دم الشهيد ...
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
خُذوا من يَومكم لغدٍ متاعا | وسيروا في جهادِكمُ جِماعا |
وكونوا في ادَّراء الخطب عنكم | يداً تَبني بها العَضُدُ الَّذراعا |
ذروا خُلفاً على رأيٍ ورأيٍ | إلى ان يلقيَ الأمرُ القِناعا |
وخلُّوا في قيادتكم حكيماً | يدبِّرُها هُجوماً او دِفاعا |
رحيبً الصَدر ينهضُ بالرزايا | ويُحسنُ أن يُطيع وأن يُطاعا |
حملتم ثِقْل جائرةٍ عسوفٍ | تميل بمن يحاولُها اضطِلاعا |
ونادَيتم بذائعةٍ هَتوفٍ | نَمى خَبَرٌ بها لكُمُ وذاعا |
تعلَّقَتِ العُيونُ بها احتفاءً | وأُتلِعَتِ الرقابُ لها اطلاعا |
وأوجفتِ الشعوبُ على صداها | وقد عابَ العِيانُ بها السَماعا |
تراهَنُ بينها عن كلِّ شَوط | بحلْبتكم ، وتُقتَرعُ اقتراعا |
فقد وعَظَتْكُمُ سُودُ الليالي | ولم تعرفْ بما تعِظ الخِداعا |
بأنَّ اشقَّ مطَّلَبٍ رأته | ضعيفٌ طالبٌ حقاً مُضاعا |
فلا تكِلوا الأمورَ إلى قضاء | فما كانَ القضاءُ لكم رَضاعا |
ولا تنسَوا بأن لكمْ عدوّاً | طويلاً ، وفي ازدراع الخُلفِ ، باعا |
يُلوِّي كلَّ يَوم من قناةٍ | ويَبتدِع الشِقاقَ بها ابتِداعا |
وانكُمُ بكَعْب السَوطِ منكم | قَرَعْتُم " رأس " مَن سنَّ القِراعا |
قَرَعَتُم رأسَ مختَبطٍ رؤوساً | مماكرةُ ، ومالكَها صُداعا |
مسكتُمْ من خِناقةِ أفعُوانٍ | شديدِ البطش يأبى الإنصِراعا |
تعاصى والدُنى من كل حَدْبٍ | تهزُّ الصُلْبَ منه والنُخاعا |
فمُدّوا كفَّكَم هَوناً فهَوناً | وجُرّوا منه أنياباً شِناعا |
وفكُّوا شِدْقَ مُؤتذِبٍ خبيث | وسُلُّوا حَقَّكم منه انتزِاعا |
ولا تَنْسَوا بأنَّ له عبيداً | شَراهم بابتسامته وباعا |
حَباهم شرَّ ما يُحبَى خَؤونٌ | يغذَّي من كرامته الطِماعا |
وعوَّضَهم عن الشَرَفِ المُبَقَّى | حُطام المالِ يذهَبُ والضِياعا |
احَلَّ لهم دماءكمُ مَخاضا | وبؤَّأهم " حقوقَكمُ " رباعا |
وملَّكهم رقابَكم فآبٍ | تملَّكَها وذو خَورَ أطاعا |
فسقُّوهُم بكأسهمُ دِهاقاً | ذِعافَ الهَون والذلِّ اجتراعا |
وجُروّهم على حَسَك الخطايا | ورُدُّوا كَيْدَهم بالصاع صاعا |
وزيدوا بالدم العَبِق اتشاحاً | وبالوحي الذي يوحي ادِّراعا |
وكانوا في احتراشِهمُ ذئاباً | فكونوا في ضَراوتكمْ ضِباعا |
شَبابَ اليَوم إن غداً مَشوقٌ | يَمُدُّ لكم ليَحضُنَكم ذِراعا |
يُمدُّكُمُ بروح من خُطوبٍ ! | تعوَّدَ انْ يمدَّ بها الصِراعا |
وأنْ يعتاضَ عن جيل بجيلٍ | بها ، ويفضََّ بينهما النزاعا |
