لا تَدعُ بي الشَوقَ إِني غَيرُ مَعمودِ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
لا تَدعُ بي الشَوقَ إِني غَيرُ مَعمودِ | نَهى النُهى عَن هَوى الهَيفِ الرَعاديدِ |
لَو شِئتُ لا شِئتُ راجَعتُ الصِبى وَمَشَت | فِيَّ العُيونُ وَفاتَتني بِمَجلودِ |
سَل لَيلَةَ الخَيفِ هَل أَمضَيتُ آخِرَها | بِالراحِ تَحتَ نَسيمِ الخُرَّدِ الغيدِ |
شَجَّجتُها بِلُعابِ المُزنِ فَاِغتَزَلَت | نَسجَينِ مِن بَينِ مَحلولٍ وَمَعقودٍ |
كِلا الجَديدَينِ قَد أُطعِمَتُ حَبرَتَهُ | لَو آلَ حَيٌّ إِلى عُمرٍ وَتَخليدِ |
أَهلاً بِوافِدَةٍ لِلشَيبِ واحِدَةٍ | وَإِن تَراءَت بِشَخصٍ غَيرِ مَودودِ |
لا أَجمَعُ الحِلمَ وَالصَهباءَ قَد سَكَنَت | نَفسي إِلى الماءِ عَن ماءِ العَناقيدِ |
لَم يَنهَني فَنَدٌ عَنها وَلا كِبَرٌ | لَكِن صَحَوتُ وَغُصني غَيرَ مَخضودِ |
أَوفى بِيَ الحِلمُ وَاِقتادَ النُهى طَلَقاً | شَأوى وَعِفتُ الصِبا مِن غَيرِ تَفنيدِ |
إِذا تَجافَت بِيَ الهِمّاتُ عَن بَلَدٍ | نازَعتُ أَرضاً وَلَم أَحفِل بِتَمهيدِ |
لا تَطَّبيني المُنى عَن جَهدِ مُطَّلَبٍ | وَلا أَحولُ لِشَيءٍ غَيرِ مَوجودِ |
وَمَجهَلٍ كَاطِّرادِ السَيفِ مُحتَجِزٍ | عَنِ الأَدِلّاءِ مَسجورِ الصَياخيدِ |
تَمشي الرِياحُ بِهِ حَسرى مُوَلَّهَةً | حَيرى تَلوذُ بِأَكنافِ الجَلاميدِ |
مُوَقَّفِ المَتنِ لا تَمضي السَبيلَ بِهِ | إِلّا التَخَلُّلَ رَيثاً بَعدَ تَجهيدِ |
قَرَيتُهُ الوَخدَ مِن خَطّارَةٍ سُرُحٍ | تَفري الفَلاةَ بِإِرقالٍ وَتَوخيدِ |
إِلَيكَ بادَرتُ إِسفارَ الصَباحِ بِها | مِن جِنحِ لَيلٍ رَحيبِ الباعِ مَمدودِ |
وَبَلدَةٍ ذاتِ غَولٍ لا سَبيلَ بِها | إِلّا الظُنونُ وَإِلّا مَسرَحُ السيدِ |
كَأَنَّ أَعلامَها وَالآلُ يَركَبُها | بُدنٌ تَوافى بِها نَذرٌ إِلى عيدِ |
كَلَّفتُ أَهوالَها عَيناً مُؤَرَّقةً | إِلَيكَ لَولاكَ لَم تُكحَل بِتَسهيدِ |
حَتّى أَتَتكَ بِيَ الآمالُ مُطَّلِعاً | لِليُسرِ عِندَكَ في سِربالِ مَحسودِ |
مِن بَعدِ ما أَلقَتِ الأَيّامُ لي عَرَضاً | مُلقى رَهينٍ لِحَدِّ السَيفِ مَصفودِ |
وَساوَرَتني بَناتُ الدَهرِ فَاِمتَحَنَت | رَبعي بِمُمحِلَةٍ شَهباءَ جارودِ |
إِلى بَني حاتِمٍ أَدّى رَكائِبَنا | خَوضُ الدُجى وَسُرى المَهرِيَّةِ القُودِ |
تَطوي النَهارَ فَإِن لَيلٌ تَخَمَّطَها | باتَت تَخَمَّطُ هاماتِ القَراديدِ |
