَمِنْ أَيِّ رُوحٍ تُسْمَتَدُّ القَصَائِدُ |
حَنَانَيْكَ يَا شَيْخَ الصِّحَافَةِ مَنْ لَهَا | إِذَا مَا اسْتُثِيرَ القَلْبُ وَالقَلْبُ هَامِدُ |
شَدِيدٌ عَلَيْهَا أَنْ يَزُولَ بُنَاتُهَا | وَلَمْ تَتَمَكَّنْ أُسُّهَا وَالقَوَاعِدُ |
فَمَنْ يَتَصَدَّى لِلشَّدَائِدِ مُرْهِفاً | عَزَائِمَ لاَ تَقْوَى عَلَيْهَا الشَّدَائِدُ |
وَمَنْ يَنْبَرِي لاَ هَائِباً غَيْرَ رَبِّهِ | يُحَامِي بِهَا عَنْ قَوْمِهِ وَيُجَالِدُ |
وَمِمَّا يَضِيمُ الحُرَّ شِقْوَةُ مَوْطِنٍ | بَنُوهُ نِيَامٌ عَنْهُ وَالحُر ذَائِد |
فَهُمْ فِي عَدِيدٍ لِلكِفَاحِ وَعُدَّةٍ | بِعَيْنِ الأَعَادِي وَالمُكَافِحُ وَاحِد |
مَلأْتَ الدُّجِى بِالنَّيِّرَاتِ تَخُطُّهَا | حُرُوفاً فَتَهْدِي النَّاسَ وَهْيَ شَوَارِدُ |
لَيَالِيكَ كَانَتْ فِي اللَّيَالِي فَرَائِداً | وَهَلْ عَجَبٌ أَنْ تُسْتَرَدَّ الفَرَائِدُ |
كَأَنَّكَ تَأْبَى عَوْدَهُنَّ لِلاَقِلىً | وَفِي وُدِّنَا لَوْ أَنَّهُنَّ عَوَائِدُ |
ظَلِلتَ تقَاسِيهِن وَالرأْسُ مُطْرِقٌ | وَيُثْقِلُ رَضْوَى بَعْضُ مَا أَنْتَ وَاجِدُ |
تُرِيدُ مِنَ الأَحْدَاثِ مَا لاَ يُرِدْنَهُ | فَتَنْحَتُ مِنْ قَلبٍ وَهُنَّ جَلاَمِدُ |
دَؤُوباً تُعَنِّي النَّفْسَ حَتَّى تُذِيبَهَا | لِيَصْحُوَ مُعْتَزٌّ وَيَنْهَضَ قَاعِد |
وَهَمُّكَ هَمُّ الشَّرْقِ حَتَّى إِذَا بَدَتْ | طَلِيعَةُ فَوْزٍ بَدَّدَتْهَا المَكَايِدُ |
فَمِنْ أَيِّ خَصْمَيْهِ تَصُونُ حُقُوقَهُ | وَأَعْدَى لَهُ مِنْ غَاصِبِيْهِ المَفَاسِدُ |
إِذَا دَبَّ خُلفٌ مُوهِنٌ فِي جَمَاعَةٍ | أَيُبْلِغُهَا أَدْنَى الأَمَانِيِّ قَائِدُ |
سَلُوا أُمَماً بَادَتْ وَمَا تَجْهَلُونَهَا | تُبَصِّرُكُمْ أَعْيَانُهُنَّ البَوَائِد |
لِدَاوُدَ كَانَتْ فِي كِفَاحَيْهِ خُطَّةٌ | يُلاَيِنُ فِيهَا تَارَةً وَيُعَانِد |
مُحِيطاً بِأَطْوَارِ السِّياسِةِ سَاعِياً | بِرِفْقٍ إِلى إِدْرَاكِ مَا هُوَ نَاشِد |
عَلِيماً بِمَا يَخْشَاهُ وَهْوَ مَقَارِبٌ | عَلِيماً بِمَا يَرْجُوهُ وَهْوَ مَّبَاعِد |
وَأَليَنُ مَا تُلْفِيهِ وَهْوَ مُخَالِفٌ | وَأَثْبَتُ مَا تُلفِيهِ وَهْوَ مُعَاهِد |
وَمَا فِكْرُهُ فِي نَهْضَةِ العَصْرِ جَامِدٌ | وَمَا حِسُّهُ فِي مَوْطِنِ البِرِّ جَامِدُ |
سَمَاحَةُ نَفْسٍ تَلتَقِي فِي مَجَالِهَا | عَلَى الرُّحْبِ آرَاءُ الوَرَى وَالعقَائِدُ |
لَهَا شِرْعَةٌ فِي كُلِّ حَالٍ نَقِيَّةٌ | مَصَادِرُهَا مَحْمُودَةٌ وَالمَوَارِدُ |
غَذَاهَا البَيَانُ العَذْبُ تَهْمِي سَحَابُهُ | وَتُرْوِي البُّهَى أَنْهَارُهُ وَالسَّوَاعِدُ |
فُصُولٌ عَلَى تَنوِيعِهَا اجْتَمَعَتْ بِهَا | إِلَى طُرَفٍ مِنْ كُلِّ ضَرْب فَوَائِدُ |
