يا لَيلَةً نِلتُ فيها اللَهوَ وَالوَطَرا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
يا لَيلَةً نِلتُ فيها اللَهوَ وَالوَطَرا | كُرّي عَلَينا وَإِلّا فَاِطرُدي الذِكَرا |
لَمّا اِلتَقَينا اِفتَرَعنا في تَعاتُبِنا | مِنَ الحَديثِ وَمِن لَذّاتِهِ العُذَرا |
إِذا اِستَتَرنا بِسِترِ اللَيلِ بادَرَنا | كَيما يَرانا عَمودُ الصُبحِ فَاِنفَجَرا |
قالَت أَأَقرَرتَ بِالإِجرامِ قُلتُ نَعَم | لَو كانَ جُرمي عَلى الإِقرارِ مُغتَفَرا |
سَأَدَّعي ذَنبَ غَيري كَي يُصَدِّقَني | مَن لا أُرَجّي لَدَيهِ العَفوَ إِن قَدَرا |
قَد أَولَعَتهُ بِطولِ الهَجرِ غِرَّتُهُ | لَو كانَ يَعلَمُ طولَ الهَجرِ ما هَجَرا |
ما تُغمِضُ العَينُ مُذ غُلِّقتُ حُبَّكُمُ | إِلّا إِذا خالَسَها عَينُكَ النَظَرا |
أَسهَرتُموني أَنامَ اللَهُ أَعيُنَكُم | لَسنا نُبالي إِذا ما نِمتِ مَن سَهِرا |
فَاِستَضحَكَت ثُمَّ قالَت لا تَكُن نَزِقاً | وَاِكتُم حَديثِكَ لا تُعلِم بِهِ بَشَرا |
فَقَد غَفَرتُ لَكَ الذَنبَ الَّذي زَعَموا | لا بارَكَ اللَهُ فيمَن بَعدَ ذا غَدَرا |
وَقَصَّرَ اللَيلُ عَن حاجاتِ أَنفُسِنا | كَذاكَ لَيلُ التَلاقي رُبَّما قَصُرا |
قامَت تَمَشّى الهُوَينا نَحوَ قُبَّتِها | وَقُمتُ أَمشي خَفِيَّ الشَخصِ مُستَتِرا |
لَمّا بَدا القَمَرُ اِستَحيَت فَقُلتُ لَها | بَعضَ الحَياءِ فَإِنَّ الحُبَّ قَد ظَهَرا |
أَلقَت عَلى وَجهِها هُدّابَ خامَتِها | وَنازَعَتني بِكَأسِ الوَحشَةِ الخَفَرا |
تُكاتِمُ القَمَرَ الوَجهَ الَّذي ضَمِنَت | وَالوَجهُ مِنّها تَرى في مائِهِ القَمَرا |
ثُمَّ اِفتَرَقنا فَضَمَّنّا سَرائِرَنا | دونَ القُلوبِ وَفاءَ العَهدِ وَالخَطَرا |
لَم نَأمَن اللَيلَ حَتّى حينَ فُرقَتِنا | كَأَنَّما اللَيلُ يَقفو خَلفَنا الأَثَرا |
قالوا اِشتَهَرتَ فَقُلتُ الحُبُّ صاحِبُهُ | مَن لا يَزالُ بِهِ في الناسِ مُشتَهِرا |
وَرُبَّ يَومٍ بِيَومِ اللَهوِ مُتَعَجِرٍ | خَلَعتُ فيهِ إِلى لَذّاتِهِ العُذُرا |
وَكَأسِ راحٍ يُميتُ الهَمَّ شارِبُها | باكَرتُها وَرِداءُ اللَيلِ قَد حَسَرا |
صَبَّ المِزاجُ عَلَيها الحَلى فَاِضطَرَبَت | كَأَنَّ في حافَتَيها الدُرَّ وَالشِذَرا |