بشرى جنيف
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
مرحباً بالمتوج الغِطريفِ | حاملاً للعراق بُشرى جَنيفِ |
ناهضاً بالثقيلِ من عِبء هذا | الوطن النَكدِ عابِئاً بالخفيف |
رجلُ الأمَّة التي أنجبت الف | شريف من بيت هذا الشريف |
واخو الوقفة الرهيبةِ والخطبة | تدوي في المحِفِلِ المرصوف |
بلطيفٍ من التعابير يجري | في مَدَبٍ من الكلام لطيف |
لغة الضاد في فم الملِك الفذِّ | تباهي بحسنِها الموصوف |
واذا ما تفاضلوا فَضَلَ الجمعَ | بانقى مخارجٍ للحروف |
وربيط الجَنانِ والميتهُ الحمراءُ | ترمي بها اكفُّ الحتُوف |
ينقل الخطوَ فوقَ شِلوِ صديقٍ | او على مُخ صاحبٍ مقذوف |
عالماً أنَّ خيرَ ما ركب المرءُ | إلى غاية متونَ السيوف |
وطريقٍ مشى بها في سبيلِ العُرْبِ | بالشوكِ والأذى مَحفوف |
داخلاً في مآزق ليس يخلو المرءُ | في مثلها من التّعنيف |
بهرَ الساسةَ الدهاةَ حصيفٌ | ذائع الصيتِ بين كلِّ حصيف |
لامعٌ في صفوفهمْ تقع العَينُ | عليه من دونِ مِن في الصفوف |
لَمسوا منه في التصافُحِ كفاً | لم يَرَوا مثلَ وقعِها في الكفوف |
خَبَّرتْ فوقَها خطوطُ السُلامياتِ | عن أيَّ ماهرٍ عِريّف |
عن لطيفٍ في ساعَتيه مَهيبٍ | وأديبٍ في موقفَيه ظريف |
وجَموعٍ للحالتين نسيمٍٍ | في ظروفٍ وعاصفٍ في ظُروف |
وأرتْهم ملامحَ العَرب الماضينَ | سِيما هذا الطُوالِ النحيف |
وجنةٌ تَنطف السرورَ عليها | مسحةُ الهادئ الغيورِ الأسيف |
وجبينٌ كغُرّةً البدرَ فيه | أثرٌ للهمومِ مثلُ الكُسوف |
لو اطاقَتْ فيه الغضونُ لقصَّتْ | عن عراكٍ مع الليالي ، عنيف |
فهُمُ واثقونَ كلَّ وثوقٍ | أنهم واجدونَ خيرَ حَليف |
لم يعُقْهُ أمرُ العراق وبُغيا | ثمرٍ للنهوض داني القُطوف |
والرزايا تعِنُّ بين تليد | مُعجزٍ حلُّه وبينَ طَريف |
عن أماني سورّيةٍ وقلوبٍ | من بنيها ترفُّ أيَّ رَفيف |
إن في عيبة الملوك عهوداً | هو في رعيهنَّ جدُّ عفيف |
عَبقاتٍ بذكر فيصلَ أيامَ | دمَشقٍ وعهدِه المعروف |
ويكاد اللبيبُ يلمُسُ حباتِ | قلوبٍ على نِقاط الحُروف |
لا تلُمْ سُوريا اذا بكت العهدَ | بجَفن المولَّهِ الملهوف |
إنها ذكرياتُ أمٍّ رؤوفٍ | فَجعوها بواحدٍ مخطوف |
مُتعَب الذهنِ بالسياسة لا ينُسيه | أثقالَها جِمالُ المصيف |
عكفتْ أنفسٌ هناك على الأفراحِ | والأنسِ بين خَمرٍ وهيف |
تاركاتٍ عبءَ البلادِ ثقيلاً | لغَيور على البلاد عَطوف |
من دُعاة المألوفِ ما دام فيه | مظهرٌ لائقٌ بشَعبٍ أنوف |
فإذا كانَ حِطةً وجموداً | فالعدوُّ اللدودُ للمألوف |
وهو بين ذين لا بِعَنودٍ | في الذي يَبتغي ولا بعَسوف |
حافِظٌ حُرمةَ الأنوف فإن هيجَ | تَوَلَّتْ يداهُ رغمَ الأنوف |
لا برِخوِ اليدَين في نهزه الفُرصةَ | إنْ ساعَدَتْ ولا المكتوف |
آخِذٌ بالذي يعِنُّ من الأمرِ | ويخشى مَغَبَّةَ التسويف |
يتركُ العُنفَ ما استطاعَ قديرٌ | أنْ يَروضَ النفوس بالتَلطيف |
لا أُحابيكَ سيدي وأُراني | لستُ في حاجةٍ إلى التعريف |
أنتَ قَبْلَ الجميعِ تَعرِفُ أني | في شعوري أجري على المكشوف |
سيدي ليس يُنكِرُ الشعبُ ما قمتَ | بهِ نحوهُ من المعروف |
والمساعي التي تَجَشَّمْتَ فيها | ألفَ هولٍ وألْفَ أمرٍ مُخيف |
إن ما بين حالَتَيْهِ لَفَرقاً | مثلَ ما بين مشِيةٍ وَوُقوف |
وهو يَجزيْك بالجميلِ من الفِعْلِ | جميلاً من الثناء المنيف |
قدرت سَعيَك البلادُ فجاءتكَ | أُلوفاً متلُوَّة بألوف |
ولأمرٍ يَدوي الفضاءُ هُتافاً | من مُحييَّك فوقَ كلِّ رَصيف |
حيث غصَّت بفُرجة الناسِ بغدادُ | وغصَّت بيوتُها بالضيوف |
وتبارَى الوفودُ من كل فَجٍّ | كلُّ فرد مُشفَّعٌ برديف |
حاملاتٍ اليك تسليمةَ الأهلينَ | من كلّ قريةٍ أو ريف |
غيرَ أنَّ البلادَ مازال فيها | أثَرٌ للشَّقاءِ غيرُ طفيف |
زُمْرَةٌ ضِدُّ زمرةٍ ولفيفٌ | تَعِبُ النفسِ في انتقاصِ لفيف |
وقويٌ باسم الضعافِ مجيلٌ | ظُفْرَهُ في محزِّ ألفِ ضعيف |
وأكفٍ شَتَّى تدبّرُ شتّى | لُعبَةٍ من وراءِ شَتَّى سُجوف |
ولأنْتَ القديرُ بالرغم مما | عِشْتَ من جَمْعِنا على التأليف |
ليس هذا المريضُ أوّلَ من عُولِجَ | من دائِهِ العُضالِ فَعُوفي |