أرشيف الشعر العربي

ابنة الفجر

ابنة الفجر

مدة قراءة القصيدة : 4 دقائق .
أنا إن أغمض الحِمامُ جفوني ودوى صوت مصرعي في المدينة
و تمشي في الأرض دارا فدارا فسمعت دويّه ورنينه
لا تصيحي واحسرتاه لئلّا يدرك السّامعون ما تضمرينه
و إذا زرتني و أبصرت وجهي قد محا الموت شكّه و يقينه
و رأيت الصّحاب جاثين حولي يندبون الفتى الذي تعرفينه
و تعال العويل حولك ممّن مارسوه و أصبحوا يحسنونه
لا تشقي على ثوبك حزنا لا و لا تذرفي الدموع السخينه
غالبي اليأس و أجلسي عد نعشي بسكون ، إنّي أحبّ السّكينه
إنّ للصمت في المآتم معنى تتعزّى به النّفوس الحزينة
و لقول العذّال عنك (بخيل ) هو خير من قولهم ( مسكينة )
و إذا خفت أن يثور بك الوجد فتبدو أسرارنا المكنونه
فارجعي و اسكبي دموعك سرّا و امسحي باليدين ما تسكبينه

***

يا ابنة الفجر من أحبّك ميّت و لأنت بمثل هذا مهينه
زايل النور مقلتيه و غابت تحت أجفانه المعني المبينه
فأصيخي ! هل تسمعين خفوقا كنت قبلا في صدره تسمعينه ؟
وانظري ثمّ فكّري كيف أمسى ليس يدري عدوّه من و خدينه
ساكتا لا يقول شيئا و لا يس مع شيئا و ليس يبصر دونه
لا يبالي أأودعوه الثريا أم رموه في حمأة مسنونه
و إذا الحارسان ناما عياء و رأيت أصحابه يتركونه
فتعالى و قبّلي شفتيه و يديه و شعره و جبينه
قبل أن يسدل الحجاب عليه و يوارى عنك فلا تبصرينه
واحذري أن نراك عين رقيب و لئن كان رجل ما تحذرينه
فاذا ما أمنت لا تتركيه قبلما يفتح الصّباح جفونه

***

و إذا السّاعة الرّهيبة حانت و أريت حرّاسه يحملونه
و سمعت النّاقوس يقرع حزنا فيردّ الوادي عليه أنينه
زوّدي الرّاحل الذي مات وجدا بالذي زوّد الغريق السفينة
نظرة تعلم السماوات منها أنّه مات عن فتاة أمينه

***

طوت الأرض من طوى الأرض حيّا و علاه من كان بالأمس دونه
و اختفى في التراب وجه صبيح و فؤاد حرّ و نفس مصونه
و إذا ما وقفت عند السّواقي و ذكرت وقوفه و سكونه
حيث أقسمت أن تدومي على العه د و آلى بأنّه لن يخونه
حيث علّمته القريض فأمسى يتغنّى كي تسمعي تلحينه
فاذكريه مع البروق السّواري واندبيه مع الغيوث الهتونه
و إذا ما مشيت في الروض يوما ووطأت سهوله و حزونه
و ذكرت مواقف الوجد فيه عندما كنت بالهوى تغرينه
حيث علّمته الفتون فأضحى يحسب الأرض كلّها مفتونه
حيث وسّدته يمينك حتّى كاد ينسى شماله و يمينه
حيث كنت و كان يسقيك طورا من هواه و تارة تسقينه
حتّى حاك الربيع للروض ثوبا كان أحلى لديه لو ترتدينه
فالثمي كلّ زهرة فيه إنّي كنت أهوى زهوره و غصونه
ثمّ قولي للطير : مات حبيبي ! فلماذا يا طير لا تبكينه !

***

و إذا ما جلست وحدك في اللّي ل و هاجت بك الشّجون الدّفينه
و رأيت الغيوم تركض نحو الغر ب ركضا كأنّها مجنونه
و لحظت من الكواكب صدا و نفارا و في النسيم خشونه
فغضبت على اللّيالي البواقي و حننت إلى اللّيالي الثّمينه
فاهجري المخدع الجميل وزوري ذلك القبر ثمّ حيّي قطينه
وانثري الورد حوله و عليه واغرسي عند قلبه ياسمينه

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (إيليا أبو ماضي) .

الى الصديق

أما أنا ...

رؤيا ثانية

الرزء الأليم

سقوط ارضروم


ساهم - قرآن ٣