دمغت شموسُ الحق ليلَ الباطل
مدة
قراءة القصيدة :
12 دقائق
.
دمغت شموسُ الحق ليلَ الباطل | ومحت أكفُّ العدل رسمَ الجاهلِ |
وتمايل الإِسلام أعطافً متى | قامت بنوه له بنصر عاجلِ |
والعدل يصعد راقياً درج لاعلا | والجور يهبط هاوياً في السَّافلِ |
وإذا تصادمت الكتائب والظُّبا | حكمت بما يرجوه قلب الآملِ |
وارى عداواتِ الرجال يُزيلهَا | وقع الحديد يُقِلَ راس المائلِ |
من يجعل الأسلام أصلاً يحترس | من أن يُدنسه بشيْءٍ هازلِ |
من يَحظ بالتوفيق يمضي مسرعاً | كالبرق في جسر المقام الهائلِ |
من يعتصم بالله يَلْقَ وقاية | من كل صدمة واقع أو قائلِ |
من يَرْجُ غير الله في الجلىّ ارتمى | في هُوَّة الأمر الشديد النازل |
من يُكرِمِ الأحرار يحمد غِبَّة ال | عقبى بطَول لا يزول وطائلِ |
في الناس أخلاق السباع فذَا على | هذا بظلم يستطيل وباطلِ |
والرفق أنفع في عمومِ مصالحٍ | والسيف أقمع في زوال الباطلِ |
ولقد علمتُ الداءَ قِدماً والدوا | وبكل قرح في البرية سَائلِ |
فالاحتماء عن المضرَّة لازم | والقطع للمستأصل المستاكل |
والناسُ أهل ضلالة لم يَهدِهم | للحق غيرُ مكارهٍ وسلاسلِ |
وحوادث الأيام دولابية | تجري معاكسة بحكم حائلِ |
والدهر ذو غِيرٍ فكم من سَاكتٍ | بالفكر أفصحُ من لسَانِ القائلِ |
إن كنتَ لم يزجرك عقلك في الذي | تخشى ولا دين فخف من غائلِ |
صانع لنفسك ما استطعتَ ولا تكن | لأسود بيشة مضغة للآكلِ |
إن كنتَ تطلب راحةً وسلامة الدُّ | نيا فَرُحْ فيها بقدر خاملِ |
كم معشرٍّ رتعُوا بنعمة محسن | وهمُ بحبّ عدوّه في شاغلٍ |
عزُّوا بِعزه وأبدَوا حربه | بغضاً أتلك تكون حال العاقلِ |
حقٌّ الكَفور زوال نعمته ومن | يشكر ففضل الله ليس بزائلِ |
ولرب قوم وافقوا أهل الهدى | وسَموْا بسبق الفضل بين قبائلِ |
ولربما فضحتهم البلوى ففرّ | وا عن أولي التقوى فرارَ الجافلِ |
يا آل حرَّاص مضى زمن لكم | في نصرة الاسلام همة كافلِ |
ولقد حوى شرفاً سلالة طالب | منكم فمات على الجميل الآهلِ |
هذي صفاتُ الليث ما للشِبل لا | يقفوه أم فيه فتورة ذاهلِ |
هلاَّ سلكتم في الرشاد طريقة | بأواخر مقرونة بأوائل |
أم هذه أهواءُ نفسانيةٌ | فيكم تسلسل أمرُها من وائلِ |
يا ليتكم لم تحربوا ووقفتم | عنَّا وقوف محمد بن الفاضلِ |
لو كان عندكم لهل العدل من | ود صبرتم للمُلِمّ النَّازلِ |
أحسبتم إن الرقيشي اجترى | جهلاً بكم هيهات ليس بجاهلِ |
أو ليسه والي الامام وفعله | عن أمره حق وليس بباطلِ |
لو كان كل القتل جوراً لم يكن | بين الضلالة والهدى من فاصلِ |
والله قد شرع الشرائع لم يدع | فيها اختياراً للمريد الآملِ |
وأئمةُ العدل الخلائفُ في الهدى | للأنبياء فلا جواز لعاذلِ |
والله أنزل في الكتاب عقوبة ال | باغي وأوضح وهو أحكم فاصلِ |
ولمن يحارب ربَّه ورسوله | فجزاؤه ما قال أصدقُ قائلِ |
ولقد فشا من شيخكم خلفان ما | ضاقت به نخل بحمل الكاهلِ |
تغيير أحوال ونصب مكائد | وتَلاف أموال وقتل أفاضلِ |
وأمور نخل لا تزال كثيرة | ما بين والدة وأخرى حاملِ |
مذ كان أصل الجور منها غائباً | ردوه فيها للصلاح الشاملِ |
قد اخطؤوا نظراً فإنَّ حضوره | قد زاد بغياً في القيام الطائلِ |
