قرأت اسمي على صخرة |
هنا في وحشة الصحراء |
على آجرّة حمراء |
على قبر فكيف يحس إنسان يرى قبره |
يراه و إنه ليحار فيه |
أحيّ هو أم ميت ؟ فما يكفيه |
أن يلقى له ظلا على الرمال |
كمئذنة معفّرة |
كمقبرة |
كمجد زال |
كمئذنة تردد فوقها اسم الله |
و خطّ اسم الله فيها |
و كان محمد نقشا على آجرّة خضراء |
يزهو في أعاليها |
فأمشي تأكل الغبراء |
و النيران من معناه |
و يركله الغزاة بلا حذاء |
بلا قدم |
و تنزف منه دون دم |
جراح دونما ألم |
فقد مات |
و متنا فيه من موتى و من أحياء |
فنحن جميعنا أموات |
و أنا و محمد و الله |
و هذا قبرنا أنقاض مئذنة معفرة |
عليها يكتب اسم محمد و الله |
على كسر مبعثرة |
من الآجرّ و الفخّار |
فيا قبر الإله على النهار |
ظل لألف حربة و فيل |
و لون أبرهة |
و ما عكسته منه يد الدليل |
و الكعبة المحزونة المشوّهة |
قرأت اسمي على صخرة |
على قبرين بينهما مدى أجيال |
يجعل هذه الحفرة |
تضم اثنين جد أبي و محض رمال |
و محض نثارة سوداء منه استنزلا قبره |
و إياي ابنه في موته و المضغة الصلصال |
و كان يطوف من جدّي |
مع المدّ |
هتاف يملأ الشطآن يا ودياننا ثوري |
و يا هذا الدم الباقي على الأجيال |
يا إرث الجماهير |
تشظّ الآن و اسحق هذه الأغلال |
و كالزلزال |
هزّ النير أو فاسحقه و اسحقنا مع النير |
و كان إلهنا يختال |
بين عصائب الأبطال |
من زند إلى زند |
و من بند إلى بند |
إله الكعبة الجبّار |
تدرع أمس في ذي قار |
بدرع من دم النعمان في حافاتها آثار |
إله محمد و إله آبائي من العرب |
تراءى في جبال الريف يحمل راية الثوّار |
و في يافا رآه القوم يبكي في بقايا دار |
و أبصرناه يهبط أرضنا يوما من السحب |
جريحا كان في أحيائنا يمشي و يستجدي |
فلم نضمد له جرحا |
و لا ضحّى |
له منا بغير الخبز و الأنعام من عبد |
و أصوات المصلين إرتعاش من مراثيه |
إذا سجدوا ينز دم |
فيسرع بالضماد فم |
بآيات يغضّ الجرح منها خير ما فيه |
تداوي خوفنا من علمنا أنا سنحييه |
إذا ما هلل الثوار منا نحن نفديه |
أغار من الظلام على قرانا |
فأحرقهن سرب من جراد |
كأن مياه دجله حيث و لى |
تنم عليه بالدم و المداد |
أليس هو الذي فجأ الحبالى |
قضاه فما ولدن سوى رماد |
و أنعل بالأهلة في بقايا |
مآذنها سنابك من جواد |
و جاء الشام يسحب في ثراها |
خطى أسدين جاعا في الفؤاد |
فأطعم أجوع الأسدين عيسى |
وبل صداه من ماء العماد |
و عضّ نبيّ مكه فالصحارى |
كل الشرق ينفر للجهاد |
** |
أعاد اليوم كي يقتص منا أنا دحرناه ؟ |
وإن الله باق في قرانا ماقتلناه ؟ |
ولا من جوعنا يوما أكلناه ؟ |
ولابالمال بعناه ؟ |
كما باعوا |
إلههم الذي صنعوه من ذهب كدحناه |
كما أكلوه إذ جاعوا |
إلههم الذي من خبزنا الدامي جبلناه |
وفي باريس تتخذ البغايا |
وسائدهن من ألم المسيح |
وبات العقم يزرع في حشاها |
فم التنين يشهق بالفحيح |
ويقذف من حديد في حمانا |
جحافل كالفوارس دون روح |
تجد وراء مكة في الصياصي |
أقمناها ويثرب في السفوح |
قرأت اسمي على صخرة |
وبين اسمين في الصحراء |
تنفس عالم الأحياء |
كما يجري دم الأعراق بين النبض والنبض |
ومن آجرة حمراء ماثلة على حفرة |
أضاء ملامح الأرض |
بلا ومض |
دم فيها فسماها |
لتأخذ منه معناها |
لأعرف أنها أرضي |
لأعرف أنها بعضي |
لأعرف أنها ماضيي لا أحياه لولاها |
وأني ميت لولاه أمشي بين موتاها |
أذاك الصاخب المكتظ بالرايات وادينا ؟ |
أهذا لون ماضينا |
نضوّأ من كوى الحمراء |
ومن آجرة خضراء |
عليها تكتب اسم الله بقيا من دم فينا |
أنبر من أذان الفجر |
أم تكبيرة الثوار |
تعلو من صياصينا |
تمخّضت القبور لتنشر الموتى ملايينا |
وهبّ محمد وإلهه العربي والأنصار |
إن إلهنا فينا |