حَدَّثَ الشاعرُ عن نُورِ القَمَر
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
حَدَّثَ الشاعرُ عن نُورِ القَمَر | وافتِرارِ الليلِ عن ثغرِ السَحَر |
عن شُمُوسٍ سَطَعت أنوارُها | تَملأ الأرضَ سُروراً والبَشَر |
عن رِياضٍ فَتَحت أحضانَها | لعِناقِ الصَبِّ في ظِلِّ الشجَر |
عن جمالِ الغيدِ في فِتنَتِهِ | عافَ هاروتُ الخُلُودَ المُنتَظَر |
عن عُيونٍ حَلَّها سِحرُ الحَوَر | وخُدودٍ مَسَّها لُطفُ الخَفَر |
وقُدودٍ قد طَغى الحُسنُ بها | جائراً جَورَ اقتِدارٍ وظَفَر |
ينظُرُ الصَبُّ إِليها كَلِفاً | حَسبُهُ من نَظرَةٍ بعضُ الوَطَر |
عن نُفوسٍ ظَفِرَت في عَيشِها | بالذي يرجو مُحبّ قد صَبَر |
عن ليالٍ عَبَرَت ما عابَها | في التَلاقي والرِضى إِلّا القِصَر |
عن أمانٍ لألأت في لَيلِها | فاز راجِيها بها قبلَ السَحَر |
عن حياةِ المَجدِ والحبِّ كما | يَشتَهيها رَهطُ فرسانِ السَمَر |
عن جِنانٍ وُعِدَ الخَلقُ بها | وعلى كَوثَرِها نِعمَ المَقَرّ |
كلُّ هذا مُطرِبٌ تَسمَعُهُ | نفسُ مَحزونٍ فيُنسِيها الكَدَر |
وأنا أَحسِبُ نفسي شاعراً | جاشَ في قلبي عزِيفٌ من وَتَر |
وَتَرٌ واهٍ على ألحانِهِ | يَسكَرُ القَلب ويُفشِي ما سَتَر |
ضاقَ ذَرعاً بالأسى لكنَّهُ | ظَلَّ في كِتمانِهِ حتى انفَجَر |
فاسمَعُوا أناتِهِ تَروي لَكم | رَجعَ ما رَدَّدَهُ صوتُ الغِيَر |
عن ظلامِ العَيشِ عن سجنِ البقا | عن فَيافي التيهِ عن ظُلمِ القَدَر |
عن ليالي الوَيلِ عن قَطعِ الرَجا | عن دنوِّ البَينِ عن بُعدِ المَفّر |
عن خِداعٍ عن شَقاءٍ عن شَجا | عن فِراقٍ عن دُموعٍ عن سَهَر |
عن شَقيٍّ عن أبيٍّ عاثِرٍ | عن شَرِيدٍ عن نَبيٍّ مُحتَقَر |
عن فقيرٍ حاسدٍ طَيرَ السَما | عن طَريدٍ ما لَهُ العُمرَ مَقَرّ |
عن عَذاري بَذَلت أعراضَها | في سَبيلِ العَيش بِئسَ المُتَّجَر |
عن ديارٍ بعدَ مجدٍ خَمَلَت | وبَنُوها الصِيدُ صاروا في النَفَر |
ما بَقى من عِزٍّ أجدادٍ لهم | غيرُ ذِكرى مَن غَدا ضِمن الحُفَر |
عن وكم من أنَّةٍ في وَتَري | في صَداها عَنعَناتٌ عن خَبَر |
باطلاً تَرجُونَ لَحناً مُفرِحاً | قَطَّعَت أطرَبَ أوتاري العِبَر |
فَدعُوا قلبي معَ الباكِينَ في | مأتَمِ العَيشِ على حالِ البَشَر |