واختار موسى جاهداً من أمره | سبعين فانقلبوا بحالة جاهلِ |
ما كل مجتهد يصير موفقاً | في الخير أجر باجتهاد العاملِ |
حتى تَشَاهر أمر خلفان وزاد | الهيل صبّاً فوق كيل الكائلِ |
فأقام رب الخلق عبداً باسلاً | فأذاقه حر الحديد العاملِ |
لله أنت فتى حمود لم تزل | سيفاً يقطّع كل باغ غائلِ |
لو لم يكن في عبس غيرك حسبُها | شرفاً فكيف وهم كرمل حافلِ |
لله يومك يا سلالة سالم | فلقد أذقت الجور ثُكْلَ الثاكلِ |
ابني رقيش أنتم أهل الهدى | وفَنَا العِدا وبنو الوغى والنائلِ |
لما رأت حراص قتل أميرهم | جمعوا جموعهم لقتل القاتل |
من آل حراص وذيبان وأب | نَاء السياب وجمع عوف الصَّائلِ |
ذبيان أهل الطولا الأقصون وا | لأدنون من حرب السَّيابي الواصلِ |
آساد كل عريكة وُرَّاد كل | شديدة أبطال كل مَقاتلِ |
طلبوا زوال العار عنهم في الدُّنا | والنارُ في الأخرى أشرّ منا زلِ |
أوما دروا أنَّ البُنوّة في الهدى | ترمي الابوّة في الضلال العائلِ |
هذي الصَّحابة بعضهم عادى أبا | هُ أو ابنَه في الكفر عند تقابلِ |
قد آثروا ديناً رَضي المولى ولم | تأخذهم فيه حميّة جاهلِ |
وجنود حَّراص أبوا إلا الردى | بالمسلمين أو انقياد الفاعلِ |
كم باذلٍ من ودّه نصحاً لهم | يا قومَنا للنصح هل من قابل |
وإذا الهوى استولى على قلب الفتى | لا ينثني عنه بعذل العاذلِ |
حَذَر الفتى لم يغنِ عن قدَر وإن | حان القضا ضاق الفضا بالنازلِ |
ايغالِبُون الغالبين ومن لهُ | حول على حرب القوي الطائلِ |
فتهافتوا بجنودهم وثباً على | نخل وسدوا كل ثغرٍ مائلِ |
سدُّوا منافذها ولو أنَّ الصبا | مرّت بها رجعت بأقوى حائلِ |
واستنزلوا العاقوم من فيه ولم | يدَعوا لأهل الحصن وقفة قائلِ |
شادوا مقاعد للقتال وقبَّلوا | بالصُّمْع أوجُهَ كل قرم باسلِ |
وتمكنوا في نَخْل شاذانٍ ولم | يدفعهم من أمل أو ماهلِ |
قد زيّن النجدي حربَ | المسلمينَ لهم فأوقعهم بسر آيلِ |
واستقبلوا الحصن المنيع ودونه | شهُب تَخطّفُ كل باغٍ خاذلِ |
وامتدت الأعناق من قوم لهم | بمعاقل الإِسلام قصدَ محاولِ |
واستقرحوُا نفقاً له وتطاولت | فيهم لحصرهم غواية جاهلِ |
وتكاثرت فيهم ظنون أنَّ في | حزب الهُدى ضعفاً وطولَ تكاسلِ |
فنما الصريخ إلى الامام وحزبه | يا غادة الله اغضبي بالعاجلِ |
يا غيرة الاسلام هل من نجدة | تدع الضلال مجندلاً بجنادل |
هذي جنود الاعتدا فمتى الهدى | يرمي العِدا بصواعق وزلازلِ |
فأتى الإِمام أبو الخليلِ محمدٌ | أكرمْ بذيّاك الامام العادل |
تاج العلا بدر الدجى شمس الضحى | دهر الهدى قهر العدى والناكلِ |
انسان عين الدهر عنوان الهنا | نور الدُّنا أقصى المُنى للآمل |
زهرت به الدنيا وطاب مقامها | وحَلَتْ لنا بمشارب ومآكلِ |
ذو رحمة للمهتدين ونقمة | للمعتدين ونعمة للسَّائلِ |
متهلل للنائبات محلل | للمشكلات مكشِّف لنوازلِ |
بحر طمى علماً وجوداً للورى | والمستفيدِ وللفقيرِ العائلِ |
لا يغضبن لنفسه لكنه | لله لا تثنيه صولة صائل |
غوث الأنام و بهجة الأيام من | هل الغمام بصاعق و بنائل |
محيي رفات الدين جامع شمله | بالمرهَفات وبالرشاد الحاصلِ |
