الطُبولَ الطُبولَ إِنا انتصرنا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
الطُبولَ الطُبولَ إِنا انتصرنا | فأريحوا قناً براها الطعانُ |
صحَّ حُلمِي وعاد لي أمرُ قَومي | وليَ الصَولجانُ والسُلطانُ |
قد ظَفِرنا دُقُّوا الطُبولَ وسيروا | مَوكِباً ناظراً اليه الزَمانُ |
مَوكِبَ المُقسِمينَ أن يأخذوا الحَقَّ | بحدِّ السيوفِ أو يَتَفانوا |
مَوكِبَ الظافرينَ ذا مَوكِبُ الحُبِّ | تُلاقيكُمُ عليه الحِسانُ |
يا غَواني كلِّلنَ بالزَهرِ والعَطفِ | رجالاً في الحربِ لم يَتَوانوا |
قبِّليني يا ربَّةَ الحُسنِ إِني | في وَغى الحُبِّ طائعٌ مِذعانُ |
وأُوارُ الهوى يَزيدُ اضطراماً | في ضُلوعي ويُسرِعُ الخَفَقانُ |
ذاكَ سَهمُ الغرامِ أَصمى فؤادي | فسَرَت في صَميمه النِيرانُ |
قبِّليني أيضاً كذا يَعذُبُ الحُبُّ | لقاءٌ فَقُبلةٌ واحتضانُ |
قبِّليني لا لا كفى ويكِ ما هذا | أثَغرُ الحبيبِ أم ثُعبانُ |
قُبُلاتٌ كأنها ألمُ الموتِ | وفي طَعمِها له ألوانُ |
أبعِدي ثَغرَكِ المُلظّى لَحاكَ | اللَهُ ثَغراً لم تَحوهِ الغِيلانُ |
أنا وحدي ترى أهذا مَنامٌ | آهِ لا إنَّ ما أراهُ العِيانُ |
ههنا ههنا لقد قبَّلَتني | ههنا الصَولجانُ لا بل سِنانُ |
نافذٌ في الحَشا لقد أحكمَ المَرمى | عَدُوِّي وخانَني الأقرانُ |
طَعنةٌ لو تَجِيئُني من أمامي | لهَوى من مَهابتي الطَعَّانُ |
قد دُحِرنا وفرَّ صَحبي وزالَ | الحُلمُ عني وهُدَّتِ الأركانُ |
ويلَ حُلمٍ صَدَّقتُه فإذا بالتاجِ | يَهوي وتُبرِزُ الأكفانُ |
خاب ظَنِّي تعالَ يا موتُ أسرِع | لستُ أرضى الحياةَ فيها الهَوانُ |
أقولُ وقد ناحت بِقُربي حَمامةٌ | ايا جارتا هل تشعُرين بحالي |
معاذَ الهَوى لا ذُقتِ طارقةَ النَّوى | ولا خَطَرَت منك الهُمومُ بِبالِ |
أيا جارتا ما أنصفَ الدَهرُ بيننا | تعالي أُقاسمكِ الهُمومَ تعالي |
أَيضحَكُ مَقتول وتبكي طليقةٌ | ويَسكتُ محزونٌ ويندُبُ سالِ |
لقد كنتُ أولى منكِ بالدَمع مُقلةً | ولكنَّ دَمعي في الحَوادثِ غالِ |
تعالي تَرَى رُوحاً لَديَّ ضعيفةً | تَرَدَّدُ في جسمٍ يُعذَّبُ بالِ |
ألا أيُّها النسرُ الذي جاء يبتغي | فريستَهُ أيَّ الولائمِ تنظُرُ |
ألا اصبر قليلاً إِنَّ فيَّ بقيَّةً | يَمُدُّ اليها الموتُ كفّاً وتَعسُرُ |
رُوَيدَكَ واعذُرني فإِنَّكَ جائعٌ | ومثلُكَ يا طَيَّارُ مَن كان يَعذُرُ |
أتيتَ الينا تطلُبُ القُوتَ والقِرى | فأهلاً بضيفٍ جاءنا ليس يُزجَرُ |
فدونَك شِلوي ذاك يا نَسرُ ما بَقِي | وأنتَ به يا جائعَ الجَوِّ أَجدَرُ |
