فلنعش
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لا تسل أين الهوى و الكوثر | سكت الشّادي وبحّ الوتر |
فجأة ...وانقلب العرس إلى | مأتم ...ماذا جرى ؟ ...ما الخبر ؟ |
ماجت الدّار بمن فيها ، كما | ماج نهر ثائر منكدر |
كلّهم مستفسر صاحبه | كلّهم يؤذيه من يستفسر |
همس الموت بهم همسته | إنّ همس الموت ريح صرصر |
فإذا الحيرة في أحداقهم | كيفما مالوا و أنّى نظروا |
علموا ...يا ليتهم ما علموا | أنّ دنيا من رؤى تحتضر ! |
و الذي أطربهم عن قدرة | بات لا يقوى و لا يقتدر |
يبس الضحك على أفواههم | فهو كالسخر و إن لم يسخروا |
و إذا الآسي ...يد مخذوله | و محيّا ، اليأس فيه أصفر |
شاع في الدّار الأسى حتّى شكت | أرضها و طأته و الجدر |
فعلى الأضواء منه فتره | و على الألوان منه أثر |
و القناني صور باهته | و الأغاني عالم مندثر |
ألهنا أفلت من أيديهم | و الأماني .. ؟ .. إنّها تنتحر |
ذبحت أفراح في لمحة | قوّة تجني و لا تعتذر |
تقلع النّبت الذي تغرسه | و الشّذا فيه ، و فيه الثمر |
إعبثي ما شئت يا دنيا بنا | و تحكّم ما تشاء يا قدر |
إن نكن زهرا فما أمجدنا | أو نكن شوكا فهذا الخطر |
فلنعش في الأرض زهرا و ليطل | أجل الشّوك الذي لا يزهر |
... | |
رحل الشاعر عن دار الأذى | و انقضت معه الليالي الغرر |
كم حوته و حواها ملكا | دولة الروح التي لا تقهر |
عاش لا ينكر إلاّ ذاته | إنّ حبّ الذات شيء منكر |
شاعر ، أعجب معنى صاغه | للبرايا ... موته المبتكر |
الجمال الحقّ ما يعبده | و الجمال الزّور ما لا يبصر |
و الحديث الصفو ما ينشره | و الحديث السوء ما يختصر |
إنّه كان " ملاكا " بشرا | فمضى عنّا الملاك البشر |
و نفوس الخلق إمّا طينة | لا سنا فيها و إمّا جوهر |
... | |
يا رفيقي ! ما بلغت المنتهى | ليست الحدّ الأخير الحفر |
فاعبر النهر إلى ذاك الحمى | حيث " جبران " العميد الأكبر |
" و رشيد " نغمة شادية | " و نسيب" نغم مستبشر |
" و جميلب " فكرة هائمة | " و أمين " أمل مخضوضر |
قل لهم إنّا غدونا بعدهم | لا حديث طيّب ، لا سمر |
كسماء ليس فيها أنجم | أو كروض ليس فيه زهر |
كلّنا منتظر ساعته | و المصير الحقّ ما ننتظر |