مِثلَ السَمامِ بَعيداتِ المَقيلِ إِذا | أَلقى الهَجيرُ يَداً في كُلِّ صَيخودِ |
حَلَّت بِداوُدَ فَاِمتاحَت وَأَعجَلَها | حَذرُ النِعالِ عَلى أَينٍ وَتَحريدِ |
أَعطى فَأَفنى المُنى أَدنى عَطِيَّتِهِ | وَأَرهَقَ الوَعدَ نُجحاً غَيرَ مَنكودِ |
وَاللَهُ أَطفَأَ نارَ الحَربِ إِذ سُعِرَت | شَرقاً بِمُوقِدِها في الغَربِ داوُدِ |
لَم يَأتِ أَمراً وَلَم يَظهُر عَلى حَدَثٍ | إِلّا أُعينَ بِتَوفيقٍ وَتَسديدِ |
مُوَحَّدُ الرَأيِ تَنشَقُّ الظُنونُ لَهُ | عَن كُلِّ مُلتَبِسٍ مِنها وَمَعقودِ |
تُمنى الأُمورُ لَهُ مِن نَحوِ أَوجُهِها | وَإِن سَلَكنَ سَبيلاً غَيرَ مَورودِ |
إِذا أَباحَت حِمى قَومٍ عُقوبَتُهُ | غادى لَهُ العَفوُ قَوماً بِالمَراصيدِ |
كَاللَيثِ بَل مِثلُهُ اللَيثُ الهَصورُ إِذا | غَنّى الحَديدُ غِناءً غَيرَ تَغريدِ |
يَلقى المَنِيَّةَ في أَمثالِ عُدَّتِها | كَالسَيلِ يَقذِفُ جُلموداً بِجُلمودِ |
إِذا قَصّرَ الرُمحُ لَم يَمشِ الخُطا عَدَداً | أَو عَرَّدَ السَيفُ لَم يَهمُم بِتَعريدِ |
إِذا رَعى بَلَداً دانى مَناهِلَهُ | وَإِن بُنينَ عَلى شَحطٍ وَتَبعيدِ |
جَرى فَأَدرَكَ لَم يَعنُف بِمُهلَتِهِ | وَاِستَودَعَ البُهرَ أَنفاسَ المَجاويدِ |
آلُ المُهَلَّبِ قَومٌ لا يَزالُ لَهُم | رِقُّ الصَريحِ وَأَسلابُ المَذاويدِ |
مُظَفَّرونَ تُصيبُ الحَربُ أَنفُسَهُم | إِذا الفِرارُ تَمَطّى بِالمَحاييدِ |
نَجلٌ مَناجيبُ لَم يَعدَم تِلادُهُمُ | فَتىً يُرَجّى لِنَقضٍ أَو لِتَوكيدِ |
قَومٌ إِذا هَدأَةٌ شامَت سُيوفَهُمُ | فَإِنَّها عُقُلُ الكومِ المَقاحيدِ |
نَفسي فِداؤكَ يا داودُ إِذ عَلِقَت | أَيدي الرَدى بِنَواصي الضُمَّرِ القودِ |
داوَيتَ مِن دائِها كَرمانَ وَاِنتَصَفَت | بِكَ المَنونُ لِأَقوامٍ مَجاهيدِ |
مَلَأنَها فَزَعاً أَخلى مَعاقِلَها | مِن كُلِّ أَبلَخَ سامي الطَرفِ صِنديدِ |
لَمّا نَزَلتَ عَلى أَدنى بِلادِهِمُ | أَلقى إِلَيكَ الأَقاصي بِالمَقاليدِ |
لَمَستَهُم بِيَدٍ لِلعَفوِ مُتَّصِلٍ | بِها الرَدى بَينَ تَليينٍ وَتَشديدِ |
أَتَيتَهُم مِن وَراءِ الأَمنِ مُطَّلِعاً | بِالخَيلِ تَردى بِأَبطالٍ مَناجيدِ |
وَطارَ في إِثرِ مَن طارَ الفِرارُ بِهِ | خَوفٌ يُعارِضُهُ في كُلِّ أُخدودِ |
فاتوا الرَدى وَظُباتُ المَوتِ تَنشُدُهُم | وَأَنتَ نَصبُ المَنايا غَيرُ مَنشودِ |
