يا مصرُ أنتِ أرضُ كل مُعجزه
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
يا مصرُ أنتِ أرضُ كل مُعجزه | كم فيكِ من آثار فخرٍ مُنجزه |
قد عُدتِ كالعصر القديم مُنتزه | لله إسماعيلُ فيما أبرزه |
في حيِّز الوجودِ فوقَ الحدِّ | يدومُ فخره كما الأهرامْ |
ولم يزل يَقرنُ بالتحدِّي | بدايعاً صحيحة المرامْ |
يعيشُ إسماعيلُ ربُّ المجدِ | على مَدى الأجيالِ والأعوامْ |
ما أنتِ إلا روضةٌ بَهيَّة | شمسُ عُلاك بالسَّنا زَهيَّهْ |
بالنيل خصبُ أرضك الزكيه | قد سطعتْ أخبارُك السنيهْ |
شعاعُها انبثت بأرضِ الهندِ | والصينِ والرومِ وأرضِ الشامْ |
لما انطفا النورُ بدهرٍ مُردِي | قد سَخر المولى له محام |
يعيش إسماعيل رب المجدِ | على مدى الأجيال والأعوام |
عقلٌ وحيدٌ لا تُجاريه الرجالْ | يحولُ في سَبق العُلا أعلى مجالْ |
محمدُّ الاسمِ عليٌّ في الفِعالْ | أنار أفقَ مصرَ شبهَ الهلالْ |
مذ قام بالحفيد سرُّ الجدِّ | فبدرُه جَلى دُجَى الظلامْ |
فكرٌ منيرٌ من أميرِ جُندِ | صيَّر جيشَ الجهل في انهزامْ |
يعيش إسماعيل ربُّ المجدِ | على مدى الأجيال والأعوام |
لما اصطفى الجليلُ إسماعيلا | لملك مصر سيِّداً كَفيلا |
وأشبهتْ طفلا غدا عَليلا | عدَّلها بطبِّه تَعديلا |
بعدلِ قانونٍ وعَقْدِ بَنْدِ | أزال جَورَ الحكم والحُكّامْ |
ونسخَ الرخصةَ والتعدي | وانقادَ للأصول والأحكام |
يعيش إسماعيل رب المجدِ | على مدى الأجيال والأعوام |
بنى على العدل أساسَ مُلكهْ | ونظمَ الفنونَ ضِمنَ سِلكه |
وعظَّمَ العلمَ وأهلَ نُسْكهِ | ذُو العقل إن يفحْ عبيرَ مِسكه |
بطيب في التشويق كل جهد | نعز لدى الأمير بالإكرام |
يبذل في التشويق كلَّ جهدِ | بقدرِ حظِ الفضل في السهام |
يعيش إسماعيل ربُّ المجد | على مدى الأجيال والأعوام |
حَلَّى جبينَ مجمعِ البحرينِ | بتاج عزّ رائقٍ للعَينِ |
وقبله كان كلا الشطين | يَلطمُ خدَّ الماءِ بالكفين |
فذلك التاجُ قرينُ سَعد | يلمعُ فوقَ الماء كالحسام |
يدعُو لإسماعيل ربُّ الرشدِ | بنصرةِ البنود والأعْلام |
يعيش إسماعيل ربُّ المجدِ | على مدى الأجيال والأعوام |
لما رَقى ذُر العلا وصَعدا | لم يترك الأهواءْ في الناس سُدى |
عطفهم رفقاً بهم صوبَ الهدى | كلفهم بأن يحوزوا السؤددا |
فالعقلُ في عهد العزيز مُهدَى | نحوَ العلوم لا إلى الأوهامْ |
وإنما تمامُ هذا القصد | توسيعُهُ دوائرَ الأفهام |
يعيش إسماعيل رب المجدِ | على مدى الأجيال والأعوام |
لم يفتخرْ بزهرة الإماره | بل رامَ بالرعية افتخاره |
وَضَعَ بنيه بينهم إشاره | لفكِّ قيد الذل والحقاره |
فحسبُهم فكاكُ هذا القيدِ | وعتقهم مِن زِلة الأقدام |
فأعلنوا بشكره والحمد | ما أحسنَ الشكر على الإنعام |
يعيش إسماعيل ربُّ المجدِ | على مدى الأجيال والأعوام |
قد لهجتْ بمدحه اللغاتُ | ورددت نشيدَه الأصواتُ |
لم يَروِ مثلَ فخرِه الرواةُ | عن ملكٍ شهمٍ له هِباتُ |
تجعل هنداً في النُّهى كزيدِ | والدرسُ للأُنثى كما الغُلامْ |
من بعد أسرها بقيدِ وَغدِ | بالعلم حازتْ صفةَ احترام |
