تبلج صبح الحق من مطلع الهمم
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
تبلج صبح الحق من مطلع الهمم | فسبحان من أفنى به حلة الظلْم |
وفاحت رياح النصر تنشر للورى | غواليها كادت تقوم لها الرممْ |
إذا رزق الله السَّعادة عبدَهُ | أقام إلى إسعاده السيفَ والقلمْ |
ومن كان ميسور المساعي ولم يقم | بأشرفها أهدى له العجزُ كل ذمْ |
وإن صدَّ صادٍ والموارد حوله | تكرع في حوض التأسف والندمْ |
ومن بذل النفس النفيسَة في العلا | ولم يدرك المطلوب يُعذرْ ولم يُلَمْ |
ومن يُحْيِ مرعى آمناً للعدا رعَوا | ومهما أصَابُوا غِرّة منه يُختَرمْ |
عدوكَ داء في الحشا وعلاجه | شراب الدِّما منه فعالج به الألمْ |
وأشهد أن المجد شَهْدٌ ودونَه | مَكارهُ فاشهدهنَ والسمُّ في الدسمْ |
وإنَّ العُلا مستحسن حيثما أتى | ولا سيمّا إن جاء في طاعة الحكمْ |
أرى الناس أشباهاً ولكن تباينوا | صفاتٍ وفعلاً في المساعي وفي الشيمْ |
وكل أقام الغرس في أرض فعله | وتختلف الأثمار في اللؤم والكرمْ |
فهذا جنى الزهر الكريم وذا جنى | سواه وكل عند ربَك لم يُضَمّ |
ومن يَجْنِ زهر العدل يحمد وإنَّ من | جنى ضِلَّةً يخْمد وقد خاب من ظلمْ |
وهل ظالم أرخى بذا العصر مفسد | ونور بدا من صالح يكشف الظلمْ |
هو الغيث في الدهما هو الليث في الوغى | هو البدر في الظلما هو الدهر في الهممْ |
فتى شبَّ في مهد المكارم لم يقل | نَعم أبداً إلا وتتبعها نِعَمْ |
تلوح بروق الجود في سحب كفه | فما استُسقيت إلا وتنسكب الدِيمْ |
وفيه خصال ليس يدرك كنهها | تعالى بها والدر يمتاز بالقيمْ |
ففي تاجه العليا وفي وجهه التقى | وفي كفه النُعمى وفي سيفه النِقَمْ |
وأيده المولى بأشباله فهم | كرام المساعي أبطن الجود والكرمْ |
فعيسو ربيع الممحلات وبهجة ال | حياة وبحر المكرمات وبدر تِمّ |
ولله عبد الله إن جاد أو سطا | أغاث الورى واستأسر البُهم كالبهمْ |
وأحمد ذياك الخطيب بمنبر ال | مفاخر محمود المكارم والشيمْ |
وأما علي فهو في ذروة العُلا | عليٌ غدا في منصب الفضل كالعلمْ |
همَ الماطروا اللأوا هم الناصرو اللوا | هم القاصفو الأغوى هم الكاشفو الأَهمّ |
بهم قد غدا في النائبات مؤيداً | وإن كان أمر الدين قِدْماً به التزمْ |
أقام لواء الحق في كل موطن | وألَّف بين الذئب في العدل والغنمْ |
ومن يأب إلا العدل في فصل حكمه | تساوى له المخدوم في الفضل والخدم |
أتاهُ رجال يلتجون بظلّه | فأمنهم من كل مستكبر غَشَمْ |
وكم رام قوم ختله فتعاكست | أمورهم فيهم فألقوا له السلَمْ |
وأعقد محض النصح ديناً إلى بني | شهيم فعادوه وحلوا له الذممْ |
أتاهم بجيش كالفرات تدافعاً | وكالليل مسوداً وكالسّيل إذ سجمْ |
ومرَّ عصيراً كالغمام عليهم | فصبَّ على هاماتهم حصب النِقمْ |
ودانت له بالطوع عوف وحاجر | متى شاهد تلك الرواجف والعظمْ |
وعوف وما عوف ديار ترفعت | سماءٌ رمى بنيانَها البغيُ فانهدمْ |
وسار متى استولى وفاض على دما | ودُون دُما فتك الحياة وسفك ذمّ |
ديار رست فوق المجرّة واختفت | بحافاتها سبل تزل بها القدمْ |
وفيها ليوث من شهيم أغرَّة | مجاهيل لا يدرون ما الحِلُّ والحَرمْ |
فكرَّ عليهم ذو الجناحين جيشُه | وقطّعهم في الأرض لحماً على وضَمْ |
وغيّمت الأرجا وأبرقت الظُبا | وأرعدت الصمعا وأورقت القِمَمْ |
غدوا بين مأسور وجرحى وهارب | وقتلى ولم يبرح بدارهم أدمْ |
وللغبرة الخضراء حصن متى سخت | به كوفئت بالصّفح عن أهلها الحشمْ |
وهدَّم ذاك الحصن صرماً لكيدهم | كذلكم بالماء قد يُخْمَد الضَرَمْ |
وخبتهم قد أذعنت بجباهها | له وقضى في هدم بنيانها الأشمّ |
وعفَّ عن اسماعيَّة يوم سالمت | وصفّد مقدام الفلاحات إذ جرمْ |
وعفوك مذموم إلى غير راجع | وعفوك محمود لمن آب بالندمْ |
ومذ فتح الوادي جيوشُك أرخوا | بلا تعب القتل دُما نحوها السَلَمْ |
فَمُلِّكتَ يا غوثَ البلاد ديارَهم | وأُبْتَ إلينا بالجلالة والعِظَمْ |
وأصبحت مجبور الجناح مُبَرَّءاً | من الذل يرقى طيرُك الشرفَ الأتم |