وَلَو تَلَبَّثَ دَيّانٌ لَها رَوِيَت | مِنهُ وَلَكِن شَآها عَدوَ مَزؤودِ |
أَحرَزَهُ أَجَلٌ ما كادَ يُحرِزُهُ | فَمَرَّ يَطوي عَلى أَحشاءِ مَفؤودِ |
وَرَأسُ مِهرانَ قَد رَكَّبتَ قُلَّتَهُ | لَدناً كَفاهُ مَكانَ اللَيثِ وَالجيدِ |
قَد كانَ في مَعزِلٍ حَتّى بَعَثتَ لَهُ | أُمَّ المَنِيَّةِ في أَبنائِها الصيدِ |
أَجُنَّ أَم أَسلَمَتهُ الفاضِحاتُ إِلى | حَدٍّ مِنَ السَيفِ مَن يَعلَق بِهِ يودِ |
أَلحَقتَهُ صاحِبَيهِ فَاِستَمرَّ بِهِم | ضَربٌ يُفَرِّقُ ضَبّاتِ القَماحيدِ |
أَعذَرَ مَن فَرَّ مِن حَربٍ صَبَرتَ لَها | يَومَ الحُصَينِ شِعارٌ غَيرُ مَجحودِ |
يَومَ اِستَضَبَّت سِجِستانٌ طَوائِفَها | عَلَيكَ مِن طالِبٍ وِتراً وَمَحقودِ |
ناهَضتَهُم ذائِدَ الإِسلامِ تَقرَعُهُم | عَنهُ ثُلاثَ وَمَثنى بِالمَواحيدِ |
تَجودُ بِالنَفسِ إِذ أَنتَ الضَنينُ بِها | وَالجودُ بِالنَفسِ أَقصى غايَةِ الجودِ |
تِلكَ الأَزارِقُ إِذ ضَلَّ الدَليلُ بِها | لَم يُخطِها القَصدُ مِن أَسيافِ داودِ |
كانَ الحُصَينُ يُرَجِّي أَن يَفوزَ بِها | حَتّى أَخَذتَ عَلَيهِ بِالأَخاديدِ |
ما زالَ يَعنُفُ بِالنُعمى وَيَغمِطُها | حَتّى اِستَقَلَّ بِهِ عودٌ عَلى عودِ |
وَضَعتَهُ حَيثُ تَرتابُ الرِياحُ بِهِ | وَتَحسُدُ الطَيرَ فيهِ أَضبُعُ البيدِ |
تَغدو الضَواري فَتَرميهِ بِأَعيُنِها | تَستَنشِقُ الجَوَّ أَنفاساً بِتَصعيدِ |
يَتبَعنَ أَفياءَهُ طَوراً وَمَوقِعَهُ | يَلَغنَ في عَلَقٍ مِنهُ وَتَجسيدِ |
فَكانَ فارِطَ قَومٍ حانَ مَكرَعُهُم | بِأَرضِ زاذانَ شَتّى في المَواريدِ |
يَومَ جُراشَةَ إِذ شَيبانُ موجِفَةٌ | يَنجونَ مِنكَ بِشِلوٍ مِنهُ مَقدودِ |
زاحَفتَهُ بِاِبنِ سُفيانَ فَكانَ لَهُ | ثَناءُ يَومٍ بِظَهرِ الغَيبِ مَشهودِ |
نَجا قَليلاً وَوافى زَجرُ عائِفِهِ | بِيَومِهِ طَيرَ مَنحوسٍ وَمَسعودِ |
وَلّى وَقَد جَرَعَت مِنهُ القَنى جُرَعاً | حَيَّ المَخافَةِ مَيتاً غَيرَ مَوؤودِ |
زالَت خُشاشَتُهُ عَن صَدرِ مُعتَدِلٍ | داني الكُعوبِ بَعيدَ الصَدرِ أُملودِ |
إِذا السُيوفُ أَصابَتهُ تَقَطَّعَ في | سُرادِقٍ بِحَوامي الخَيلِ مَمدودِ |
يَفدي بِما نَحَلَتهُ مِن خِلافَتِهِ | حُشاشَةَ الرَكضِ مِن جَرداءَ قَيدودِ |
حَلَّ اللِواءَ وَخالَ الخِدرَ عائِذَهُ | فَعاذَ بِالخِدرِ تِربُ الكاعِبِ الرُوَدِ |
وَإِن يَكُن شَبَّها حَرباً وَقَد خَمَدَت | فَنائِياً حَيثُ لا هَيدٍ وَلا هيدِ |
