أفاتحة أم ختام
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
قالها في رثاء الاسقف | عمانوئيل أبو حطب |
ما وعظ الإنسان مثل الحمام | فليتّعظ بالصّمت أهل الكلام |
أفصح من كلّ فصيح بنا | هذا الذي أعياه ردّ السلام |
إنّي أراه وهو صمته | أروع من جيش كبير لهام |
نامت جفون سهرت للعلى | من قبل أن ينجاب جنح الظلام |
وسكن الوّثاب في صدره | من قبل أن يدرك كلّ المرام |
يا لهفة القوم على كوكب | لاح قليلا واختفى في الغمام |
ولهفة الدّين على سيّد | كان يرّجى في الخطوب الجسام |
وصاحب قد كان في صحبه | كالروض فيه أرج وابتسام |
ما غاب عنّا وكأنّي به | يفصله عن صحبه ألف عام |
من الذي يطفىء من بعده | في المهج الحرّى ذكي الضرام؟ |
من الذي يمسح دمع الأسى | وماسح الأدمع تحت الرغام؟ |
يا نائما مستغرقا في الكرى | خطبك قد أقلق حتى النيام |
خبّر، فإنّ القوم في حيرة | هل الرّدى فاتحه أم ختام |
وهل صحيح أنّ كلّ المنى | يطحنها صرف الرّدى كالعظام ؟ |
وهل حقيق أنّ أهل العلى | والفضل بعد الموت مثل الطغام؟ |
أم بعد هذا يقظة حلوة | ينسى بها المرء الشقا والسّقام؟ |
ويصبح النابه في مأمن | من عنت المال وعيث الحسام؟ |
وتستوي الحالات في حالة | لا حيف فيها، لا أذى ، لا انتقام؟ |
خبّر، وحدّث، كلّنا حائر | ذو الجهل منّا والأريب الهمام |
لأيّما أمر يعيش الورى ؟ | لأيّما أمر يموت الأنام؟ |
وأين دار ليس فيها شقا | إن لمتكن هاتيك دار السلام؟ |
نم آمنا، فالمرء بعد الردى | كالفكر ، لا يزرى به ، لا يضام |