أَجَابَ الشَعْرُ حِينَ دَعَا الوَفَاءُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أَجَابَ الشَعْرُ حِينَ دَعَا الوَفَاءُ | وَكَانَ إِذَا دَعَوْتُ بِهِ إِبَاءُ |
فَإِنْ يَعْجَزْ بَيَانِي حَيْثُ فَنِّي | فَلَيْسَ بِعَاجِزٍ حَيْثُ الَولاَءُ |
نَجِيبٌ وَهْوَ مَا هُوَ فِي وَدَادِي | وَإِجْلاَلِي أَيُخْطِئُهُ الثَّنَاءُ |
أَحَقُّ فَتَىً بِمَا تَصِفُ القَوَافِي | فَتىً فِيهِ الشَّجَاعَةُ وَالحَيَاءُ |
لأَحْمَدِ فِي المَفَاخِرِ كُلِّ بِكْرٍ | مِنَ الخَفِرَاتِ نَمَّ بِهَا الضِّيَاءُ |
سَرِيٌّ مِنْ سُرَاةٍ حُبَّ فِيهِ | ثَرَاءُ الخَلْقِ يَدْعَمُهُ الثَّرَاءُ |
أَدِيبُ يُبْرِزُ المَعْنَى مُصَفًّى | بِلَفْظٍ لاَ يُشَابُ لَهُ صَفَاءُ |
خَطِيبٌ تَنْهَلُ الأَسْمَاعُ مِنْهُ | مَنَاهِلَ لِلْنُّفُوسِ بِهَا شِفَاءُ |
وَلِيُّ مَنَاصِبٍ لَمْ تُنْسَ فِيهَا | مَآثِرُهُ الإِدَارَةُ وَالقَضَاءُ |
وَزِيرٌ لَمْ تُرَنِّحْهُ المَعَالِي | وَلَمْ يَأْخُذْهُ بِالجَّاهِ إِنْتِشَاءُ |
أَدَارَ وَزَارَتَيْهِ فَلَمْ تَفِتْهُ | مَعِ الحَزْمِ العَزِيمَةُ وَالمَضَاءُ |
وَأَشْهَدُ مَكْبِريهِ كَيْفَ تُؤْتَى | ثِمَارُهُمَا الحَصَافَةُ وَالفَتَاءُ |
إِذَا مَا ازْدَادَ مَجْداً زَادَ لُطُفاً | وَمَا فِي اللُّطْفِ خَبٌّ أَوْ رِيَاءُ |
تَوَاضُعُ مَنْ عَلاَ فِي النَّاسِ أَحْجَى | وَللهِ العَظِيمِ الكُبْرِياءُ |
مَتَى تَسَلِ المَعَارِفَ عَنْهُ يُنْبِيءُ | بِمَا فَعَل الثَّقَاتُ الأَوْفِيَاءُ |
مَدَارِسُ أُصْلِحَتْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ | فَعَاوَدَهَا التَّرَعْرُعُ وَالنَّمَاءُ |
فُنُونُ ثَقَافَةٍ رُعِيَتْ وَصِينَتْ | فَزَالَ الرِّيبُ وَانْتَعَشَ الرَّجَاءُ |
بَرَامِجُ قُوِّمَتْ مِنْ حَيْثُ آوَتْ | فآبَتْ لاَ مُحَالُ وَلاَ التَوَاءُ |
مَتَى تَسَلِ التِّجَارَةَ عَنْهُ تَعْلَمْ | هُنَالِكَ مَا تَقَاضَاهُ الدَّهَاءُ |
وَمَا سَيَكُونُ مِنْهَا حَظُّ مِصْرٍ | وَقَبْلاً حَظُّهَا مِنْهَا هِبَاءُ |
مَتَى تَسَلِ الصِّناعَةَ تَدْرِ أَنِّي | تَصَرَّفَ فِي مَعَاضِلِهَا الذَّكَاءُ |
وَهَيِّأَ فِي الحِمَى عَيْشاً رَغِيداً | لَقَوْمٍ كَانَ حِلْفَهُمْ الشَّقَاءُ |
يُعِيدُ إِليَّ هَذَا اليومُ ذِكْرَى | لَهَا فِي أَحْسَنِ الذِّكَرِ البَقَاءُ |
ذَخِيرةُ مَصْرَ جَامِعَةُ حَقِيقٍ | بِهَا رِفَقُ الوِلاةِ وَالاعْتِنَاءُ |
تَجَنَّى حَادِثٌ جَلَلٌ عَلَيْهَا | وَنَابَ عَنِ الوَلاءِ لَهَا العِدَاءُ |
صُروحٌ لَمْ تَكَدْ تَعْلُو ذُرَاهَا | وَجُدْرٌ لَمْ يَجِفَّ لَهَا طلاَءُ |
تَغَلْغَلَ فِي حَنَايَاهَا التَّنَابِي | وَخَيَّمَ فِي زَوَايَاهَا العَفَاءُ |
وَيَدْعُو العِلْمُ صُونُوهَا تَصُنْكُمْ | فَمَا أَنْ يُسْتَجَابَ لَهُ دُعَاءُ |
إلى أَنْ عَالَجَ الفَتْحَ المُرَجَّى | صبُورٌ لاَ يَخِيبُ لَهُ بَلاَءُ |
إِذَا اسْتَعْصَى مُرَامٌ لُجَّ فِيهِ | وَلَمْ يَقْعُدْ بِهِمَّتِهِ العَنَاءُ |
فَظَلَّ مُكَافِحاً حَتَّى وَقَاهَا | وَشَاءَ اللهُ فِيهَا مَا يَشَاءُ |
بَنَى اسْتِقْلاَلَهَا سُوراً مَنِيعاً | وَلاسْتِقْلاَلِ أُمَتِهِ البِنَاءُ |
وَلَمْ يَكْرِثْهُ مَا لاَقَاهُ فِيهَا | كَذَاكَ يَكُونُ لِلْوَطَنِ الفِدَاءُ |
فَتَى الفِتْيَانِ إِقْدَاماً وَعِلْماً | وَمَا هُمْ في مَجَالِهِمَا سَوَاءُ |
إِذَا أُكْرِمْتَ وَالحَفَلاَتُ شَتَّى | فَذَلِكَ شَكْرُ مِصْرَ وَلا مِرَاءُ |