أحيِّيك طه ..
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أُحَيّيكَ " طه " لا أُطيلُ بكَ السَّجْعا | كفَى السَّجع فخراً محضُ إسمك إذ تدعي |
أُحَيّيكَ فَذّاً في دِمشقَ وقبلَها | ببغدادَ قد حيَّيتُ أفذاذَكم جَمْعا |
شكرناكَ : أنَّا في ضيافة نابغٍ | نُمتّعُ منه العينَ والقلبَ والسمعا |
ذرفتُ – على أنْ لا يرانا بطرفه | وإنْ حسنَّا بالقلب – من أسفٍ دمعا |
وكنَّا على آدابك الغُرِّ قبلَها | ضُيوفاً فما أبقيتَ في كرمٍ وُسْعا |
نهضتَ بنا جيلاً وأبقيتَ بعدَنا | لأبنائنا ما يَحمدَون به المسعى |
أبا الفكرِ تستوحي من العقل فذّه | وذا الأدبِ الغضِّ استثيرتَ به الطَّبعا |
ويا سِحرَ موسى – إنَّ في كلّ بقعةٍ | لما تجتلي من آيةٍ حيَّةً تسعى |
لكَ اللهُ محمولاً على كلّ خاطرٍ | ومِن كلّ قلبٍ رُحْتَ تحتلُّهُ ترعى |
أُنَبّيكَ أنَّ " الرافدينِ " تطلَّعتْ | ضِفافُهما واستَنْهضَ الشَّجرُ الزرعا |
نمى خبرٌ أنْ سوف تسَعى إليهما | فكادَ إليك النخلُ من طربٍ يسعى |
وقد نذَرَ الصَّفصافُ وارفَ ظلَّه | عليك وأوصى – أنْ يساقيَكَ – النبعا |
هلمَّ لشُطئانِ الفراتينِ واستمِع | أهازيجهَا تستطرفِ المعجِزَ البَدعا |
وطارِحْ به سجعَ الحَمام فانَّه | لُهاثٌ على الجْرحى نُواحٌ على الصَّرعْى |
ووأسِ عليه الرازحينَ من الهوى | وطّببْ هناكَ النازعاتِ بهِ نزعا |
هناك تلمَّسْ " ضائعَ الحبّ " وافتقِد | ضحاياه وارأبْ للقُلوب به صَدعا |
وجدِّدْ لنا عهدَ المْعريِّ : إنَّه | قضى ، وهوى بغدادَ يلذعُه لذعا |
وكَّنا إذا ضاقتْ بلادٌ برائدٍ | أتانا فلا المُرتادَ ذمَّ ولا المراعى |
إلى الآنَ في بغدادَ نستافُ مِسكةً | لناقتهِ مما أثارت بها نقعا |
ونمزجُ من ماء الفراتينِ جَرعة | بذكراهُ مما عبَّ من صفوه جرْعا |
ونهوى السفينَ الحائراتِ كأنْها | سفينتُه إذ تشتكي الأينَ والضَّلْعا |
أجلْ ، قد خطفناها مخافةَ فُرقةٍ | وخشيةَ إزماعٍ نضيقُ به ذرعا |
هلمَّ به ذرعاً إلى بغدادَ لا تخشَ خاطفاً | فانَّا نسجنا من " فريدٍ " لك الدرعا |
سنحجزهُ نرتادُ ذكراك عنده | وينفَخنا من طيب أنفاسك الردعا |