كأنّما قلبها علبة ألوان |
"أنا طائر" |
كانت تردّد طفلة |
هل كان ضروريًّا |
أن تكسر ساقيها مرّتين |
كي ينتبهوا؟ |
شبيهة بمساحيقها |
بملابسها |
بالبطاقات التي تزحم بها حيطان الغرفة |
لئلاّ تنام في البياض وحيدةً |
في الشارع |
يتهافت عليها الأطفال |
لعلّهم ينتزعون من جسمها قطعة حلوى |
بالخفاشتين لقّبونا |
هم ذاتهم |
الذين تغذّوا |
عن الدم السائل من براءتنا |
جدّتها |
في البلد البعيد |
حدّثتها عن نجمة تملكها |
إرث الجدّة تأخّر كثيرًا |
ما زالت تنتظره |
.ما زال ريشها يحلم بالهواء |
العودة إلى أعلى الصفحة |
على رمال متحركة |
لو أنّ هنالك إلهًا" |
لو أنّه يحبّنا حقًّا |
إلى الجحيم سنذهب |
نحن لا نعرف أحدًا في الجنّة |
"و نراجيلنا يلزمها جمرٌ كثير |
في لوحة |
:تساءلت |
لماذا تتصارع كلّ هذه الرؤوس" |
بخوذيّاتها المختلفة |
"للوصول لشمس واحدة؟ |
ذات مرّة استعانت بسجادة |
لتشرح نظريّة الكون |
تجمعنا حولها |
صحراء بعيدة |
أباريق طين و ناس |
هل ندرك الآن |
أنّ العالم أوسع من المقهى الذي نرتاده كلّ ليلة |
أنّ هنالك بشرًا غيرنا؟ |
الجبل أمّها |
وحده استطاع أن يحتويها |
فرحت |
لانّ أباها مات سكرانًا في رماده |
لا بدّ أنّ العصافير ستسعل حدّ الاختناق |
فيما تبني أعشاشها بين تجاويف العظام |
التمساح الذي في بانيو شقّتها |
لعنة البلحة في العائلة |
خلافاتها الدائمة مع الجيران |
.كم كانت بساطتها ترعبنا |
العودة إلى أعلى الصفحة |
أظفار مطلية بالشهوة |
كان صباحًا داكنًا كقهوتنا |
كعينيها الحادّتين |
كذلك الغموض في القصة |
شمس سوداء في غيم النراجيل |
القطة نائمة |
النادل ببابيونته المعوجّة يتثاءب |
عند السياج الخشبي غريبان |
ساقان عاريتان |
أظفار مطلية بالشهوة |
ندب يجرح ضحكتها |
من أين جاءت بأسمائنا؟ |
كيف انضمّت الطاولتان؟ |
نخون وعدنا لأمّهاتنا |
و نأخذ قطع حلوى من أشخاص لا نعرفهم |
تفتح دون مواربة قلبها |
:بيتًا مؤثّثًا بالبشر |
الخائن لأنوثتها |
أطفال معوّقون بأمومة ناقصة |
الرجل الذي يأكل نصف الكلام |
و يقضم بكثير من القسوة تفاحتها |
المشعوذ ذو الأرنب و العينين الزجاجيتين |
عجائز بعدد التجاعيد |
في البيت |
تحف من أصابعها |
نباتات |
.إمرأة وحيدة |
العودة إلى أعلى الصفحة |
قبل أن يرسمها الله |
صرصار ليل على الحائط يغنّي |
كلّ حجرة زنزانة |
كلّ آخر جسر إلى الذات |
زجاجات فارغة |
كنيسة صغيرة من شمع و ألوان |
لعظامه صوت يربك الفراغ |
كأنّما في جسده محرّك سيّارة قديمة |
لن يغادر عتمة مقعده |
لئلاّ يوقظ النباتات من حلم |
عينيها المغمضتين تحت أصابعه |
رسمها |
قبل أن يرسمها اللّه |
لماذا يغضب إذًا |
حين تلقّبه بالأب الروحيّ؟ |
رسم الوطن و البشر الطيّبين لأجلها |
رسم قلبه |
زهرة صفراء |
في كأس نبيذ |
