ضَيَّعتُ في هِضَبِ الهَوى رُشدي
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
ضَيَّعتُ في هِضَبِ الهَوى رُشدي | وَفَقَدتُ ما أَبقى الحجى عِندي |
وَسَعَيتُ نَحوَ المَجدِ مُجتَهِداً | فَهَويتُ دون مدارِك المَجدِ |
أَجدُ الشَبابَ يَلوحُ مُنتَعِشاً | وَأَنا نَحيلٌ أَصفَرُ الخَدِّ |
في كُلِّ لَيلٍ جار أَسودهُ | يَبني الرَدى حَجَرَينِ من لحدي |
بَعُدَ الكَرى عَن مُقلَتَيَّ كَما | بَعُدَ الفَتى الصادي عَن الوِردِ |
فَكَأَنَّ أَهدابي ظَبيً بَرَزَت | لِتحولَ دونَ النَومِ بِالسَهدِ |
لَو كنتَ تَعلَمُ يا أَبي وَأَنا | طِفلٌ مَصيري العادمَ السَعدِ |
لَبَكيتَ عِندَ وِلادَتي نَدَماً | وَخنَقتَني وَأَنا عَلى مَهدي |
يَتَهامَسونَ عَلَيَّ من أَسَفٍ | هو سَيف عَقلٍ مُرهَفُ الحَدِّ |
إِن كنت سَيفاً لِلحجى فَأَنا | لَم يَمتَشِقني الدَهرُ من غَمدي |
أَرَدتَنيَ الأَيّامُ طاعِنَةً | صَدري بِأَسيافٍ لَها تُردي |
وَأَنا فَتىً ما زِلتُ أَجمَعُ من | رَوضِ الصَبابَةِ وَالهَوى عَقدي |
عاثَت صُروف الدَهرِ في جَسَدي | بِمَخالِبٍ كَمَخالِبِ الأُسدِ |
وَيلاهُ أَشباح الرَدى قَربت | ماذا سعاد تَصير من بَعدي |
أُمّاهُ أَينَ أَبي فَإِنَّ لَهُ | عِندي شُؤوناً ضَيَّعَت رُشدي |
أَأَبي رَعاك اللَهُ كيفَ تَرى | خَلَّفتَني وَتَرَكتَني وَحدي |
هَل كُنتَ مِثلي يائِساً تَعِباً | فَعَثيتَ في الدُنيا عَلى جَدّي |
لا بَأسَ نَم وَالروحُ طاهِرَةٌ | فاليكَ وَجدي لَم يَزَل وَجدي |