1916
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
كم ، قبل هذا الجيل، ولّى جيل | هيهات ، ليس إلى البقاء سبيل |
ضحك الشّباب من الكهول فإغرقوا | واستيقظوا، فإذا الشّباب كهول |
نأتي ونمضي والزّمان مخلّد | الصّبح صبح والأصيل أصيل |
حرّ وقرّ يبلسان جسومنا | ليت الزّمان ، كما نحول، يحول |
إنّ التّحول في الجماد تقلّص | في الحي موت؛ في النّبات ذبول |
قف بالمقابر صامتا متأملا | كم غاب فيها صامت وسؤول |
وسل الكواكب كم رأت من قبلنا | أمما، وكم شهد النّجوم قبيل |
تتبدّل الدّنيا تبدّل أهلها | واللّه ليس لأمره تبديل |
يا طالعا لفت العيون طلوعه | بعد الطّلوع ، وإن جهلت ، أفول |
عطفا ورفقا بالقلوب فإنما | حقد القلوب على أخيك طويل |
أنظر فوجه الأرض أغير شاحب | واسمع ! فأضوات الرّياح عويل |
ومن الحديد صواعق ، ومن العجاج | غمائم، ومن الدّماء سهول |
ما كنت أعلم قبلما حمس الوغى | أنّ الضّواري والأنام شكول |
يا أرض أوربّا ويا أبناءها | في عنق من هذا الدّم المطلول؟ |
في كلّ يوم منكم أو عنكم | نبأ تجيء به الرّواة مهول |
مزّقتم أقسامكم وعهودكم | ولقد تكون كأنّها التّنزيل |
وبعثتم الأطماع فهي جحافل | من خلفهن جحافل وخيول |
ونشرتم الأحقاد فهي مدافع | وقذائف وأسنّة ونصول |
لو لم تكن أضغانكم أسيافكم | أمسى بها، مّما تسام، فلول |
علّمتم((عزريل)) في هذي الوغى | ما كان يجهل علمه عزريل |
إن كان هذا ما يسمى عندكم | علما، فأين الجهل والتّضليل |
إن كان هذا ما يسمى عندكم | دنيا فأين الكفر والتّعطيل |
عودا إلى عصر البداوة ، إنّه | عصر جميل أن يقال جميل |
قابيل، يا جدّ الورى ، نم هانئا | كلّ امرىء في ثوبه قابيل |
لا تفخروا بعقولكم ونتاجها | كانت لكم، قبل القتال ، عقول |
لا أنتم أنتم ولا أرباضكم | تلك التي فيها الهناء يقيل |
لا تطلبوا بالمرهفات ذحولكم | في نيلها بالمرهفات ذحول |
إنّ الأنام على اختلاف لغاتهم | وصفاتهم ، لو تذكرون ، قبيل |
يا عامنا! هل فيك ثّمة مطمع | بالسّلم هذا الشقاء يطول |
مرّت عليها حجتّان ولم تزل | تتلو الفصول مشاهد وفصول |
لم يعشق النّاس الفناء وإنّما | فوق البصائر والعقول سدول |
أنا إن بسمت ، وقد رأيتك مقبلا | فكما يهشّ لعائديه عليل |
وإذا سكنت إلى الهموم فمثلما | رضي القيود الموثق المكبول |
لا يستوي الرّجلان ، هذا قلبه | خال وهذا قلبه ( لجهول) |
لا يخدعنّ العارفون نفوسهم | إنّ المخادع نفسه لجهول |
في الشّرق قوم لم يسلّوا صارما | والسّيف فوق رؤوسهم مسلول |
جهلوا ولم تجهل نفوسهم الأسى | أشقى الأنام العارف المجهول |
أكبادهم مقروحة كجفونهم | وزفيرهم بأنينهم موصول |
أمّا الرّجاء، وطالما عاشوا به | فالدّمع يشهد أنّه مقتول |
واليأس موت غير أن صريعه | يبقى، وأمّا نفسه فتزول |
ربّاه، قد بلغ الشّقاء أشدّه | رحماك إنّ الرّاجعين قليل |
في اللّه والوطن العزيز عصابة | نكبوا ، فذا عان وذاك قتيل |
لو لم يمت شمم النّفوس بموتهم | ثار الشآم ، لموتهم ، والنّيل |
يا نازحين عن الشآم تذكروا | من في الشّآم وما يليه نزول |
همّ الممالك في الجهاد ، وهمّكم | قال تسير به الطّروس وقيل |
هبّوا؛ اعملوا لبلادكم ولنسلكم | بئس الحياة سكينة وخمول |
لا تقبطوا الأيدي فهذا يومكم | شرّ الورى جعد البنان بخيل |
وعد الاله المحسنين ببرّه | وكما علمتم ، وعده تنويل |