وحيدًا يجلس |
في غيمة من دخانه |
يتخيّلها في فستان أبيض |
.تقبّل أميرًا |
العودة إلى أعلى الصفحة |
كرسي من قش لا يشعله الحنين |
وحيد |
بقدر ما في البحر من زرقة و جثث |
في الرمل يغرس أرجله |
حالما بالجذور |
ململمًا من حوله الأصداف |
أصواتًا لا تخفت |
يسمّونه الغريب |
"لماذا لا يبني مثلنا القصور و يهدمها؟" |
لو اقتربوا من صحراء قلبه قليلاً |
لأدركوا أنّه طفل يشبههم |
و سألوه عن اسمه |
ألفته النوارس |
بذراعيه استبدلت المراكب و ألسنة الصخر |
هنا على الأقلّ |
لن يرشّها الصغار بالماء |
ستشاهد الغروب |
بعينيه الفاضحتين ملحًا و أسماكًا |
كان من الممكن أن يكون آخر |
فزاع طيور في حقل ما |
لكنّ اليد التي صنعته |
فرضت هذه الهيئة |
.هذه الحياة |
العودة إلى أعلى الصفحة |
جلباب الدمع |
تكنس الكوابيس كل فجر عن عتبة البيت |
تقشّر قبالة النافذة بصلتين |
كي لا يسألها اليمام عن دموعها |
بطرف جلبابها |
تلمّع المرايا |
عاجزةً عن إزالة حنان مترهل |
يقرّب قلبها من التراب |
ليلاً هدهدت الأطفال بحكايات البحر |
في جلبابها رائحة الحارة |
ألوان عرائس الحلوى و الأحصنة الصغيرة |
وعدتهم بفطيرة جبن ساخنة في الصباح |
الشمس |
في هذه المدينة الكئيبة |
باردة |
قاسية |
ستكسّر أسناننا |
لا بدّ من حيلة أخرى |
تخرجهم من دفء القطن و الأحلام |
لو كانت روحها سجادة |
لنفضت عنها هذا الغبار |
لتركتها في الهواء قليلاً |
.تتنفّس |
العودة إلى أعلى الصفحة |
الساحرة |
لا |
لم تكن ملاكًا |
كل ما في الأمر |
أنّها كانت تلتهم اللؤلؤ |
.و تختار لمقعدها إضاءة خادعة |
العودة إلى أعلى الصفحة |
الفستان الأحمر |
فيما كان ينهال على عريها |
كان ظلّها قد تجاوز الباب |
بفستانه الأحمر |
.إلى حانةٍ ما |
العودة إلى أعلى الصفحة |
رغبة زائفة |
مغمضة العينين |
مستسلمة تمامًا |
بعد ساعات قليلة |
تستعيد جمالها |
تدهش المرآة و الزمن |
بالمشارط |
سيزيل التجاعيد عن ضحكتها |
سيحشو شفتيها المتعطّشتين للقبل |
برغبة زائفة |
لو أنّ يده تنزلق قليلاً |
ليس لتكبير نهدها الذابل |
بالونةً مجرّدةً من اللون و الهواء |
و إنّما لترميم قلبها |
هذه الطائرة الورقية التي يئنّ جناحاها |
.كلما لامسها حب جديد |
العودة إلى أعلى الصفحة |
الفراشة |
العصافير الرمادية |
لا تصدّق |
أنّها لا تستخدم المساحيق لتزيين جناحيها |
عصفور صغير |
فكّر في الأمر طويلاً |
اتهمها بلبس المرايا |
و خداع العيون بانعكاسات الزهور |
"تعال و فتّش خزانتي أيّها السفيه" |
صرخت في وجه دبّور أسود |
حاول أن يلامس جسدها في مروره |
لعلّ ألوانها تبهت على معطفه الداكن |
بكت طويلاً |
على كتف شجرة |
"لست ساحرةً كما يشيعون في هذه الغابة" |
يوم أحرقوها |
تصاعد إلى السماء دخان غامض |
ليستقرّ في قلب الزرقة |