مِنَ الذِّكْرِ وَالتَّارِيخِ فِيهَا ضَوَابِطٌ | وَفِيهَا مِنَ الخُبْرِ الحَدِيثِ أَوَابِدُ |
فَلاَ زَعْمَ إِلاَّ أَيَّدَتْهُ أَدِلَّةٌ | وَلاَ حُكْمَ إِلاَّ وَطَّدَتْهُ شَوَاهِدُ |
قَلِيلٌ لِدَاوُدَ الَّذِي قَلَّدَ النهَى | حِلىً لاَ تُبَاهَى أَنْ تُصَاغَ القَلاَئِد |
تَعَدَّدَ مَا تَهْوَى العُلَى فِي خِصَالِهِ | فَمِنْ حَيْثُ تَبْغِي وَصْفَهُ فَهْوَ فَارِدُ |
يَفِي لِمُوَالِيهِ وَلَمْ يَتَعَاقدَا | كَمَا يُنْفِذُ الصَّكُّ الأَمِينُ المُعَاقِد |
وَيَغْفِرُ لِلخِدْنِ المُجَافِي جَفَاءَهُ | وَلَوْ أَنَّ ذَاكَ الخِدْنُ لِلفَضْلِ جَاحِد |
فَإِنْ يَرَ شَيْئاً فَهْوَ لِلعُذْرِ قَابِلٌ | وَإِنْ يَرَ زَيْناً فَهْوَ جَذْلاَنُ حَامِدُ |
وَلاَ يَتَعَدَّى الحَدَّ فِي نَقْدِ زَائِفٍ | إِذَا مَا تَعَدَّى ذلِكَ الحَدَّ نَاقِد |
وَيَرْعِى ذَوِي رِعَايَةَ وَالِدٍ | فَأَبْنَاؤُهُ كُثْرٌ وَمَا هُوَ وَالِدُ |
وَيُدْرِكُ أَقْصَى الآمِلِينَبِجُودِهِ | كَأَنَّ لَهَّ وُجْداً وَما هُوَ وَاجِدُ |
تَحَدَّثْ إِلى شَتَّى الجَمَاعَاتِ تُلْفِهَا | ثَكَالى وَقَدْ بَانَ العَمِيدُ المُنَاجِد |
رَئِيسٌ وَيَأْبَى طَبْعُهُ أَنْ يَكُونَهُ | فَتُلْقَى عَلَى كُرِهٍ إِلَيْهِ المَقَالِد |
فَذَلِكَ دَاودُ الحَليمُ وَرُبَّمَا | تَنَكَّرَ مَعْرُوفٌ وَنَكَّبَ قَاصِد |
إِذَا سَامَهُ خَسْفاً عَتِيٌّ وَمَارِد | ثَنَاهُ إِلَى المُثْلَى عَتِيٌّ وَمَارِدُ |
يُلأْلِيءُ تَحْتَ الحَاجِبِ الجَثْلِ لَحْظُه | كَمَا شَبَّ تَحْتَ الغَيْهَبِ النَّارَ وَاقِدُ |
وَتَبْدُرُ مِنْهُ غَضْبَةٌ جَبَلِيَّة | لَهَا جُؤْجُؤٌ يَوْمَ الحِفَاظِ وَسَاعِدُ |
بَنِي بَرَكَاتٍ إِنْ جَزِعْتُمْ فَرُزْؤُكُمْ | تُعَافُ لَهُ الدنْيَا وَتُجْفَى الوَسَائدُ |
وَلَكِنْ أَسَا آسِي القُلُوبِ جِرَاحَكُمْ | بِمَا لاَ يُوَارِيهِ طَرِيفٌ وَتَالِدُ |
شَجَا مَا شَجَاكُمْ أُمَّةَ الضَّادِ كُلَّهَا | فَقَيْسُونُ مُهْتَزٌّ وَلُبْنَانُ مَائِد |
وَمَرَّ الفُرَاتُ العَذْبُ وَارْتَاعَ دِجْلَةٌ | وَشَجَّتْ كَأَجْفَانِ الكَظِيم الرَّوَافِدُ |
وَفِي مِصْرَ شَعْبٌ مَائِجٌ فِي رِحَابِكُمْ | تَقَاطَرَ يَتْلُو وَافِداً مِنْهُ وَافِدُ |
دعَاه الوَفاءُ المَحْضُ وَالكَرَمُ الَّذِي | تَعَوَّدَهُ فِيهِ مَسُودٌ وَسَائِدُ |
مَوَاكِبُ سَارَتْ بِالجِنَازَةِ لَمْ تُسَقْ | إِلَيْهَا وَلَمْ يُغْلِظْ عَلَيْهَا مُنَاشِد |
تَقَاصَرَ عَنْهَا طَرْفُ كُلِّ مُشَاهِدٍ | وَطَالَتْ فَلَمْ يُدْرِكُ مَدَاهَا مُشَاهِدُ |
كَفَى سَلوَةً أَنْ شَاطَرَ الشَّرْقُ حُزْنَكُمْ | عَلَى أَنْ مَنْ تَبْكونَ حَي وَخَالِد |