إذا ضاقت بك الدنيا ، فأين تسير، والآفاق مغلقة ، وموج الرعب عال ٍ |
والعباب متاهة ورؤىً تهب بجحفل ملأت حوافره احمرارا كل رُوعك ؟ |
هذه عيني ترى من مات حتف الأنف ، |
أو ذاك الذي لم تتحد أجزاؤه حياً ، |
وقد أمسى يؤجج موتــُــه الأوهامَ في طرقات آت ٍ، قد مضى فيها ، |
ليغمض عاجزاً عيناً، |
ويهوي ، جُن منكفئاً ، يعود إلى طفولته، |
يسائل في الحدائق بعد شرخ شبيبةٍ ورداً تناثر: أين أجنحتي لأرجعَ |
نحوها سراً ؟ فأهلي صادروا الأحلام إذ منعوا |
خروج الطفل يبني ما يرى ، |
يا خطو منطلق إلى فرح نأت أسبابه حتى استحالَ |
إلى سرابٍ: |
أحكموا إغلاق ساحاتي . |
وغيري مات لم يتجاوز الدرج المؤدي |
للطريق بغير خطو شارد ، دهسته شاحنة مضت مجنونة ، |
وأرى الجنون على طريقي كل حين ، كم تقنـّع باصطخاب ٍ أو هدوء ٍ... |
هكذا تمضي الدقائق من حياتي |
والأسابيع الطوال وقد تضيق منافذ الأنفاس ، |
لا لـمحـات راءٍ تحمل البشرى ، |
وقد أكلت طيور الوهم من رأس الذي قد مات منتظرا، |
بريئا في غياهب مستبد رهن جلاد، |
وغيري مات منتحرا، لضيق عابر قاس ٍ ، |
وآخر قد تشبث بالحياة سدىً لوعدٍ لا يجيء ، |
فمن تراني إذ تضيق منافذي ؟ |
يا أيها المصلوب في شجر تشظى واهيا ، |
متساقط الأوراق ، كيف يوحد الموتى تناسيهم |
إلى أن ينهضوا من سكرة وثرى . |
فمن أمسى يراكم في الدجى موتي |
ويشرب من جماجمَ مرقدٍ في الصبح ِ |
دمعَ عزاء من أودى بهم غصباً لقاع في سعير ؟ |
هذه كفي تـُحقــِّـقُ من مصيري أن أسير لأسترد ملامحي، |
أن أشعل الأيام ما انطفأت ، وأن أمشي ...بنور |
غير هذا النور ، يصدقني الوعود ، وقد يعجل من نشوري |
هذه عيني ... ترى خطوات مغتصبي التي تمضي |
تدمر حلم عدوان بتدميري |
سيهزم حين أعلو ، ثم أمضـــــي |
أشب مدى اشتعالي من جــــــذوري |
وأبعث يانعا قلباً ووجهــــــــــــــــا |
وأنهض هادماً سجــنــي وســـوري |
* ** *** |
عيني تعب مدى محيط الروح ، تبتلع الإشارات التي تدنو ، |
وأخرى قد مضت قبسا وضوءا ، بين نيران مسيري ، |
ما يدمرني هنا دعوى انبعاثي مرة ، |
وجمود خطوي حيث كنت ، |
فلم أعد أسعى لأنهض هادما سدا منيعا ، |
لا يزال جداره يمتد ملء دو اخلي، |
وربيع منتجعي متاه في الأسانة دون روح ، |
مستريحا بانكسار مدا متي في لثغة المحتل ، |
تنسى صوت هولاكو |
الذي استحيت بداوته لهول حداثة الغازي |
بأسلحة الدمار، |
ذكية وغبية ، أن يمحق الأحياء في أرض السواد ، |
ويحجب التاريخ خلف براقع الصحراء |
باسم صلا لها سدوا على الماء الفرات |
سبيــــــله لحدائقي ، لن يعتلي ثمر ولا زهر شجيرات عراها ما عراني |
هذه عيني ترى وجع الضحايا |
قد تخصب من منضب ما يشع بما يشيع الموت ناراً |
ليس تبطئ ،في كيـــاني |
هذه عيني ، |
وتلك النار تزحف ، |
هل هي النار الصديقة ؟ ما يسخرها يسخرني ، |
وتلك صداقة في الحرب هل تجدي إذا دعت المكيدة للضرورة ، |
ليس ترحم أصدقائي النار يا عبثا يقود إلى فناء ـ |
ما نقدس تارة ، أو ما نرى أنا نقدسه ،فيا زيف الخطاب ، |
وتلك رؤيا النار تصدقني ، |
وهذي قبضتي ، وأنا أقاوم إذ أميز في جحيم العصر : أمسك جمر ما يحمي صفاتي ، بين نيران تهيــــــــــــــــــــــــــــمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن ، |
