أرشيف المقالات

علامات حسن الخاتمة التي تظهر للناس (1)

مدة قراءة المادة : 10 دقائق .
علامات حسن الخاتمة التي تظهر للناس (1)

وأما علامات حسن الخاتمة والتي تظهر للناس، فمنها:
ما ذكرها الشيخ الألباني - رحمه الله - في كتابه "أحكام الجنائز" حيث قال:
"إن الشارع الحكيم قد جعل علامات بيِّنات يُستدل بها على حسن الخاتمة، كتبها الله تعالى لنا بفضله ومنِّه، فأيما امرئ مات بإحداها، كانت له بشارة، ويا لها من بشارة!".
 
1- نطقُه بالشهادة عند الموت:
فقد أخرج أبو داود من حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله، دخل الجَنَّة))؛ (حسنه الألباني في الإرواء: 686).
 
وأخرج الإمام أحمد بسنده: "أن عمر رأى طلحةَ بن عُبيدالله ثقيلاً، فقال: ما لك يا أبا فلان؟ لعلك ساءتك امرأة عمِّك يا أبا فلان؟ قال: لا، (وأثنى على أبي بكر) إلا أني سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثًا ما منعني أن أسأله عنه إلا القدرة عليه حتى مات، سمعته يقول: ((إني لأعلم كلمةً لا يقولها عبدٌ عند موته إلا أشرق لها لونُه، ونفَّس الله عنه كُربتَه))، فقال عمر - رضي الله عنه -: إني لأعلم ما هي، قال: وما هي؟ قال: تعلم كلمة أعظم من كلمة أمر بها عمَّه عند الموت: لا إله إلا الله؟! قال طلحة: صدقتَ، هي والله هي"؛ (صححه الشيخ أحمد شاكر).
 
تنبيه:
يستحب لمَن حضر المحتَضَر أن يلقنه: "لا إله إلا الله"؛ وذلك للحديث الذي أخرجه الإمام مسلم من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لقِّنوا موتاكم: لا إله إلا الله)).
 
والمراد: ذكِّروا مَن حضره الموت: "لا إله إلا الله" فتكون آخر كلامه.
 
وقد أخرج ابن حبان من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لقِّنوا موتاكم: لا إله إلا الله، فمَن كان آخر كلامه: لا إله إلا الله عند الموت، دخل الجَنَّة)).
 
يقول أنس بن سيرين: "شهدت أنس بن مالك - رضي الله عنه - وقد حضره الموت، فجعل يقول: "لقِّنُونِي: لا إله إلا الله، فلم يزل يقولها حتى قُبِض رحمه الله"؛ (الثبات عند الممات: 133).
 
2- الموت برَشْح الجَبين:
أخرج الإمام أحمد وحسَّنه الحاكم ووافقه الذهبي من حديث بُريدة بن الحُصيب - رضي الله عنه -: "أنه كان بخُراسان، فعاد أخًا له وهو مريض، فوجده بالموت، وإذا هو يَعرق جبينه، فقال: الله أكبر، سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((موتُ المؤمنِ بعَرقِ الجبين))".
 
وفي كتاب "الثبات حتى الممات" لابن الجوزي: لما احتضر أبو بكر بن حبيب - وكان يدرس ويعظ وكان نِعْمَ المؤدِّب - قال له أصحابه لما احتضر: أوصنا، فقال: أوصيكم بثلاث: بتقوى الله - عز وجل - ومراقبته في الخلوة، واحذروا مصرعي هذا، فقد عشت إحدى وستين سنة، وما كأني رأيتُ الدنيا، ثم قال لبعض إخوانه: انظر هل ترى جَبيني يعرَقُ؟ فقال: نعم، فقال: الحمدُ لله، هذه علامة المؤمن - يُريد بذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم -: ((الْمُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ))، ثم بسط يده عند الموت، وقال:






هَا قدْ مَدَدْتُ يَدِي إلَيْكَ فَرُدَّهَا
بِالْفَضْلِ لاَ بِشَمَاتةِ الأَعْدَاءِ






(رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد).
 