رصاص البَغي يفجُرُكم ليجري | دمٌ يَزْكو به الوطنُ ازدِراعا |
ويُخصِب من رياضِ حقلٌ | يُراح القادمونَ ! به انتِجاعا |
و " سَوطُ " الفاجرينَ يُعيد لحناً | له تترنَّحُ الدنيا استِماعا |
وقَعرُ السجن حيثُ مشتْ " فرنسا " | من " البستيل " ترتَفِعُ ارتفاعا |
والوانٌ من " التعذيب"! تَهدي | سجلَّ " الثورة " الكبرى شُعاعا |
واشباحٌ تُراوحكم قِباحٌ | تَروعُ حَصاتَكم ساعاً فساعا |
هي الاشباحُ من عهد تَرامى | على عهد فترتجفُ ارتِياعا |
شبابَ اليوم إنكمُ ثمارٌ | سيقطفُها الغدُ الآتي سِراعا |
جَنى جيلٌ يعبِّئُ للرزايا | مصايرَه وللذُل اقتناعا |
على جيلٍ كأنَّ عليه مما | بَنَى البانون من وِزْرٍ قلاعا |
بذَوب الفكر يفتتح القَضايا | ويختِمها بمهجته اندفاعا |
دَمَ " الشهداء " لا تذهَبْ هباءً | ولا تجمُدْ بقارعةٍ ضَياعا |
ولا تشكُ الظِماء فان فينا | دماءً سوفَ تشربُها تِباعا |
ولا تَخَلِ الجفاءَ فلم تُغَيَّبْ | يدٌ تُرعى ، ولا ذمم تُراعى |
فما كَدم " الشهيد " اذا تَنادى | كثيرٌ ناثِروهُ اذا تَداعى |
وما تَهَب الصنائع للبَرايا | كما يَهَبُ " الشهيد " لها اصطِناعا |
انَفقِدُكم ! ولا نَرعىَ حفاظاً | وتَرعَى البيتَ فاقدةٌ صُواعا |
اذن! فالثَأر نَنشُده كِذاباً | وصوتُ الحق نسمعُه خِداعا |
اذن! فسَيُوسِعُ التاريخُ رجماً | كِلَينا ، من " أطَلَّ " ومن أضاعا |
ونحن – اذن – نَسومُ دماً زكيّاً | بعاجلةٍ شِراءً وابتِياعا |
فالىُّ " زكاً " يُصان – اذن – ويُقْنَى | وايُّ شذاة طهرٍ لن تُباعا |
ونحن – اذن – على الأشلاء نُزجي | رغائبَنا ! ونُسمنُها رِتاعا |
فليتَ الحزنَ تُطبقُ فوق سالٍ | سحابتُه وتأبى الإِنقِشاعا |
وليت الليلَ يغمرهُ دخاناً | وليت الصبحَ يُمطرُه التياعا |
وليت مُنىً يُراودها فِجاراً | تُعاوِده لتنهَشَه ضِباعا |
وليت ضميرَه يثب افتزاعا | من الذكرى وينتفِضُ التذاعا |
وليت العارَ يبرحُ مستضيفاً | سريرتَه اصطيافا وارتِباعا |
وليت امامَ عينيه احتراقاً | جَرىَ كالشمع حاضرهُ وماعا |
وليت خيالَ ماضيه مَسيخاً ! | يَلوح على ملامحِه انطِباعا |
دمَ " الشهداء " انتَ اعزُّ مُلكاً | وقاعُك اشرفُ الدنيا بِقاعا |
وانت الخُلدُ بالأنهار يَجري | وبالمِسك انتَشَى أرَجاً وضَاعا |
دمَ الشهداء كنتَ النارَ شبَّتْ | على الباغين تندَلِعُ اندلاعا |
تلُفُ طَغامَهمْ نِكساً فنِكساً | إلى يَومٍ تَلفُّهُمُ جِماعا |
إلى يوم تُطيح بما أقاموا | وما اختَطُّوا فتَنسِفُهُ اقتِلاعا |
