خليليَّ ما للنفس هاج غرامُها
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
خليليَّ ما للنفس هاج غرامُها | وعاودها نيرانها واضطرامُها |
أما آن أن نَسْتَبقي المهجةَ التي | عفا رسمُها وَجْداً وطال هيامُها |
أأحبابَنا بِنْتُم وأودعتم الحَشَا | سرائرَ وُدٍّ لا يُطاق اكتتامُها |
سر يتم فما للقلب إلا احتراقه | وجُرتم فما للعين إلا انسجامُها |
فهلا رحمِتم مُغرَماً بهِواكم | سَهيرُ جفونٍ لم يَزرْها منامُها |
إذا هبت النسماءُ من نحو أرضكم | تعاطيتُها كالخمر إذْ دارَ جَامُها |
صِلوني فإن الوصل من شيم الوفا | فلي نفس صَبٍّ كاد يأتي حمامُها |
وعودوا لما كنتم عليه من الصَّفا | وما فُرصاتُ الدهر إلا اغتنامُها |
أحمِّل نسماءَ الصباح إليكم | رسائلَ شوق يُستهل انسجامُها |
وما القصدُ إلا كشفُ وجدٍ مبرِّحٍ | وتعليلُ نَفْسٍ واللقاءُ مُرامُها |
إذا وردت سكَرْى إليكم سقيمةً | فعَن سَقَمي يُروى إليكم سَقامُها |
وإن أطلعتكم عن خبايا مودّةٍ | ففي القلب أضعاف وفيكم مُقامُها |
ولم أنسَ منكم ظبيةً يوم ودَّعت | ولي زَفَرَاتٌ ليس يخبو ضرِامُها |
رَنَت من بعيد والقلوب هواجس | فلم تُخْطِ حبَّاتِ القلوب سهامُها |
فما كان إلا عَبرةٌ إثْرَ حسرةٍ | وما كان إلا مهجةٌ وانصرامُها |
تَشارك مني الدمعُ والدمُ مثلماً | تشارك شِبْهاً عقدُها وكلامُها |
وقالت سآتي بعد عام وكم مضت | شهور وأعوام ولم يأتِ عامُها |
أُسائلُ باناتِ الحِمىَ عن ظِبائها | وما القصدُ إلا جيدُها وقَوامُها |
ولي شَجَنٌ بالدُّرِّ والبرق مَوهناً | وما ذاك إلا ثغرُها وابتسامُها |
وأبذل نفسي للنسيم لأنَّه | يمرّ بأرض مرَّ فيها غُلامُها |
ولي خَطَرات تُضرم النار في الحشا | من الشوق في مَيدان قلبي زحامُها |
أيا مَلْكةَ الحسن التي في قلوبنا | جرت سطوةً أحكامُها واحتكامُها |
لئن كنتِ في أهل الجمال مَلِيكةً | فإني في أهل الغرام هُمامُها |
عزيزةُ قَدر ذلَّلت نفسَ ماجدٍ | وما قَدْرُه إلا السَّما واستلامُها |
فوا عجباً للأُسْد تقنِصها الظِبّا | وكم ظَبيةٍ صِيدت ونيل مُرامُها |
أُذلِّل نفسي في الهوى ولقد درى | جَماعاتُ بيت العِز أنّي إمامُها |
ولي هِمَّةٌ في نيل كل جليلةٍ | ونفس الأجِلاّ بالجليل اهتمامُها |
وبي سَكرة لم أَصْحُ منها بحبِّ مَن | تقوَّض عني ذاتُها وخيامُها |
وأستعطف النسماءَ حتى تفوح من | حماها فيأتي عندها لي سلامُها |
خليليَّ قُومَا فاسألا البارق الذي | أضا هل سقى ارضاً وفيها مُقامُها |
وهل مطفئٌ لي جذوةً من لظى الجوى | فقد طال ما يصلى بها مُستهامُها |
وهل فيك يا صوتَ السحائب طاقة | لحملي إلى دار جفتْني كرامُها |
أأحبابَنا ماذا التمانُع والجفا | أكانت كذا أخلاقكُم وانتظامُها |
تقسّم دمعي في هواكم ومهجتي | وبي صبوة يأبى لمثلي انقسامُها |
إذا كان مني هكذا في جنابكم | فما بال نفسي لا يراعى احترامُها |
سلوا واديَ الصمَّان عن فيض أدمعي | أما أعشبتْه سُحبها وغَمامُها |
وإلاَّ فذا وادي الأراك سَلُوه عن | مراتبِ شوقٍ ليس يخفى مَقامُها |
وما طابت الجرداء إلا بنَشركم | تعطّر منها رَندُها وخُزامُها |
وما لي بظل الأنس إلا انتقاصة | وما لكم في الشمس إلا تمامُها |
عسى يجمع الرحمن شملي بقربكم | فلله ألطاف تفيض رهامُها |
إذا ما انتهت أوصافكم في كمالها | فبالملك السلطان مِنْكٌ خِتامُها |