قَضيتُ هَزيعَين من لَيلَتي
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
قَضيتُ هَزيعَين من لَيلَتي | وَحيداً أُسامِرُ نَرجيلَتي |
وَكانون في خارِج الدار يَبكي | فَيشتدُّ فيهِ دجى الظُلمةِ |
وَضَعتُ عَلى رُكبَتَيَّ حَراماً | وَصِرتُ أُنغِّمُ في فَرشَتي |
إِذا برياحٍ من البابِ هبَّت | وَأَطفَأَتِ النورَ من شَمعَتي |
فَلَمّا أَحاطَت بي الدامِساتُ | وَبطَّن أَسوَدُها حُجرَتي |
تَبسَّم ثَغرٌ لِنَرجيلَتي | كَعبدٍ تبسَّمَ في العَتمَة |
فَما كانَ أَجملَ من ثَغرِها | وَما كانَ أَعجَبَ مِن حيرَتي |
تَحفَّ بتنبكِها زرقةٌ | تُحاكي مراشِفَ نوريةِ |
وَلكِن رَاَيتُ بِها جاذِباً | يُحَرِّكُ في داخِلي صبوَتي |
فَقَرَّبتُ من نارِها مرشفي | وَأَسمَعتُها تقسة القبلَةِ |
وَلَو لَم يَكُن ثَغرها محرقاً | لكنتُ اِمتَصَصتُ من الجَمرَةِ |
لِأَنّي لَم أَدرِ ماذا بِها | مِن العَذبِ يشبهُ محبوبَتي |
فَقُلتُ لَها إِنَّ بي لَوعَةً | وَأَطلَقتُ في جَوفِها زَفرَتي |
فَأَسمَعني صَدرُها زَفَراتٍ | أَثارَت شُجونِيَ في مُهجَتي |
أَإِبنَةَ طهمازَ لَم تَزفري | نَ وَأَنتِ أَنيسيَ في وَحشَتي |
رَأَيتُك رَمزاً لِكُلِّ شقِيٍّ | رَماه الهَوى في لظى الشَقوَةِ |
أَجابَت أَنا الآنَ في نِعمَةٍ | لِأَنَّ حَبيبيَ في نِعمَةِ |
وَلكِنَّني بَعد وَقتس قَصيرٍ | أُغادَرُ وَحدِيَ في خُلوَتي |
فَيَبعدُ عَنِّيَ ثُغرُ مُحِبّي | وَيَسلو الَّذي كانَ مِن لَوعَتي |
لِذاكَ تَرانِيَ أَبكي زَماناً | سَأصبِحُ فيهِ بِلا زَهوَةِ |
فَإِنَّ الهَوى صدقُه كاذِبٌ | يُشَبِّهُهُ العَقلُ بِالنِجمَةِ |
فَلا يَقبل الفَجرُ حَتّى تَراها | أَمامَ عساكِرِهِ وَلَّتِ |
وَإِذ ذاكَ راود جَفني النعاسُ | فَأَطيقَ أَنمُلُهُ مُقلَتي |
وَلَمّا اِستَتبتَّ الكَرى في جُفوني | شاهَتُ في الحُلمِ نَرجيلَتي |