فمزَّق ولا ترحَم فما أنتَ واترٌ | لتَثأرَ مني حينَ حَلَّ المُقدَّرُ |
لقد مزَّقَته الناسُ قبلك إخوتي | وأبناءُ عمِّي والعدوُّ المُكَشَّرُ |
وأَطلِق فؤاداً ذابَ في أَسر أضلُعي | عليه سلامُ اللَهِ كم كان يَصبِرُ |
رِفقاً مَلاكَ الموت رفقا | لو كنتَ ما ألقاهُ تلقى |
لَلوَيتَ وجهَك عن صَريعٍ | في حِياض اليأس مُلقى |
طالَ انتظارُكَ في الجِوارِ | تريدُ دَيناً مُستحِقَّا |
مَن ذا يُماطِلُ أو يَسومُ | اذا تقاضى الموتُ حَقَّا |
فإِليكَ رُوحي إِنَّها | لَوَدِيعةٌ ليست لِتَبقى |
خُذها إلى الخَلاقِ داميةً | وقُل ما كان أشقَى |
رُوحٌ تُحَشرِجُ ضمنَ جسمٍ | سامَها أسراً ورِقَّا |
يا رُوحُ لا تَستَعجِلي | فلأنتِ لي ما القلبُ دَقَّا |
مَهلاً ملاكَ الموتِ لا | تَغضَب فإنَّ البَينَ شَقَّا |
بَينٌ بلا أملِ اللِّقاءِ | وَسَفرَةٌ تَزدادُ سُحقا |
دَعني فأروي بالوَداعِ | حُشاشَةً في الصَدرِ حَرقي |
دَعني أُقلِّبُ ناظِري | ممتعاً غَرباً وشَرقا |
وأُودِّعُ الأفُقَ البعيدَ | فلن أرى ما بَعدُ أُفقا |
أينَ الأماني المُغرياتُ | المُحرِزاتُ الدَهرَ سَبقا |
أينَ الفوارِسُ والكُماةُ | وكيفَ ذا فَرُّوا وأبقى |
أوَّاهِ خانَتني الصِحابُ | وأَقسَموا الايمانَ صِدقا |
أينَ الغَواني طالما | كاشَفنَني وَجداً وعِشقا |
أعرَضنَ عني بعدما | ذَلَّلنَ لي في الحبِّ عُنقا |
وكَسَونني من بعدِ ثوبِ | الوَصلِ ثوبَ الغَدرِ خَلقا |
صَه يا لساناً مُظهِراً | ضُعفِي ولا جاوَرتَ حَلقا |
إِن أعرَضَت عني الحياةُ | فإِنَّ لي في الموتِ حَقَّا |
أسرِع ملاكَ الموتِ لا | تَرفَق فلا أحتاجُ رِفقا |
واقبِض فذا ثمنُ الحياةِ | أَفيكَهُ لأنالَ عِتقا |
أبنيَّتي لا تَجزَعي | كلُّ الأنامِ إلى ذَهابِ |
نُوحي عليَّ بحُرقةٍ | ما بين سِترِكِ والحِجابِ |
قُولي اذا ناديتني | وعَجَزتُ عن رَدِّ الجَوابِ |
زَينُ الشبابِ أبو فِراسٍ | لم يُمتَّع بالشبابِ |
يا موتُ يا مَلِكَ الحياةِ | وأميرَ كلِّ الكائناتِ |
يا ناثِرَ الشَملِ الجميع | وجامعاً كلَّ الشَتاتِ |
أُبسُط يديكَ وحُلَّ أسرَ | الروحِ من هذا الرُفاتِ |
خُذها اليك عَصيَّةً | سالت على حَدِّ الظُباتِ |
ألمُ الحياةِ لذي الحياةِ | أَشدُّ من ألَمِ المَماتِ |
هاتِ اعطِني حَقي الأخيرَ | فذاكَ من خَيرِ الهِباتِ |
قد كنتُ في أسرٍ ولم | أُفقَه وقد حانت نَجاتي |
إِنِّي أرى نُورَ الخُلودِ | يُضيءُ في كلِّ الجهاتِ |
فاطفِئ سِراجي واسدُلِ | السترَ الأخيرَ على حَياتي |