فديتك من ظبي وان لم ترد قربي
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
فديتك من ظبي وان لم ترد قربي | ولم تحن من شكو ولم تدن من عتب |
تعاملني بالهجر من غير موجب | وتبدهني باللوم في غير ما ذنب |
وان كنت تجفوني فانك مالك | فما لك لا تنفك عن خصلة العجب |
ومالي ارى الواشين بي بك احدقوا | وكلهم والله ينطق بالكذب |
يرومون اني ضائع الاجر في الهوى | واصبح من بعد التصبر في تلب |
فلا والذي اولاك ذا الحسن لم يزل | مثالك في طرفي وحبك في لبى |
لئن ضقت ذرعا بالصدود فكلما | عراني وجد فيك قلت على الرحب |
وما كنت ادرى قبل عشقك ان لي | عدوين مخفيين في الماق والخلب |
فهذا متى ثار الجوى حادم اللهب | وذاك متى جار الهوى دائم السكب |
ومن دون نحب منك يقضى لمغرم | حمام وكم نحب يؤول الى نحب |
ومن عجبي ان ليس يرضيك في الهوى | تطوع قلب دون غزو ولا حرب |
ولكنما تبغى مع الحسن شهرة | بان للصغير اليوم عزة من يسبى |
ولو لم يكن مشهور لحظك صارما | لما صرت مشهورا لدى الناس في الحب |
وسائل دمعي قد نهرت ولم يمل | فؤادك نهر منه صب على صب |
ولا نار اشواقي الانت حديده | ولا كل ما عانيته فيك من طبي |
ولكنما ربي قضى لك بالتي | تطيب بها نفسي ويصبو لها قلبي |
قضى بيننا بالفرق منذ فتنتني | فجسمي في محل وجسمك في خصب |
وطرفي لا يغفى وطرفك ناعس | وقلبك في امن وقلبي في رعب |
وان كان دابى ان اجافي من جفا | فاني منقاد لما قد قضى ربي |
اذل لذي حسن واعنوا لذي حجا | وامدح من يحويهما مصطفى وهبي |
كريم السجايا لن ينال مثاله | فتى ليس في كسب المعالي بذي داب |
اضآت لنا اقواله وفعاله | دياجي اوقات تمخضن بالكرب |
واسفاره اللاءى طبعن بضبطه | وتصحيحه اسفرن في الشرق والغرب |
اقر له الناؤون بالفضل والذي | يدانيه يستفتيه في مشكل الكتب |
مساعيه قد جلت وافعاله زكت | فكانت على اطراء مادحها تربى |
فما ورد الوراد منهل ناجر | الذ واحلى من جني لفظه العذب |
ولا اتسعت للخير فيحاء مثلما | ترى اعين الراجين في صدره الرحب |
لعمرك ما تدنو المعالي لمولع | بلهو ولا تزكو المساعي لذي لعب |
ولكن لمن يسعى ويدأب عمره | وان يدع للجلى يكن ايما ندب |
الم تر مما سنه مصطفى لنا | مثالا على ان اللذاذة في الصعب |
الم تره قد جد في العلم وانتهى | الى امد منه بعيد عن الصحب |
الم تر ارباب المعارف عولت | عليه ومنهم عارف شرف العرب |
تحرى غناء الناس في نظم لجنة | تجدد رسم العلم في سالف الحقب |
فان يك نظم يستجاد فنظمه | ودعني من نظم على حانة الشرب |
وان حق اطراء لمن ينفع الورى | فاطراؤه حق على كل ذي لب |
فلولا مساعيه الحميدة اوشكت | مآثر اهل الفضل ترمس في الترب |
إذا الخلق طرا باللوم فحبذا | غذاء به الارواح تنمو بلا نحب |
بداهته تجلو لنا كل مشكل | وتدبيره يغنى عن السمر والقضب |
واقلامه تلك النحيلة كم شفت | سقيم زمان بعد يأس من الطب |
فان ترها ظمأى لنقس فانها | لتروى فتغنى القوم عن لغب الغب |
تفجر منها كل ينبوع حكمة | فتهدى الى ما فيه كسب رضى الرب |
فدعني من ابهام قول موارب | وصرح بمدح في علاه فذا حسبي |
لقد كان ابهام الكلام يضلني | ويسلك بي يا رب غوثك في ردب |
على انني ما زلت مذ صرت كاتبا | احاذر مهما اسطعت غائلة العقب |
وما كان ابغاض الخليل بهين | على ولا اغضب ذي الفضل من كسبي |
وان تسأل الركبان عني تجدهم | يملون عن عهدي ويملون عن حبي |
ولكنما يكبو الفتى وهو سابق | وينخدع اللب المحاذر للخب |
وهذا زمان لا يسامح من هفا | وليس يعافى من تجافى عن الشغب |
امنت سهام المعتدين وانما | ابى الله الا ان اصاب من الغرب |
فلله مصر معدن الفضل والوفا | ومطلع انوار العلوم بلا حجب |
كأن بها النيل المبارك والد | مرب فكل في المحاسن كالترب |
تجمعت الآداب فيها فان تجد | اديبا لبيبا فهو في ارضها ربي |
سرى في جميع الارض سارى ثنائها | فاعجب من يروى واطرب من ينبى |
بها ما يسر النفس من كل بغية | فمن ادب غض ومن كرم الادب |
واشوق ما فيها مديح عزيزها | فذاك الذي كل امرء نطق يصبى |