الدم يتكلم بعد عشرٍ ..
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
قبل أن تبكيَ النُّبوغَ المُضاعا | سُبَّ من جرَّ هذه الأوضاعا |
سبّ من شاء أن تموت وأمثالُك | همّاً وأن تروحوا ضَياعا |
سبَّ من شاء أن تعيشَ فلولٌ | حيث أهلُ البلاد تقضي جياعا |
داوِني إنَّ بين جنبيَّ قلباً | يشتكي طولَ دهره أوجاعا |
ليت أني مع السوائم في الأرض | شرودٌ يرعى القَتاد انتجاعا |
لا ترى عينيَ الديارَ ولا تسمعُ | أذني ما لا تُّطيق استماعا |
جُلْ معي جولةً تُريك احتقار | الشعب والجهلَ والشقاءَ جِماعا |
تجدِ الكوخَ خالياً من حُطام | الدهر والبيتَ خاوياً يتداعى |
واستمع لا تجدْ سوى نَبضاتِ القلب | دقَّت خزفَ الحساب ارتياعا |
فلقد أقبلت جُباةٌ تسومُ الحيَّ | عنفاً ومهنةً واتضاعا |
إنَ هذا الفلاّحَ لم يبقَ إلا َّ | العِرضُ منه ، يُجِلّه أن يباعا |
بعد عشر مشت بِطاءً ثقالا | مثلَّما عاكست رياحٌ شِراعا |
عرّفَتْنا الآلامَ لوناً فلونا | وأرتنا المماتَ ساعاً فساعا |
اختبرنا ، إنَّا أسأنا اختباراً | واقتنعنا ، إنا أسأنا اقتناعا |
وندِمنا فهل نكفّر عمَّا | قد جنينا اجتراحهً وابتداعا |
لو سالنا تلك الدماءَ لقالتْ | وهي تَغلي حماسةً واندفاعا |
ملأ الله دُورَكمْ من خيالي | شبحاً مرعباً يَهُزّ النخاعا |
وغدوتمْ لهول ما يعتريكمْ | تُنكرون الأبصار والأسماعا |
تحسبون الورى عقاربَ خضراً | وتَرَوْن الدُّروب ملأى ضِباعا |
والليال كلحاءَ لا نجمَ فيها | وتمرّ الأيام سوداً سِراعا |
ليتكمْ طِرتُمُ شَعاعاً جزاءً | عن نُفوس أطرتموها شَعاعا |
بالأماني جذّابةً قُدتُموها | للمنّيات فانجذبنَ انصياعا |
وادعيتم مستقبلاً لو رأته | هكذا لم تضع عليه صُواعاً |
ألهذا هَرقْتُموني وأضحى | ألفُ عرض وألف مُلكُ مُشاعا |
أفوحدي كنتُ الشَّجاعةَ فيكمْ | أولا تملكون بعدُ شُجاعا |
كلُّ هذا ولم تصونوا رُبوعاً | سِلتُ فيها ولم تُجيدوا الدفاعا |
إنّ هذا المتاعَ بخساً ليأبى الله | أن تفصِدوا عليه ذراعا |
قلْ لمن سِلتُ قانياً تحت | رجليهِ وأقطعته القُرى والضيِّاعا |
خَبَّروني بأن عيشة قومي | لا تساوي حذاءك اللماعا |
مشت الناس للأمام ارتكاضاً | ومشَيْنا إلى الوراء ارتجاعا |
في سبيل الأفراد هُوجاً رِكاكاً | ذهب الشعب كلُّه إقطاعا |
طعنوا في الصميم من يركُن | الشعبُ إليه ونصبَّوا القُطَّاعا |
شحنوهم من خائنِ وبذئٍ | ومُريبٍ شحنَ القِطارِ المتاعا |
ثمّ صبوهمُ على الوطن المنكوب | سوطاً يلتاع منه التياعا |
خمَدت عبقريةٌ طالما احتيجتْ | لتُلقي على الخطوب شُعاعا |
وانزوت في بُيوتها أدباءٌ | حَطَمت خِيفةَ الهوان اليراعا |
ملءُ دور العراق أفئدةٌ | حَرَّى تَشكِّى من الأذى أنواعا |
وجهودٌ سُحِقن في حينَ | ترجِّتْ منها البلاد انتفاعا |
فكأنَّ الاحرار طرّا على هذي | النكايات أجمعوا إجماعا |
اثأري أنفساً حُبسن على الضيم | وكيلي للشرّ بالصاع صاعا |
واستعيني بشاعر وأديب | وأزيحي عمَّا تَرينَ القِناعا |
لا يُراد الشعورُُ والقلمُ الحرّ | إذا كان خائفاً مُرتاعا |
هيَّجوا النار انها أهونُ الشرّينِ | وقعاً ولا تَهيجوا الطباعا |
إنَّ هذي القوى لهُنَّ اجتماعٌ | عن قريب يهدّد الاجتماعا |
عصفت قوَّةُ الشعوب بأرسى | أمم الأرض فاقتُلِعن اقتلاعا |
أنهِ هذا الصراع يا دمُ بين الشعب | والظلم قد أطلت الصراعا |