قوس قزح |
.شعاعًا بسيطًا من روحها |
العودة إلى أعلى الصفحة |
فزاع الطيور |
كثيرة هي أمنياته |
أكثر من السنوات التي أمضاها واقفًا في هذا الخلاء |
أكثر من البذور التي يحرسها الهواء |
عبر جسده القليل |
يحلم بمقعد يريح ساقه النحيلة |
بوضع يده في جيب |
في كفّ امرأة |
بغيمة تستقرّ فوق رأسه تمامًا |
بأطفال طيّبين يقذفون نحوه كرة القدم |
بين حين و آخر |
بدلاً عن الأحجار |
بأزهار قليلة تنبت حوله |
ليطمئنّ أنّ أحدًا في العالم سيفتقده |
إن سقط |
بضربة منجل |
يحلم بالعصافير |
تلامسه |
دون خوف |
حتّى إن أخذت |
مقابل حنانها العابر |
قشّ القبّعة التي تحميه |
في هذا الخلاء |
.من قسوة الشمس و المطر |
العودة إلى أعلى الصفحة |
رجل الثلج |
بأيديهم الصغيرة |
صنعوا له جسدًا و رأسًا |
بقطع يابسة من الخشب |
منحوه وجوههم |
و رائحة الجلد |
في المعاطف و الأحذية |
منحوه ابتسامةً و غليونًا |
دخانه |
أنفاس دافئة مرتعشة |
لا بدّ أنّهم غافلوا الكبار |
و اختلسوا هذه القبّعة الرزينة لأجله |
و هذا الوشاح |
في الليل |
سيغيبون عنه |
ليس بإمكان أطفال في مثل ألوانهم |
أن يناموا في هذا البياض القارس |
مثلهم |
يرغب في مسافة |
يسقط فيها ألم الفقد |
حين تظهر الشمس |
و يغيب عنهم |
.للأبد |
العودة إلى أعلى الصفحة |
ذلك البريق |
كبرت |
ما عاد صوتها يصلهم |
من قال أنّها تغنّي لأجلهم؟ |
يكفيها مستمع واحد |
:في صالة الليل الخاوية |
قمر بأسنان قليلة |
يتّكئ على كمنجته |
يسعل بشدّة |
بين وصلة و أخرى |
مطيّرًا نجماتها على ثوبها و شعرها |
.معيدًا إليها ذلك البريق |
العودة إلى أعلى الصفحة |
طابع البريد: عصفور ميرو |
ستصيبها أمراض الأطفال |
و يصفرّ جلدها |
آخذًا لون الورد الذي تحبّه |
لون الصوص القطنيّ النائم على طرف السرير |
لون شعره |
الأمير الذي أحبّت ضحكته و اختفى |
في صفحة أخيرة |
من رواية |
سيملؤها الفراغ بفراشاته البيضاء |
و تكتشف |
كمن يرى نفسه لأوّل مرة في مرآة |
أنّ حياتها لا تشبهها |
و أنّها أساءت فهم الغربة |
زمنًا طويلاً |
لا تحاولي" |
لا النعناع و لا نصف الليمونة في ماء النارجيلة |
سيعيدان إليك طعم الشتاء الماضي |
الأغاني -أيضًا- عاجزة |
فمك الذي لم يبح سوى بنصف الأسرار |
عضو ناقص |
لا كلام و لا قبل |
"فقط ابتسامة صغيرة |
ستبكي |
حتّى تحوّلها الدموع |
إلى غيمة |
من عرشها الأزرق البعيد |
ستراهم |
بأحجامهم الحقيقية |
بلا أسف أو حنين |
ستصادق عصفور ميرو |
و السمكة التي تغنّي |
في مربّع من ورق |
في زاوية صغيرة من روحها |
ستعيد بناء المقهى القديم |
ستحفر على بابه |
ضحكةً من خشب الورد |
إلى أحلامها |
ستخرج |
:و تعمل بالنصيحة |
"العسل و قطع السكّر" |
الشمس الذائبة في قلب كبير |
أيام حلوة |
.ربما |
العودة إلى أعلى الصفحة |