حاز العلا إرثاً وكسباً فاستوى | فيها على كرسي المقام الكاملِ |
أمسى لسالمٍ الإِمام خليفةً | وأقام مثل مقامه المتماثل |
فرعان نافا من أعالي هضبةٍ | قد اثمرت عِزَّ الطريق الفاضلِ |
أما الامام أبو خليلٍ فهو في | نشر العلوم غدا عديمَ مماثلِ |
وإذا الشدائد ضيّقت حلَقاتها | رُميتْ بكشفٍ منه كاف كافلِ |
ولذاك أقبل ماحياً جيشَ البغ | اة ومثبتاً أمر الرقيشي الباسلِ |
أفضى الامام على البغاة عرمرماً | تهتز منه الأرض هزّ الذابل |
بحر طما متلاطم أمواجه | في قعره غرقت عصائب وائلِ |
متأجج ناراً كأنّ لهيبَه | سقرٌ مُحرّقةٌ زروعَ أباطلِ |
حفت بنصر عاجل راياته | وظُباته طبعت بسم قاتلِ |
لا يوم زحزحة ولا خضرية | يحكيه وقع تدافع وتداخلِ |
كم نازل هو قاصف لمنازل | ومقاتل هو عارف بمقاتلِ |
عبس هناة حمِيْرَ حكم خرو | ص ذهل شيبان وشمس معاولِ |
وبنو شكيل فيهم وقبائل الر | ستاق مقدمة الهلال الكاملِ |
من آل بدر سيد متواضع | ساد الورى بفضائل وفواضلِ |
وبنو خروص فيهم الشيخ المجا | هد ناصر صنو الإِمام الفاضلِ |
لله جاد بنفسه وبماله | وسما ولاتَ منازل ومناصلِ |
وجميع هاتيك القبائل سُبَّقٌ | للمكرمات ورُشّق بالنابل |
كل غطارفة جحاجحة الوغى | شادوا العُلا بمكارم وشمائلِ |
وأتى أمير الشرق والغرب الذي | سكنت به الدنيا بحجم فضائلِ |
عيسى الأمير العادل الغوث الذي | كشف الخطوب بعزمه المتواصلِ |
كهف البرية مظهر الاسلام نصّ | اب الأئمة في الصلاح الشاملِ |
لولاه ما قامت بنزوى دولة | بعد الخروصي الشهيد العادلِ |
وكذلك الرستاق تشهد إنها | لولاه قد صارت بحال عاطلِ |
وكذاك نخلُ على شفا فسرى لها | بجحافل موصولة بجحافلِ |
في يحمد في آل عيسى في بني | حبس وآل وهيبة بذلائلِ |
في مالك وبني علي في الشبول | بكل ليث في العرينة شابلِ |
في آل همدان واخوتهم ندا | ب وشيخ نفعا في رؤوس قبائلِ |
الواردين الموت أطيب مورد | والصَّادرين على الجميل الآهلِ |
والعارفين الله في مسعاهم | في عاجل طلبوا رضاه وآجِلِ |
والناشرين شعائر الاسلام في | اقطارهم ببنادق ومناصلِ |
والمعلنين لكِلَّمة التوحيد وال | معلين واجبها بأسمرَ عاسِلِ |
والباسطين أكفهم ووجوههم | في النازلين وفي الزمان البازلِ |
والمخضبين سيوفهم بدم العدا | بسيوف حقٍّ في الدماء نواهلِ |
سار الأمير بهم مسير البدر في | ظلل الغمام إلى المكان الماحلِ |
لم يبقَ عند مرورهم من موضع | إلا وكاد يسير إثْرَ الواحل |
ِساروا وليلة ثامن وصلوا فكم | من نُجْح أمر قابل في الواصلِ |
والمسلمون بمسلمات تماوجوا | كالبحر يقذف موجه بالسَّاحلِ |
وأرى المعاول كالأسود تجمعوا | في مسلمات مع اللهام الحافلِ |
حتى انتهوا وترادفت رسل إلى | نخل بنصح قبل صدمة نازلِ |
لم يقبلوا نصحاً وكلهم أبوا | إلا القتال ببادرات قواتلِ |
فتوشح الغضَب الإِمامُ وأقبلوا | لوجوه نخل كالجراف السَّائلِ |
أسرى إليها المسلمون وأطبقوا | بجهاتها كخواتم بأنامل |
قدموُا قبيل الصبح ليلة عاشر | بالعيد من ذي الحجة المتكاملِ |
لم يغفلوا عن يوم نصرتهم فأرّ | خ كلها والله ليس بغافلِ |
صلوا الغداة امامها واستقبلوا | صدر العدا بضياء وجه كاملِ |
