أملى النسيم على القلوبِ الصادِيَه
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أملى النسيم على القلوبِ الصادِيَه | خبرَ الحمى سَحَراً فأضحت راويَهْ |
وتمايلت طرباً غصونُ البان إذ | فهمت معانِيَه وكانت خافِيهْ |
وتلطفت أحشاؤنا بسؤالها | إياه عن ظَبياتِه المتجافيهْ |
والقلب صنَّف شارحاً متن الهوى | والدمع أوضح سرَّه في الحاشيهْ |
من لي بتخليص الصَبا من روضةٍ | تُطفي بريَّاها القلوب الواريهْ |
مرَّت عليها وهي فحم بالجوى | فتحولت خضراءَ ريَّا صافيهْ |
إني لأعتنق النسيم ومثلُه | جسمي ليحملني لأرض قاصيهْ |
أحبابنا قضت المحبة بُعْدَكم | لولا الشذا كانت علينا القاضيهْ |
سمح الزمان بوصلكم دهراً فلم | يُتْمِمْه بخلاً واستردّ العاريهْ |
هل تذكرون مجامع اللذات في | تلك المنازل في الليالي الماضيهْ |
وجداولُ الأفراح جارية ودار الأُ | نسُ صرفاً من عيون الجاريهْ |
إني لأشرَق بالدموعْ إذا جرت | ذكراكم وأعَضّ كفي الداميهْ |
نسج الزمان بوصلكم من حسنه | حللاً وأبدع في طراز الحاشية |
أترى الزمانَ لنا معيداً ذلك الم | اضي فترجع لي المسرة صَافيهْ |
عطفا علينا يا حياة قلوبنا | وتداركوا هذي الجسوم الباليهْ |
لو تعلمون حشاشتي لبكيتمُ | ورحمتموها إذ تذوب كما هِيَهْ |
من ذا دهانا بالتفرق بعد ذاك | الاجتماع بطيب تلك الناحيهْ |
والله يجمع شملنا ويرد ما | سلب الزمان من العقود الخالية |
إن الزمان وإن جفا لا بُد أن | يُبدي الجميل كما طواه ثانيهْ |
حلف الزمان ليُبدِينَّ محاسن الدّ | نيا بنفس في البرية زاكيهْ |
ولقد وفا بيمينه لما بدت | في فيصل نجل الملوك العاليهْ |
مَلك تعوّد بالجميل فلم تزل | أنعامه في كل أرض هامية |
ملك إذا يممْتَه لبليَّةٍ | نزلتْ رجعت مع الجميل بعافية |
ذو مِنّة صالحتَ إن صافحته | ما بين نفسك والخطوب الغازية |
للحلم آيٌ في صحيفة وجهة | لا زال تقراها النفوس الجانيهْ |
ذو هيبة تهتز منه الأرض إذ | طلعت كتائبه بأرض ساريهْ |
ثَبْت الحِجى لا يَستفزّ فؤادَه | ما لمَّ من مِحَن الأمور الغاشيهْ |
لم يستمع قول الحسود وإن أتى | بمشوشات للنفوس الصَّافيهْ |
يزداد إجلالاً وفضلاً عنده | من نازعته الأنفس المتعاديهْ |
مترصد للحادثات فكلّما | نزلت أعدَّ لها الجواب بداهيَهْ |
انا بسيدنا المعظم فيصل | تِهْنا على الشُمِّ الملوك الخاليهْ |
كم أشعثٍ عاري الأديم أتاهُ من | بُعد فأصبح في البرود السَّاميهْ |
كم مُعْدِمٍ أخنى عليه زمانُه | أغناهُ حالاً بالعطايا الكافيهْ |
تحْدى الركائب لابن تركي خير من | يمشي ويركب كل خيل عاديهْ |
فإذا حَدَا الحادي طَرِبْنَ بقوله | هذي المناهل والمراعي الدانيهْ |
ملك توطن فوق سرج الخيل لا | يعروه مَيْل وهي تعدو جاريهْ |
فإذا على الخيل استوى تاهت به | مَرَحاً وذلَّلها وإن تك عاتية |
الِفَتْ به فإذا مشى صَهَلت لهُ | شوقاً وتبغي منه وصلاً راجيهْ |
ملك تخلَّق بالكمال فما به | عيبٌ يُرى إلاَّ الأيادي الوافيهْ |
يهبُ الكثيرَ ويستقلُّ لعلمه | بالله والدُّنيا يراها فانيهْ |
إن كان لم تَعْدِل جناح بعوضة | عند الإله فكيف تسوى سَاويهْ |
أبقى الإله مليكنا فحيَاتُه | تحيا بهَا أمم به مُتناميهْ |
والجسمُ ماء وهي آنية له | والماءُ يذهبُ بانصداع الآنيهْ |
إني لأرفع بالمعظَّم فيصل | وبنيه آسادَ السنين العاديهْ |
تيمور ذاك ونادرٌ ومحمد | أهل المعالي والأيادي الهاميهْ |
فهمُ البدور صَباحةً ومكانةً | ومَحَجَةً وهم البحور الطاميهْ |
يا أيُّها الملك المتّوجُ فضلكُمُ | قد سار في الدنيا مسيرَ الجاريهْ |
رفعوا مقامي فانتصبتُ لشكرهم | وبهم كُفيتُ النازلاتِ الداهيهْ |
قَصْر اللسان عن الوفاء بشكركم | وهِباتُكم في كل يوم وافيهْ |
فلأنفقن العمر فيكم مِدحةً | لتكون طولَ الدهر فيكم باقيهْ |
ولأرغمنّ الحاسدين بفضلكم | وعلى فضائلكم ضمانتُها ليهْ |
مولاي هذي غادة قد أصبحت | تبغي صفاءَك لا المهورَ الغاليهْ |
فإذا استوت في مجلس وتكلمت | بمديحكم نثرت عليه الغاليهْ |
عش في كمال مستمداً نعمةً | من ربك الوهاب لا متناهيهْ |