كُلٌّ مَثَلتَ بِهِ في مِثلِ خُطَّتِهِ | قَتلاً وَأَضجَعتَهُ في غَيرِ مَلحودِ |
عافوا رِضاكَ فَعاقَتهُم بِعَقوَتِهِم | عَنِ الحَياةِ مَناياهُم لِمَوعودِ |
وَأَنتَ بِالسِندِ إِذ هاجَ الصَريخُ بِها | وَاِستَنفَدَت حَربُها كَيدَ المَكاييدِ |
وَاِستَغزَرَ القَومُ كَأساً مِن دِمائِهِمُ | وَأَحدَقَ المَوتُ بِالكُرّارِ وَالحيدِ |
رَدَدتَ أَهمالَها القُصوى مُخَيَّسَةً | وَشِمتَ بِالبيضِ عَوراتِ المَراصيدِ |
كُنتَ المُهَلَّبَ حَتّى شَكَّ عالِمُهُم | ثُمَّ اِنفَرَدتَ وَلَم تُسبَق بِتَسويدِ |
لَم تَقبَلِ السِلمَ إِلّا بَعدَ مَقدِرَةٍ | وَلا تَأَلَّفتَ إِلّا بَعدَ تَبديدِ |
حَتّى أَجابوكَ مِن مُستَأمِنٍ حَذِرٍ | راجٍ وَمُنتَظِرٍ حَتفاً وَمَثمودِ |
أَهدى إِلَيكَ عَلى الشَحناءِ أُلفَتَهُم | مَوتٌ تَفَرَّقَ في شَتّى عَباديدِ |
وَفي يَدَيكَ بَقايا مِن سَراتِهِمُ | هُمُ لَدَيكَ عَلى وَعدٍ وَتَوعيدِ |
إِن تَعفُ عَنهُم فَأَهلُ العَفوِ أَنتَ وَإِن | تُمضِ العِقابَ فَأَمرٌ غَيرُ مَردودِ |
إِسمَع فَإِنَّكَ قَد هَيَّجتَ مَلحَمَةً | وَفَدتَ مِنها بِأَرواحِ الصَناديدِ |
اِقذِف أَبا مَلِكٍ فيها يَكُنكَ بِها | وَيَسعَ فيها بِجَدٍّ مِنكَ مَجدودِ |
يَمضي بِعَزمِكَ أَو يَجري بِشَأوِكَ أَو | يَفري بِحَدِّكَ كَلٌّ غَيرُ مَحدودِ |
لا يَعدَمنَكَ حِمى الإِسلامِ مِن مَلِكٍ | أَقَمتَ قُلَّتَهُ مِن بَعدِ تَأويدِ |
كَفَيتَ في المُلكِ حَتّى لَم يَقِف أَحَدٌ | عَلى ضَياعٍ وَلَم يَحزَن لِمَفقودِ |
أَعطَيتَهُم مِنكَ نُصحاً لا كَفاءَ لَهُ | وَأَيَّدوكَ بِرُكنٍ غَيرَ مَهدودِ |
لَم يَبعَثِ الدَهرُ يَوماً بَعدَ لَيلَتِهِ | إِلّا اِنبَعَثتَ لَهُ بِالبَأسِ وَالجودِ |
أَجرى لَكَ اللَهُ أَيّامَ الحَياةِ عَلى | فِعلٍ حَميدٍ وَجَدٍّ غَيرِ مَنكودِ |
لا يَفقِدِ الدينُ خَيلاً أَنتَ قائِدُها | يُعهَدنَ في كُلِّ ثَغرٍ غَيرِ مَعهودِ |
مُحَمَّلاتٍ إِذا آبَت غَنائِمُها | وَمُقدِماتٍ عَلى نَصرٍ وَتَأيِيدِ |
هُناكَ أَنَّكَ مَغدى كُلِّ مُلتَمِسٍ | جوداً وَأَنَّكَ مَأوى كُلِّ مَطرودِ |
تَستَأنِفُ الحَمدَ في دَهرٍ أَوائِلُهُ | مَوسومَةٌ بِفَعالٍ مِنكَ مَحمودِ |
إِذا عَزَمتَ عَلى أَمرٍ بَطَشتَ بِهِ | وَإِن أَنَلتَ فَنَيلاً غَيرَ تَصريدِ |
عَوَّدتَ نَفسَكَ عاداتٍ خُلِقتَ لَها | صِدقَ الحَديثِ وَإِنجازَ المَواعيدِ |