أستمرُّ، |
واقفاً أعدُّ التوابيتَ الَّتِيْ لم تعد لقامتي، |
أستمرُّ، |
في الكتابةِ ضدَّ الْهَوَاْءِ المؤرَّخ، |
في محاصرةَ الماضي الهاربِ من تابوتِه، |
في الالتجاء إلى الكنايةِ الغائبة، |
في انتظارِ المرشَّحينَ للنسيانِ، |
أستمرُّ. |
لو انَّ لي غيرَ هذا القلب، |
أستمرُّ، |
في التورِّطِ بغابة غيابك، |
في حراسةِ دميةِ النسيان، |
في فواتكِ المستمرِّ، |
أستمرُّ. |
لو انَّ لي جسدينِ، |
أستمرُّ |
بأحدهما بانتظارك، |
وبالآخر، |
أستمرُّ في ملاحقةِ ازدحامك. |
أستمرُّ |
في النهوض من النوم قبلَ أحْلاْميْ. |
بلا حريقٍ يلتقطُ صُوْرَةً لاحتجاجي. |
أستمرُّ، |
لأنَّ ظلالَ الميـِّتينَ تخيطـُ لي أيامي |
لأنـَّـني ـ على الدوام ـ فخٌّ يهربُ، |
حيْثُ أمكنةٌ تعوي وقربها ظلامٌ يتكسَّر، |
حيْثُ أحْلاْميْ تتلفـَّتُ، |
ولا عناوينَ في الكلمات توصلني إليها. |
أستمرُّ، |
مُـنـْـدفعاً إلى الشَّموعِ الَّتِيْ تعطـِّر المدافنَ |
معها حينَ يغادرُ الزائرونَ، |
أستمرُّ بلا زائرين، |
بلا حاشية تمجـِّدُ زُهُوْريْ الَّتِيْ تروِّضُ النارَ، |
بلا ظلامٍ يوصلني إلى بَرِيْدِكِ، |
بلا مناديلَ تلـوِّحُ للسِّطوح، |
بلا هزائمَ تشغلني عنْ تعقـُّبِ هزيمتي. |
مرتدَّاً إليَّ، |
أستمرُّ، |
إلى أوَّل النسيان، |
إلى أنْ تستعيدَ الذكرى سوادَها، |
إلى انهدام العصافير فوق البنايات، |
إلى تأخري عن ملاحقة ندمي، |
إلى اكتمال الغيمة في رحم الغابة، |
أستمرُّ. |
ملغوماً بريعِ أخطائي، |
أستمرُّ |
ضدَّ أسلحةٍ تبكي، |
ضدَّ تعاليمِ موتي، |
ضدَّ ماضيَّ الواقفِ تحتَ سَمَاْءٍ بلا إشاعاتٍ، |
ضدَّك، جالسةً يباغتكِ صراخُ غيابي، |
ضدَّ تذكـُّرٍ معتمٍ يتعثـَّرُ بهِ نسياني الهارب، |
ضدَّ مرآةٍ تتنفـَّسُ عريَكِ المشاغب. |
متعثـراً بخطبةِ الخيالِ الواقفِ في المَمَرِّ |
أستمرُّ، |
ينقـُصني كلُّ ما لم أحصلْ عليه، |
لكي أعرِّفَ الحاضرَ بالندم، |
لكي أخسرَ ـ دائماً ـ كلَّ ما لم أحصل عليه. |
أمامَ عاصفةٍ تندفعُ ولا قدرةَ لي على إرجاعها، |
أستمرُّ، |
متكئاً على كلامٍ خائفٍ، |
دائماً، كآخر النسيان، |
أستمرُّ، كمستقبلٍ هاربٍ وأقدامهُ تحرثُ الذكرى، |
أستمرُّ |
متأخراً عن مـُدنٍ تستبدلُ سَمَاْءَهَاْ. |
أستمرُّ. |
دائماً كالتوابيت الغريبة، |
أتلفـَّتُ لعراك أعيادي في الصحراء، |
كخيبة المفاتيح، |
أستمرُّ |
كأمطارٍ ترقـِّعُ الذكرياتِ بأزهارٍ صدئة. |
أستمرُّ، |
مـْصْغياً إلى جثـَّة المحاربِ الَّتِيْ يفزعها المطر، |
وخلفَ نظـارةِ الْمَوْتَىْ، |
أبـْحثُ |
عن ذكرياتٍ لإيواءِ أيامي. |
أستمرُّ وحيداً، |
أبحثُ في المرآة عن جثـَّة السَمَاْءِ، |
ترتعدُ الأرْضُ، |
أسقطـُ |
على الأجـْراسِ الَّتِيْ تـُطيـِّرُ الخديعةََ، |
أستمرُّ… |