أرشيف المقالات

أين عشاق البيوت في الجنة؟

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
أين عشاق البيوت في الجنة؟

أيها المسلم الكريم، السنن الرواتب هي السنن التي يصلِّيها المسلم مع الفرائض الخمس، وهي منَّة من الله عز وجل، ويجب المحافظة عليها، وعدم تضييعها، لِما لها من الفائدة والنفع العظيم في الدنيا والآخرة.
 
وهذه السنن تقسم إلى سنن مؤكدة وغير مؤكدة، وتؤدى قبل صلاة الفريضة أو بعدها.
 
أما المؤكدة، فهي ما واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتركها، وعددها اثنتا عشرة ركعة، وهي التي أخبر عنها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وبيَّن ثواب المحافظ عليها بأن الله يبني له بيتًا في الجنة، فعن أُمِّ حَبِيبَةَ (رضي الله عنها)، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الجَنَّةِ: أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْفَجْرِ صَلاَةِ الْغَدَاةِ))[1].
 
وفي صحيح مسلم قالت أُمُّ حَبِيبَةَ (رضي الله عنها): سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: ((مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ))، قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم[2].
 
وإن آكد هذه السنن سنة الفجر، فنبينا صلى الله عليه وسلم حافظ عليها، ولم يتركها في سفره ولا في حضره، فهما خيرٌ من الدنيا وما فيها.
 
أما غير المؤكدة: فهي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها أحيانًا ويتركها أخرى، وهي: أربع ركعاتٍ قبل فريضة العصر:يُستحب المحافظة على أربع ركعات قبل العصر، لما رواه ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رحم الله امرًأً صلّى قبل العصر أربعًا))[3]، وعن عليّ رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي قبل العصر أربع ركعات، يفصل بينهن بالتسليم على الملائكة المقربين، ومن تبِعهم من المسلمين والمؤمنين))[4].
 
وركعتان قبل فريضة المغرب: عن عَبْداللهِ الْمُزَنِيُّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((صَلُّوا قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ - قَالَ فِي الثَّالِثَةِ - لِمَنْ شَاءَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً))[5].
 
وركعتان قبل فريضة العشاء: عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِرضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِنْ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ إِلَّا وَبَيْنَ يَدَيْهَا رَكْعَتَانِ))[6].
 
وهذا الحديث فيه دلالة على مشروعية الصلاة بين يدي كل صلاة مكتوبة، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك أو أمر به أو أقره، كصلاة المغرب.
 
فعلى المسلم أن يصلي هذه السنن الرواتب في البيت لتعويد أهل بيته عليها، حتى ينشؤوا على المحافظة عليها، وكي يبني الله تعالى لهم بيتًا في الجنة، وليس بيتًا واحدًا في العمر، بل كل يوم يحافظ فيه المسلم على هذه السنن يبني له الله بيتًا في الجنة، فأين عشاق البيوت في الجنة؟
 
نسأل الله تعالى لنا ولكم الحفظ، والسلامة، والعافية من كل داء، وحسن الختام، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] سنن الترمذي، أبـواب الصـلاة- بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنَ السُّنَّةِ، مَا لَهُ فِيهِ مِنَ الفَضْـلِ: (1/ 538) برقم (415)، وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.


[2] صحيح مسلم، كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْـرِهَا - بَابُ فَضْلِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ قَبْـلَ الْفَرَائِضِ وَبَعْـدَهُنَّ: (1/ 502)، برقم (728).


[3] سنن أبي داود، كتاب الصلاة- باب الصلاة قبل العصر: (2/ 450)، برقم (1271)، سنن الترمذي، كتاب أَبْوَابُ الصَّلاَةِ - بَابُ مَا جَاءَ فِي الأَرْبَعِ قَبْلَ العَصْرِ: (1/ 556)، برقم (430)، وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.


[4] سنـن الترمـذي، كتاب أَبـْوَابُ الصَّـلاَةِ- بَابُ مَا جَاءَ فِي الأَرْبَعِ قَبْلَ العَصْرِ: (1/ 555)، برقم (429)، وقال الترمذي: حَدِيثٌ حَسَنٌ.


[5] صحيح البخاري، كتاب التهجد- باب الصلاة قبل المغرب: (2/ 74)، برقم (1183).


[6] صحيح ابن حبان، كتاب الصلاة – باب النوافل:(6/ 209)، برقم (2456)، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده قوي.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