تُولَّتكِ العِنَايَةُ فِي الذَّهَابِ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
تُولَّتكِ العِنَايَةُ فِي الذَّهَابِ | وَحَاطَتْكِ الرِّعَايَةُ فِي الإِيَابِ |
تُحَجِّبُكِ الجَلاَلَةُ فِي سُفُورٍ | وَتَجْلُوكِ النَّبَالَةُ فِي الحِجَابِ |
وَمَا أَزْهَى النِّقَابَ حِلىً إِذَا مَا | تُنُخِّلَتِ الأَشِعَّةُ فِي النِّقَابِ |
لأَنتِ الشَّمْسُ إِحسَاناً وَحُسْناً | تُرِينَا آيَةَ العَجَبِ العُجَابِ |
فَمِنْ لأْلاَئِهَا الأَنوارُ تُهدَى | وَمِنْ آلائِهَا دَرُّ السَّحَابِ |
بديعٌ أَنْ تَكُونِيَها وتُكْسَى | بما نَسجَتْ وزَانَتْ من ثِيَابِ |
قَدْمَتِ وَكُلُّ ذِي شَأْنٍ كَبِيرٍ | من الإكبارِ يَمْشِي في الرِّكَابِ |
وَحَوْلَكِ أُمةٌ قَرَّتْ عُيوناً | بِوَجُهِكِ يُجْتَلَى بعدَ ارْتِقَابِ |
تُقَبِّلُ بِالضَّمِيرِ يَداً أَفَاضَتْ | عَلَيْهَا مِنْ مَوَارِدِهَا العِذَابِ |
وَأَولَتْهَا عَوَارِفَ سَابِغَاتٍ | عَدَوْنَ مَدَى رَغَائِبِهَا الرِّغَابِ |
أَصَبْتِ مِنَ المَنَاقِبِ كُلَّ حَظٍّ | وَلَمْ تَنْأَيْ عَنِ الَّرأْيِ الصَّوَابِ |
فَمَا أُوتِيتِ مِنْ نَعْمَاءَ إِلاَّ | تَقَاسَمَهَا عُفَاتُكِ كالنِّهَابِ |
كَذاكَ مَكَارِمُ الأَخْلاَقِ تَعْلُو | إِمَارَتُهَا وجَدُّ الحِرْصِ كَابِي |
إِذا انْتَهَتِ الزَّكَاةُ إلى نِصَابٍ | فقد جاوَزْتِ أَضعَافَ النِّصَابِ |
بِحيثُ لوِ الذُنُوبُ عَلَى اللَّيَالي | حُسِبْنَ رَبَا نَوالُكِ فِي الْحِسَابِ |
مَنَاقِبٌ كَمْ أَحَلَّتْ مُسْتَضَاماً | بِهِ الأَيَّامُ ضَاقَتْ فِي رِحَابِ |
وَآوَتْ لاَجِئاً وَشَفَتْ عَلِيلاً | وَأَنْجَتْ مُسْتَغيثاً مِنْ عَذَابِ |
وَشَادَتْ للنَّدَى مِنْ كُلِّ ضَرْبٍ | مَعَاهِدَ تُنْتَحَى من كُلِّ بَابِ |
وَرَبَّتْ للْحِمَى نَشْئاً كِرَاماً | بِبِرٍّ ما نَمَوْا في العَدِّ رَابِي |
إِذَا بَعُدَ المُؤَمَّلُ أَدْرَكُوهُ | قَرِيبَ الشَّأْوِ مَيْسُورَ الطِّلاَبِ |
مَفَاخِرُ فِي كِتَابِ الدَّهْرِ خُطَّتْ | بِكَفِّ لَمْ تُفَاخِرُ بِالخِضَابِ |
سَيَتْلُوها فَيَطْرَبُ ذَاكِرُوَها | كَمَا يَتْلونَ آيَاتِ الكِتَابِ |
رَعَاكِ اللهُ يَا فَخْرَ الغَوانِي | بِطَارِفِهَا وَتالِدِهَا اللُّبَابِ |
عَلَى نَفْسِي قَطَعْتُ لُكُمْ عُهُوداً | مَنُوطَاتٍ بِأَخْلاَقِ صِلاَبِ |
سَأَحْفَظُ حَقَّهَا المَرْعِيَّ حِفْظاً | يَطُولُ مَدَاهُ مَا طَالَ المَدَى بِي |
يَنَالُ الشَّيْبُ مِنْ عَزْمِي وَتَبْقَى | كَأَنِّي أَسْتَعِيدُ بِهَا شَبَابِي |
أُجيٍبُ دَعَاءَهَا حَوْلاً فَحَوْلاً | وَأُذْنُ الدَّهْرِ سَامِعَةٌ جَوَابِي |
قَوَافٍ يُسْلِسُ الإِخْلاَصُ مِنْهَا | وَيُلْفِيَها النِّفَاقُ مِنَ الصِّعَابِ |
تُرَاعِي الصِّدْقَ فِيمَا تَدَّعِيهِ | وَتَأْنَفُ خُطَّةَ المَدْحِ الكِذَابِ |
وَعِنْدَ اللهِ أَنِّي لاَ أٌرَجِّي | لَدَى غَيْرِي عَلَيْهَا مِنْ ثَوَابِ |
ومَا أَنَا في المَقَالَةِ بالمُدَاجِي | وَلاَ أَنَا فِي الشَّهَادَةِ بالمُحَابِي |
لِتَهْنِئْكِ السَّلاَمَة كُلَّ حِينٍ | وَدُمْتِ الدَّهْرَ عَالِيَةَ الجَنَابِ |
إلىَ ذَاكَ المَقَامِ الْحَمدْ يُهْدَى | وَعَنْ ذَاكَ المَقَامِ الذَّمُّ نَابِي |