3- الموت ليلة الجمعة أو نهارها:
فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((ما مِن مُسلم يَموت يومَ الجُمُعة أو ليلةَ الجمعة، إلا وقَاه اللهُ فِتنةَ القَبر))؛ (صحيح الجامع: 5773).
 
4- الاستشهاد في ساحة القتال:
قال -تعالى-: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 169 - 171].
 
وأخرج الإمام أحمد والترمذي عن المِقدام بن معدي كرب - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((للشَّهيد عند الله سبعُ خِصال: يُغفَر له في أوَّل دفعَةٍ مِن دَمِه، ويَرى مَقعدَه من الجَنَّة، ويُحَلَّى حُلَّةَ الإيمان، ويُزَوَّجَ اثنين وسبعين زوجةً من الحُور العين، ويُجار من عذاب القَبر، ويأمنُ من الفزَع الأكبر، ويُوضع على رأسه تاجُ الوقار؛ الياقوتةُ منه خيرٌ من الدنيا وما فيها، ويُشفَّعُ في سبعين إنسانًا من أهل بيته))؛ (صحيح الجامع: 5182).
 
وعند الطبراني في "الكبير": "أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما بالُ المؤمنين يُفْتَنُون في قبورهم إلا الشَّهيد؟ قال: ((كفى ببارِقَة السُّيوف على رأسه فِتنَة))(صحيح الجامع: 4483).
 
تنبيه:
تُرجَى هذه الشَّهادة لمَن سألها مُخلصًا من قلبه، ولم يتيسر له الاستشهاد في المعركة، ودليل ذلك:
ما جاء في "صحيح مسلم" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مَن سأل اللهَ الشَّهادةَ بصِدق، بلَّغه اللهُ منازِلَ الشُّهداء وإنْ مات على فِراشه)).
 
وأخرج الترمذي من حديث معاذ - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مَن سأل اللهَ القتلَ في سبيل الله صادقًا من قلبِه، أعطاه الله أجرَ شهيدٍ وإن مات على فراشه))؛ (صحيح الجامع: 6277).
 
وفي "صحيح مسلم" عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مَن طلب الشَّهادةَ صادقًا أُعطِيَها ولو لم تُصِبه)).
 
5- الموت غازيًا في سبيل الله:
فقد أخرج الإمام مُسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما تعدُّون الشَّهيدَ فيكم؟)) قالوا: يا رسول الله، مَن قُتِل في سبيل الله فهو شهيد، قال: ((إن شُهداء أُمتي إذًا لقليلٌ))، قالوا: فمَن هم يا رسول الله؟ قال: ((مَن قُتِل في سبيل الله فهو شهيدٌ، ومَن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومَن مات في الطاعون فهو شَهيد، ومَن مات بالبَطْن فهو شهيد، والغَريق شَهيد)).
 
وفي رواية لأبي داود من حديث أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مَن فَصل - أي خرج - في سبيل الله، فمات أو قُتِل، فهو شهيد، أو وَقَصه فرسه أو بعيرُه، أو لدغته هامةٌ، أو مات على فراشه، أو بأي حَتف شاء الله، فإنه شهيدٌ، وإن له الجَنَّة))؛ (صحيح الجامع: 6413).
 
6- مَن صُرِع عن دابته في سبيل الله، أو وقصه بعيره، أو لدغته هامة:
كما مرَّ بنا في الحديث السابق، ويدل على هذا أيضًا ما أخرجه الطبراني في "الكبير" عن عُقبة بن عامر - رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مَن صُرِع عن دابته، فهو شهيد))؛ (صحيح الجامع: 6336).
 
قال المناوي - رحمه الله - في "فتح القدير" (6/163):
"ومَن صُرع عن دابَّته في سبيل الله، فمات، فهو شهيد"؛ أي: من شهداء المعركة إن كان سقوطه بسبب القتال.
 
والصرع معروف: وهو الطَّرح على الأرض، والمراد بالحديث: السُّقوط عن الدابَّة حال قتال الكفَّار؛ بسبب أي وجه كان، إما بطرح الدابَّة له، أو بعُروض تلك العلَّة في تلك الحالة عُروضًا ناشئًا عن القتال، كأنْ أورثه شدة الانفعال؛ اهـ باختصار.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