لله در عصابة قدموا على | نخل سحيراً كالقضاء النازلِ |
وَهْبيّة التوحيد مرداسية التج | ريد محبوبية المتباهلِ |
بذلوا نفوسهم النفيسة قربةً | لله مغتنمين ربح الباذلِ |
والحور مشرفة لتكرم ضيفها | تهتز بين أساور وخلاخل |
وقعوا على الأعدا وقوع النسر من | جو السماء على المكان النازل |
فتوقدت نار الوغى و تصادم | الجمعان في رهج عظيم هائل |
فالأفق بالبادود مظلمة ول | كن أشرقت في ضوئه بمشاعل |
ضاءت وأصعقت البنادق وانكفت | كرواعد وبوارق ومخائل |
والحصن فتَّح أهلُه أبوابَه | فغدوا كأسد للكما أو أكل |
وعلا القَتام من الضرائب واختفت | عين السماء وما لها من كحل |
حتى استبان الخطب عن قتلى وعن | جرحى أفاضلَ جمّةٍ أسافِل |
لم ينحروا للعيد ما اعتادوه في | هِ سوى ضحايا سادةٍ وعباهل |
يا صبح ذاك اليوم كم من حسرة | في قلب أيتام عنت وأرامل |
كم باسل ورد الوغى صِرفاً وكم | من فاضل شهد الحمام وفاضل |
شهداء قد حيا الفَنَا أرواحَهم | في طير خضر أُودعت بحواصل |
والنصر صح لدى الامام وحزبه | والقهر حلَّ على حماة الباطل |
حرَّاص من نخل تمزق جمعهَا | كسَبا تمزق أهلها من بابل |
كم من جريح أو قتيل أو أسي | رٍ أو هزيم هالكاً بمجاهل |
فقصورهم قد هدمت وجنانهم | قد صرّمت وسلاحهم في الشاعل |
والبرج هدَّم برج عاقوم وما | منه يخاف من البناء الخاتل |
وسُقِي حُمودٌ نجلُ سالمٍ الردى | من حَرّ ماضٍ للغلاصم فاصل |
وتشوّهت نخل وجوهاً بعدما | كانت عروساً في الشباب الخاذل |
يا ساكني نخل عجيب أمركم | صرتم مع الأعدا أشرَّ مقاتل |
أوَ ما تقدم منهم محنٌ لكم | وغصصتم منهم بحر مناهل |
أوَ ما رميتم بالصغار وبالوبا | رِ وبالشنار وبالنكال الخابل |
أيليق فرعاً أن تعادوا خصمهم | ويحلُّ شرعاً نصر باغ غائل |
لكنكم أنتم توابع غاشم | لا تخضعون إلى الرحيم العاقل |
هلا سلكتم في رعاية حالكم | وصلاحه نهج الحكيم القائل |
لالا أذود الطير عن شجر جني | ت المرّ من ثمر له متهادلٍ |
فتندمُوا وتنصَّلوا واسترجعوا | إصلاح داركم بِبرّ العاملِ |
وأمير حمير وارد بجنوده | حرباً كأسعد ذي الجيوش الكاملِ |
متداركٌ عزّ الامام وحزبه | مستعقب الماضي بنصر العَاجلِ |
لم لا يكون معزّزاً وأبوه من | لقوام هذا الأمر أول فاعلِ |
حاشاه من أن تعتريه هوادة | أو ميلةٌ من قول لاحٍ عاذلِ |
والفرع تابعُ أصلِه وكفى بذا | شرفاً لأصلٍ في الهدى متناسلِ |
من آل نبهان الألى ملكوا القرى | بذوابل ومناصل وصواهلِ |
هبطوا من الجبل الكبير وفيضوا | أرجاءه مثل السحاب الهاطلِ |
وجدوا الدِما جفّت وجذوتها انطفت | وثغورها مفتوحة للداخِلِ |
يا وقعة حلَّت بنخل شابهت | نفعاً قديماً في حديث الناقلِ |
ولها إمام الأرض عِزّان وشيخ | العلم مرشده لخير شاملِ |
علاَّمة الآفاق جَدُّ إمامنا | ذاك المجلي في الظلام السَّادلِ |
نثر العلوم أجلها وأدلها | بمسائل للباقيات وسائلِ |
لله عزان بن قيس مَنْ سخا | بالعدل في ذاك الزمان الباخلِ |
من أحمد بن سعيد الأصل الذي | نارت عمان بعدله المتطاولِ |
والحمد لله الذي أجلى الصَّدى | بترنم من شاديات بلابلِ |
قل للذي يبغي انتقاص بدائعي | إني أُغرِّقُه ببحر الكاملِ |