يعيش إسماعيل رب المجد | على مدى الأجيال والأعوام |
وبالحنان الأبويِّ رتَّبا | تربيةَ البناتِ من عهد الصِّبا |
يقضين من حقِّ النهى ما وجبا | يحرزنَ عِلماً نافعاً وأدبا |
تشملهن منه عينُ الرشد | ونجدةُ العزمِ والاهتمام |
حتى يصلنَ بعقول النقدِ | لقوة التفهم والإفهام |
يعيش إسماعيل رب المجد | على مدى الأجيال والأعوام |
في عهده كلُّ الرعايا فرِحتْ | لأنه وَافى على ما اقترحتْ |
وروح جده بها انشرحتْ | كأنها من الضريحِ سَرحتْ |
مُضيئةَ الجبينِ فوقَ طودٍ | سامى الذرا عن سائر الأعلام |
تنظرُ من أعلى بغير عدِّ | عجائباً لم تُحصَ بالأقلام |
يعيش إسماعيل ربُّ المجدِ | على مدى الأجيال والأعوام |
نادتْ بالاستعجاب أيها الحفيدْ | ما أنت في كَسْب العلا إلا فريدْ |
ما أعجز الملوكَ في الدهر المديدِ | وافاك بالتدبير والفكر السديد |
أحييتَ مجداً من قَرارِ لِحد | وعِظَماً كان مع العِظامْ |
وهكذا النجلُ النجيبُ يُبدي | عظائمَ الأسلافِ باقتحام |
يعيش إسماعيل رب المجد | على مدى الأجيال والأعوام |
بمدحِك اهتزتْ ضروبُ النغمِ | انعشتْ الملوكُ بعدَ العدمِ |
لما رأوْا عجائبَ التقدمِ | إعجابهم ما كان بالمكتتمِ |
فاجتمعوا بالعودِ قبل العودَ | لينشدوا مدحاً على الأنغام |
وأجمعوا على مليكٍ فردِ | مؤيدٍ بالسلم والسلام |
يعيش إسماعيل رب المجد | على مدى الأجيالِ والأعوام |
عشْ في أمانِ الله يا أبهى أميرْ | مشرفاً تاج المعالي والسرير |
تاريخُ هذا الجيل والعصرِ الأخير | يدعُوك مع أعلى الملوك بالنظير |
أنت الوحيدُ في العلاَ والجد | وفي المساعي ثابتُ الأقدامِ |
عش في أمان اللهِ دون ضِدِّ | أعدْت عصرَ الذهب الإسلامي |
يعيش إسماعيل رب المجد | على مَدى الأجيال والأعوام |
عشْ في أمان الله يا من أعلى | لأهل مِصره مقاماً أعلى |
مذ كنتَ للرأفة فيهم أهلا | صرتَ من الأب الشفيق أولى |
فأنت للكل أبٌ في الودِّ | أنتَ الولي والنصيرُ الحامي |
بالرفق قد فقتَ وصدقِ الوعد | فصرتَ محبوباً لدى الأنام |
يعيش إسماعيل رب المجد | على مَدى الأجيال والأعوام |
تدعوكَ أوربا مع الرعايا | بنعمةِ الله على البرايا |
عطيةٌ من أجزالِ العطايا | إيطاليا قد حازتِ المزايا |
بِدرُ مَدحٍ للجناب تُهدى | لمحض إجلالٍ مع احتشامْ |
قد رام جمعَ أهلها يُؤدي | فرائضَ الحب بشعرٍ سامْ |
بعيش إسماعيل رب المجد | على مدى الأجيال والأعوام |
أهدوا إليك هذه الطرائِفا | فريدُ دُرٍّ في حِماك طائفا |
في ضمنه قد أودعوا لطائفا | تُحيرُ الألبابَ والمعارفا |
تجل عن تسويمها بنقدٍ | جواهراً بديعةَ النظام |
يسمو شعاعُ نورها الممتد | يَزْهو بنور وَجهك البسام |
يعيش إسماعيل رب المجد | على مدى الأجيال والأعوام |
لما عهدتَ الودَّ مني صَافيا | وصِدقَ حُبي في الجناب وافيا |
نظمتُ في المدح له قوافيا | إن تحظ بالقبولِ كان كافيا |
يُرضى المحبَّ في ارتباطِ الود | بشاهدٍ على الوداد النامي |
فشاهدُ الود كطعم الشهد | أو وَصْلِ حَبل العهدِ والذمام |
يعيش إسماعيل رب المجد | على مدى الأجيال والأعوام |