أو لـظى تذكي ضميـــــــــــــري |
هذه عيني ترى وجه الصديقة في مرايا مسرح ، نزلت ستارته وما انهارت عن الوجه الصفيق مسوح زور |
*** *** |
عيني التي ما استوعبت رؤيا دمار محيط روحي |
جاءها من بهرج الدعوى |
الأكاذيب الملونة الجهيرة ، لا تربم |
تدين أقنعة بظفر أو بناب |
وهي ترفل ــ إذ أراها ــفي نقاء مستعار، |
هاهنا الأذيال تسمع رمزَ طرفٍ ، |
أو تقوسَ حاجب ٍ، |
وإشـارة الإبـهـام : أن سـيـري بـأمـر شـق صـــــــــــــــــــماء الــــــــــــــــــــــــــــصـــــــــــــــــــخــــــــــــــور. |
*** *** |
وكأن عيني قد رأت وجه الحقيقة في وصايا |
لست أذكر ما يخل بروحها ، |
هذا الربيع تنفس الصعداء سمسارٌ، |
وفجّـرَ من حسابات الذي يأتي به قرن وليد ٌ، |
في حقول ليس يذكر عن بحيرات بها إلا ركام عوائد ٍ، حتى |
ولو شبت عيون الناس من ظمإ ٍ وجاعوا . |
هل ترى برقا على عين امرئ منهم |
تطاول بعد حرب لم تطل إلا ليشرب نخب صفقته التي تمّتْ ، |
تشبَ لظىً به ، ليطير منتشـيا إلى نخبٍ تصب سيوله الغارات تـمطر مـا تـشـاء مـنَ الـقـبــــــــــور. |
*** |
خذني إلى عين تفجر ماؤها ثراً ، |
وما ورد الفرات زئيرُ آساد ، |
وقد ضجت بأفواج ابن آوى كل بئر لم يكفّ صبيبها |
حتى انهيار المستبد بما تبدد في يديه |
أو توزع فوق صدر ٍ ناهد ٍ |
أو ما أريق على كواعب لم يسرن على شذىً,,, |
إلا بأقدام ٍ يدللها هوى ً داع ٍ إلى مبغى ، نقاء بياضها المخضل ، |
ما هذا البياض كسيرة الأبرار، |
هل نام الفرات عن الحدائق عمها ضوع العبير، |
وما انتبهنا للأولى جاءوا لينتهبوا الغلال ونخلة الله ، |
... ويشتعل النداء بمثل ما اشتعلت قرون من خلافات |
أقامت ما أقام توهج النيران في الرمضاء ، |
أي المد لجين بليلها حمدوا السرى ؟ |
لما يزلْ طير ينادي في البريئة ظامئا ، |
وأجيج صحراء الجزيرة لا يصد عن استراق السمع ، |
والآذان ، ما أعمى الجميع ، وما أصم قلوب من علقوا بأرض الساقيات ، |
وفتنة خلبت نفوسا |
ضج من أهوائها غرب ، وشرق لا يرى ، |
هذا البياض بغير معنى ، |
آن أن يعلو أذان كي أصحِّحَ ما يؤول لكل ذاتي ، |
كل ما يعني اندحاري |
أو صعودي ، حيث لا خطو يسير على انفراد ، |
أو صداح دون أن يشدو ضميري . |
*** *** |
من أين تشعل شهرزاد الليل أضواء وأخيلة ، |
ليرحل عاشق في هدي سحر بيان ما تروي ، |
فإن هواتف الطلقات ، |
أو حاسوب طيار يراقب من يطوف ، |
وحي أهلي ليس يجرؤ ساكنوه على التحرك ، |
ها هنا جمدوا عصورا في الظلام ، |
وها هنا منعوا صغارا نور من يرعى ويرشد... |
في مكان الحكي |
تستبق انكسارا ت النفوس |
خيال فاتنة الرؤى ، |
لم تستطع جبرَ التصدع ِ |
أو تصدَّ رعونة الطغيان عن سوء المصير ِ . |
*** |
من أين تنهمر السماء على |
شفاهٍ لا تريدُ |
سماع َأغنيةٍ تحيّي الزارعين الأرضَ |
أشواقا وحبا |
لا يرتمي نهر من الأزهار ِ |
فوق الحقل ما لم تـُدفن الأشواكُ ، ما لم يقلب الإنسان تربـــــــا |
أفــــهذه كفي تشقق ما ترى إرواءها فيه ونعمى الآخرينَ ، الشك ُّ في ثوب الملاذ إذا استتبـــا |
من بعض أغنيتي ندائي من أحب، إلى لقاء عند أقصى الحلم ، ما أدري لحلم الروح دربــا |
- |
شفشاون ـــ 2003-07-24 |