دمَ " الشهداء " اهِدِ الجمعَ يُبصِرْ | طريقاً منك يزدَهِرُ التِماعا |
أهبَّ له الحواضر والبوادي | وعرِّفْه المَشارفَ والتِلاعا |
متى يَقْحَمْ قِطاعاً من شُرور | فأقحِمْه بسَوْرتِه قِطاعا |
وسدِّدْ من خُطاه اذا توانى | وجدِّدْ من قُواه اذا تََداعى |
وكن ، إن لفَّه ليلٌ ، شُعاعاً | وان طال الطريق به ، متاعا |
دفعتَ بما استطعتَ الضُرَّ عنه | فزده ما استطعتَ بك انتِفاعا |
وزِدْه ما استطعتَ لك انصياعا | وعما يُغضِبُ الوطَنَ امتِناعا |
وزِده في الخُطوب بك اعتِزازاً | وحَوْلَ شعارِك الألِقِ اجتماعا |
وكنْ فيما اندفَعْتَ شِعارَ جيلٍ | حثيثِ الخطو يأبَى الإرتجاعا |
وأعلِنْ بانفطامِك عن شَبابٍ | به يتعلَّلُ الشيخ ارتِضاعا |
عن الشهوات في الحكمِ ازدجاراً | وعن حكم يُلاث بها ارتِداعا |
دمَ " الشهداء " مهما اسطَعْتَ فادفَع | وحَسْبُ الحر جُهداً ما استطاعا |
إلى الغَمَرات افئدة تَنَزَّى | من " الغَمرات " تَخْشَى الانخِلاعا |
تُحبُّ الموتَ تغمرُه التحايا | وتأبَى ان تَطيرَ به شَعاعا |
وتَخْشَى الخُلدَ ، مُفزعةً ، نفوساً | وتهواه ، مُكرِّمةً طُباعا |
وما انفكت على رِجْلٍ وأخرى | تُخالفها نُكوصاً وانصِياعا |
فأكرِهْها وقُل سيري بسَوطٍ | يُدَمِّي من أبَى سَيْراً وطاعا |
بسَوْطٍ من جُلودٍ ملزماتٍ | بهَدْي الناس يقتَطِعُ اقتِطاعا |
تَوَكَّلَ ان يسودَ الناس حكمٌ | يُساوي من أُجيعَ بمن أجاعا |
ويُسقطُ من شِفاهِهُمُ سَواداً | ويمحُو من مَعاجِمهم رَعاعا |
وقل سيري ولا تقفي انتِكاصاً | وانتَ فَسَلْ ولا تقفِ انقِطاعا |
وقل سيري فما يَعْيَا دليلٌ | حَدا من قبلكم فَهَدَى وضاعا |
وقل سيري اتباعَ أخي افتِداءٍ | مَشَت من خَلفه الأمم اتباعا |
جلبتُ لها " السُمُوَّ " فأوسعتني | من النُّكران ما يصِمُ اتضاعا |
وذُقْتُ الوحشةَ الكبرى فكانت | أنيسَ الناعمين بها اضطجاعا |
وكنت لها انا المجهول علماً | وأخلاقاً وحكماً واشتِراعا |
ومخترعٍ يتيه على كِبراً | ولو لم أجرِ لم يجدِ اختِراعا |
وفذٍ " عبقريّ من نَتاجي | تَرَعْرَعَ " صيتُه " ونما وشاعا |
تجاهَلَني وكنتُ له خيالاً | وأهملني وكنت له يَراعا |
وآخرَ ذي فُتوحٍ أشجعيٍّ | سفحتُ له ليرتبيَ اليَفاعا |
تناسى من له اقتادَ السرايا | ومن كانَ الشَّجاعةَ والشُّجاعا |
ويا اكفانَهم كوني لواءً | وسيعاً يحضُن الهِممَ الوِساعا |
وسُدي ثُلمةً من كل خَرْقٍ | يَزيدُ الخَرقُ شقتَّه اتساعا |
وزِيدِي في خضَمِّ المجد مَوْجاً | وكوني من سفائِنه شِراعا |