تائه في حياته!..
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
قلَّ صبري على زمانِ ألدِّ | وخُطوبٍ ألبَسَنْنَي غيرَ بُردي |
وتقاليدَ لا تطاقُ وناسٍ | لا يُجيدون غيرَ لُؤمٍ وحِقْد |
آنست مَنْ معي قوافٍ حِسانٌ | سوف تبقى أُنْسَ الشجييِّن بعدي |
حملتْ همَّهُمْ ورُحْتُ غريباً | عنهمُ حاملاً هموميَ وحدي |
أفرَشوني شوكَ القتاد وخصُّوا | بالرياحين كلَّ جِبْسٍ ووَغْد |
وزَوَوْا كلَّ ما أودُّ احتكاراً | وأتوني بكل ما لم أودّ |
وأجالوا أفراسَهُمْ في مَلاهٍ | ضربوا بينها وبيني بِسُدّ |
ثم قالوا صفِ الحياةَ بلطفٍ | رغمَ أنَّ الحياةَ تجري بضدي |
كيف يسطيعُ رسمَ شَكلِ المسرّاتِ | نزيلٌ في غرفة مثلِ لَحْد |
تائه في حياته ليس يَدري | أيُّ بابٍ إلى السُّرورِ يُؤدّي |
قد وصفتُ الشَّقاءَ أروعَ وَصفٍ | من بلاءٍ وخبرةٍ مستَمَدّ |
وأرَيْتُ الناسَ الحياةَ جحيماً | قاذفاً أنْفُساً لطافاً بوقْد |
فأروني رفاهةً ونعيماً | لأُريكم تصويرَ جنةِ خُلْد |
صدماتُ الزمانِ تُبْقي خدوشاً | في أصَمٍّ من الجلاميدِ صَلدْ |
أفتنجو من هذه الغَيرِ السودِ | خلايا دمٍ وقطعةُ جِلد |
أكلتْ قلبيَ الهمومُ وهدّت | كلّ حولي واستنزفتْ كلَّ جهدي |
فتراني وليس غيرُ اطِّلابٍ | لكفافٍ من المطاليبِ عندي |
بدلاً من تقلُّبي في نعيمٍ | سابغ الظلِّ ذي أفانينَ رَغْد |
هذه العيشةُ الرفيهةُ لا عركُ | زمانٍ ملآنَ بالنحس نَكْد |
ما عسى تبلُغُ القناعةُ من نفس | طروبٍ لغيرِها مستعِد |
أين من تستثيرُ طبعي بهزاتِ | التصابي منها وتقدَحُ زندي |
من تشكي الغرامِ والوجدِ إني | ذو احتياج إلى غرامٍ ووجد |
قد سئمتُ الجفافَ في العيش لارشفةُ | ثغرٍ ولا نعومةُ خدّ |
وردةٌ من حديقةِ الشعرِ أُهديها | إلى مطعمي بقطفةِ ورد |
ليس عندي أعزّ ُ منها وحسبي | أنني خيرُ ما تملكتُ أُهدي |
اشتهي عُلْقةً بحبلِ غرامٍ | أوْجدِيها ولو بكاذبِ وعد |
لست ادري فربّما كان نحسي | في غرامي وربّما كان سعدي |
غيرَ أنيّ أُحسُّ أنَ شعوراً | تستفزينه بُقربٍ وبُعد |
لا تَشِحّي ولا تجودي ولكنْ | اتركيني ما بين جَزْر ومَد |
ثم قولي هاكَ الذي تبتغيه | ثم لمّا أقولُ هاتيه رُدّي |
لوحةٌ مالها نظيرٌ وقوفُ العاشقِ | الصبِ بينِ أخذٍ وردْ |
لا لأجلي لكنْ التّلهي | بقوافي حرّكي بعضَ وَجْدي |
أَولا ترغبين أن يَتَغّنى | بمعانيكِ مُعْجَباً كلُّ فرد |
رُبَّ جسمٍ يَبْلى به عبقريٌّ | لا يرى عن تَصْويرِهِ من مَردّ |
حاشدِ الذهنً بالصبابةِ يأتي | من ضُروبِ البيان فيها بحشْد |
وتراه عَفْوَ القريحةِ يَخْتارُ | أناشيدَ تُعْجِزُ المتصدِّي |
سَهُلَتْ فهو مثلُ سيلٍ تَجارى | في مسيلٍ دَمْثٍ يُعيد ويُبدي |
يَلمِسُ الشيخُ في قوافيه بُقيا | أثَرٍ من شبابهِ المسَتَردّ |
ويُعيدُ الصِبا إليه وبلقى | في مريرِ الذكْرى حلاوةَ شُهْد |
فهو يُسْدي إلى الوجودِ جميلا | وهو لولا الغَرامُ ما كانُ يُسْدي |
ولقد تَضْمنُ البداعةَ في الفنِّ | وتخليدهِ بضاضةُ زند |
ما عرفنا دعدّيةً تتصّبى | كلَّ نَفسٍ لولا تحكُّمُ دَعْد |
لا جفافُ الحجاز أضرمَ تلك الروحَ | فيها ولا خشونةُ نجد |
هي إلهامةٌ يَنِزّ لها الحبُّ | على الشاعرينِ من غير قَصْد |