ترى ما انت ماذا فيك
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ترى ما انت ماذا فيك | من سِرٍّ ومن مَعنى |
أَطَرفةُ ناظرٍ أسمَى | يُقلِّبُ في الوَرى جَفنا |
فيُغمِضُ اذ يَرى الأرواحَ | أَسرى والوَرى رَهنا |
أمَ انتَ شَرارةٌ كُبرى | قُدِحتَ لتُرشِدَ المُضنى |
لِيَلمَح من خِلالِ السِترِ | حُسناً جَلَّ لن يَفنى |
فلم يَفطُن ولم يَحفِل | وظلَّ يُمارِس الحُزنا |
وبات بقِسمةٍ ضِئزى | يُناجي هندَ أو لُبنى |
تَرى من أنت هل رَب | هَبَطتَ الأرضَ للسُكنى |
سَترتَ بنارِ عاصفةٍ | سَنى اسمائِكَ الحُسنى |
أم انت نُزوعُ روحٍ ثائرٍ | عاتٍ أبي السَجنا |
ملاكٌ جطَّه الرَحمانُ | من أعلى إلى أدنى |
تحَمَّل نفيَه في الأرض | ثمَّ إلى العلا حَنَّا |
حَباهُ يأسُه بأساً | لجلجل والتظى حُزنا |
وحطَّمَ فَيدَه حَنَقاً | وطارَ مُيمَّما عَدنا |
يُؤمِّلُ أن سَيبلغُها | فيحظى أو إذَن يَفنى |
ترى مَن أنت يا بَرقاً | يُردِّدُ رَعدهُ اللَحنا |
أنورٌ آبقٌ تَبكيه | أرواح العُلى مُزنا |
أجُرحٌ في السَماءَِ ومن | تَعمَّدَ شَقَّها طَعنا |
أحقّ أنت أم شَكّ | أمَعنىً أنت أم مَبنى |
وما للَعينِ عالقةً | بنورك كلَّما عَنَّا |
وما للقلب يَخفُقُ إِن | رآكَ كأنه جُنَّا |
يَكادُ يطيرُ من قَفَصٍ | به يحيا ولا يَهنا |
أيَحسِبُ أَنَّك الحادي | تَحُثُّ الرَكبَ والظَّعنا |
أبرقاً في الدُجى جُنَّا | وغلغَل بعدَما أسنى |
تَملَّص فالتظى فانساب | يُورِثُ بعدَه الظَنا |
ترى اني مسيرُكَ ثائراً | مُستَعجِلاً أَنّي |
أتَقصِدُ أن تَطولَ الأوجَ | قُربَ العَرشِ أو أدنى |
أطالبَ بعضِ ما نَرجو | أظنُّك واحداً منّا |
فشوقُك لم يَزَل فينا | إلى الاسمى إلى الأسنى |
فمَهلاً ما بلغتَ مُنى | ولست بمُدرِكٍ شأنا |
ظَوَينا عالَمَ الأسرارِ | قبلَك نقصِدُ المَغنى |
وحَلَّقنا وغَلغَلنا | ونادينا وفتَّشنا |
وكم باباً طرقناه | وبالنجوى توسَّلنا |
وقلنا قد يُزاحُ السترُ | أوقد نَلحَقُ الظَعنا |
ونَبلُغُ مَرفأ الخُطواتِ | نُحرِقُ بعدَه السُفنا |
فيا لكِ خيبةً كانت | عَرفنا بعدها الحُزنا |
وعُدنا من حُدودِ الوَهمِ | لم نبلُغ وما عُجنا |
فحَسبُك كم تُؤرقُنا | تُمثلُ بعضَ ما كنَّا |
ستُدرِكُ بعضَ ما شِمنا | وتَرجِعُ مثلما عُدنا |
وتَخمُدُ شُعلةٌ كانت | تُنيرُ وتَلزَمُ السِّجنا |
أبرقاً في الدُجى أسرى | يجُرُّ وميضُهُ الرُدنا |
إذا جاوزت شأوَك في | السماءِ ولم تَنَل إذنا |
وقد قاربتَ حَدَّ الفصلِ | بينَ العَوجِ والمَثنى |
وضلَّ دليلكَ الهادي | فرُمتَ العَود أو تفنى |
تَرى آثارَ قافلةٍ | بها رُحنا كما عُدنا |
فعُد متَتبِّعاً خُطواتِنا | واجلِس هُنا مَعنا |
وحَدِّثنا وذكِّرنا | فإنك واحدٌ منَّا |
فقد كنَّا وما كنَّا | وأمسَينا وها إِنَّا |
بُروقٌ نارُها خَمدَت | نُراقِبُ في الدُجى وَهنا |
يقاظى نُبصِرُ الرؤيا | وعميانٌ نرى الحُسنا |
نعيشُ بذكرِ آمالٍ | فَتِيَّاتٍ وقد شِخنا |
تعالَ فإننا نرضى | بأحلامٍ بها هِمنا |
وإِن تكُ نازُك انطفأت | فإِنَّ الفكرَ لا يَفنى |