امتنان
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ما لقلبي يلجّ في الخفقان | لا أنا عاشق و لا أنا جان |
أبتغي أن أقول شيءا فيعصاني | لساني ، و السحر تحت لساني |
أنا كالطائر الذي اندفق السحر | عليه فغصّ بالألحان |
أو كفلك في البحر أوفى عليها | عارض بعد عارض هتّان |
غلبتني عواطف الصّحب حتّى | صرت في حاجة إلى ترجمان |
أين في موكب القريض لوائي | قد طواه بيانهم و طواني |
أيّها المادحون خمري رويدا | منكم الخمرة التي في دناني |
من أنا ؟ ما صنعت ؟ كي تعصبوا بالتاج | رأسي و أيّ شأن شأني ؟ |
لا افتخار لنحلة حقلا | فعادت من زهرة بالمجّاني |
أنا من روضكم قطفت أزاهيري ، | و من بحركم غرفت جماني |
إن أكن فرقدا فأنتم سمائي | أو هزارا فأنتم بستاني |
أيّ بدع إن أخرج الحقل للناس | صنوف النبات في نيسان ؟ |
ليس لي من قصائدي غير أوزان ، | و ليست أصيلة أوزاني |
أصدق الشعر في الحياة و فيكم | ليس غير الأظلال في ديواني |
... | |
ما هو الشعر ؟ . إنّني ما رأيت | اثنين إلاّ وفيه يختصمان |
قال قوم " وحيّ ينزّله الله | " و قوم " نفث من الشيطان " |
ضلّ هذا وذا ، فما حفز الانسان | شيء للشعر كالإنسان |
يعشق المرء ذاته في سواه | و يحبّ " الإنسان " في الأكوان |
أنا من أجله بنيت قصوري | و فرشت الدروب بالرّيحان |
أنا من أجله سكبت خموري | وشددت الأوتار في عيداني |
أنا من أجله رجعت من الروضة | في راحتيّ بالألوان |
و استعرت التهليل من جدول | الوادي ، و ضحك الرضى من الغدران |
و من الشمس في الأئل | و الإصباح ذوب اللّجين و العقيان |
و حملت الجلال من أرض ( سوريا ) | إليه و السحر من لبنان ) |
نحن أهل الخيال أسعد خلق | الله في حالة الحرمان |
كم زهدنا بثروة من نضار | قنعنا بثروة من أماني |
وانطوينا موكب من ضياء | و سطعنا في غمرة من دخان |
نتراءى على الصعيد صعاليك | و لكن أرواحنا في العنان |
إن ظمئنا وعزّ أن نرد الماء | روانا تصوّر الغدران |
و إذا غابت النجوم اهتدينا | بالرؤى ، بالرجاء ، بالإيمان |
لا يعدّ الورى علينا اللّيالي | نحن قوم نعيش في الأزمان |
... | |
ردّ عنّي الكؤوس ، يا أيّها السّاقي ، | فروحي نشوى بخمر المعاني |
بالقوافي ( جداولا ) من وفاء | و الأغاني ( خمائلا ) من حنان |
زهد الناس حين دارت عليهم | بالتي في كؤوسهم و القناني |
... | |
أيّها اللّيل أنت أبهى من الفجر | و إن كنت أسود الطيلسان |
بالوجوه الزهراء ، بالأنفس السمحاء ، | من يعرب و من غسّان |
بملوك البيان ، بالأدب الرائع ، | بالمنشدين ، بالألحان |
بالغواني ، فديتهنّ ، فأسمي الشعر | و الفنّ في الحياة الغواني |
هذه الشمس هل رأى الناس | وجها مثلما في البهاء و اللّمعان |
تتجلّى لنا على اليسر و العسر | و نمشي في نورها الفتّان |
قد نسينا شعاعها و سناها | عندما أشرقت وجوه الحسان |
قسّم الدهر - أنت ، يا ليل ، شطر | من حياتي ، و العسر شطر ثان |
أنت عصر مستجمع في سويعات ، | ودنيا رحيبة في مكان |
قد تلاقت فيك القلوب على الحبّ | تلاقي الأجفان بالأجفان |
لا تقولوا دقائق و ثوان | ذاهيات فالعمر هذي الثّواني |
... | |
أنا ما عشت سوف أذكر بالشّكر | جميل الرّفاق و الأخوان |
و إذا متّ في غد فسيأتيكم | ثنائي من ظلمة الأكفان |