عُمر الفاخوري ...
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
رِثاؤُكَ ما أشَقَّ على لساني | ورُزْؤك ما اشدَ على جَنابي |
وكيفَ يُطيقُ عن ألمٍ بياناً | ثكولٌ شَلَّ منهُ الأصغَران |
وفَقدُكَ ما أمضَّ وقد توَّلتْ | جِيادُ النصرِ خَوضَ المعمعان |
وشرقٌ كنتَ أمسِ لَهُ سِراجاً | كثيفُ الجْوِّ منتشرُ الدخان |
تَهاوَى الطامعونَ على ثَراهُ | كما اختلفَ الذُبابُ على خِوان |
تَعبَّسُ من مَزاحِفِهِمْ ثغورٌ | وتنتَفِضُ المشارفُ والمواني |
وما أنبا مَصيرَكَ عن مصيري | وما أدنى مكانَكَ من مكاني |
أصخْتُ لِمَنْ نعاك على ذُهولٍ | كأنيَ قد أصختُ لمَنْ نعاني |
وكنتُ أُحِسُّ أنَّ هناك رُزْءاً | وأجهاُ كُنْهَهُ حتّى دهاني |
صفَقْتُ براحتَيَّ منِ التياعٍ | وهل أدنتْ بعيداً راحتان؟! |
ورُحْتُ ، وأيُّ جُرحٍ في فؤادي | مغالَطةً ، أعَضُّ على البَنان |
وعانَقَني من الذِكْرَى خيالٌ | كسيرُ النَفْسِ يَشْرَقُ بالهوان |
تسيلُ دماً جوانِبُهُ اشتياقاً | إلى اللَّمَحاتِ والمُتَعِ الحِسان |
إلى تلك الليالي مُشرِقاتٍ | بها " لُبنانُ" مُزدَهِرُ المغاني |
إلى سَمَرٍ كأنَّ عليه مما | تَنِثُّ مِن الشذا عَبَقَ الجِنان |
خيالٌ رُحتُ من يأسٍ وحِرصٍ | أُسَلّي النفْسَ فيه عن العِيان |
أثارَ لِيَ العواطِفَ من عنيفٍ | ومُصْطَخِبٍ ، ومُرْتْفِقٍ ، وحاني |
وفكَّ من الأعِنَّةِ ذكرياتٍ | تَهُزُّ النفْسَ مُطلَقةَ العِنان |
لمَمْتُ عُطورَها فشمِمْتُ منها | شذا الغَضَبِ المطَهَّرِ والحَنان |
كِلانا مَعوِزٌ نُطْقاً عليهِ | طيوفُ الموتِ مُلقِيةُ الجِران |
لَعَنْتُ اللفظَ ما أقسَى وأطْغَى | وما أعْصَى على صوَرِ المعاني |
تقاضاني بيومِكَ تَرْجُماناً | وكنتُ ألوذُ منه بِتَرجُمان |
فيا " عُمَرَ " النضالِ إذا تشكَّى | شُجاعُ القَلْبِ منَ خَوَرِ الجْبان |
ويا " عُمَرَ " البيانِ إذا تغذَّى | عِجافُ النَشءِ بالفِكَرِ السِمان |
ويا " عُمَرَ " الوفاءِ إذا تَخلّى | فُلانٌ في الشدائِد عنْ فُلان |
ضُمِنتَ مِن الردى لو كانَ طَولٌ | وأينَ القادِرونَ على الضَّمان |
وانَّا والحياةُ إلى تبابٍ | وكلُّ تَجَمُّعٍ فإلى أوان |
لمحتربونَ أن نُمسي ونُضحي | وأنت بمعزِلٍ خالي المكان |
أسيِتُ لعاكِفينَ عليكَ حُبَّاً | ومُخْتَصينَ فضلَكَ باحتضان |
رفاقكَ يومَ مُزدَهرِ الأماني | ودِرْعِكَ يومَ مُشْتَجرِ الطِعان |
حببتُكَ باسِماً والهمُّ يَمشي | على قَسَماتِ وجهِك باتِّزان |
تُغالِبُه وتَغْلِبُه إباءً | كأنّكَ والهمومَ على رِهان |
يُزَمُّ فمٌ فما تُفْضي شِفاهٌ | ويَخفى السِرُّ لولا المُقلتان |
على مُوقَيهِما مَرَحٌ ولُطْفٌ | وإنساناهما بكَ مُتعبان |
يفيءُ الصَحْبُ منك إلى وريفٍ | لطيفِ الظِلِّ خفَّاقِ المجاني |
تَفيضُ طَلاقةً وتذوبُ رِفقاً | ووحْدَكَ أنتَ تدري ما تُعاني |
وما أغلى الرجولةَ في شِفاهٍ | مُغَلَّفةٍ على ألمٍ " مُصان " |
وعامِرةِ المعاني مُنتَقاةٍ | بها الكلِماتُ شامِخةُ المباني |
فتقتَ الذِهنَ فيها عن طَريفٍ | يُشِعُ اللفظُ فيهِ عن جُمان |
يَمُدُّك عَبْقَرٌ فيها وتُجبى | لكَ الخطَراتُ من قاصٍ وداني |
أثرْتَ سُطورَها وذهبتَ عنها | فهُنَّ إليكَ من مَضَضٍ رواني |
أبا " الخَطابِ " رانَ عليكَ ليلٌ | عقيمُ الفجرِ لا يتلوهُ ثاني |
وأُغْمِضَتِ الجْفونُ على شَكاةٍ | تُدَغْدغُها من البُشرى أماني |
أمانٍ يسودَ الناسَ حُكْمٌ | يَبيتُ الفردُ منهُ على أمان |
فلا تبعَدْ وإن أخنى فَناءٌ | وما مُبقٍ مآثِرَهُ بفاني |
ورهْنُ الخُلدِ أضْرِحَهٌ عليها | قُطوفُ الفِكرِ يانِعةٌ دواني |
بكى " بَرَدَى " عليكَ بفيض دمعٍ | ومجَّ النيِلُ فيضاً من بيان |
وجِئتُ أغُضُّ طَرْفيَ عن حياءٍ | فهذا ما يمُجُّ " الرافدانِ " ! |
إذا ما الحُزنُ طاوَعَ في مصابٍ | فانَّ الشِعرَ يُعْذَرَ في الحِران |