-1- |
حينما أنظر إليه |
أرفض أن أبدأ من الميتافيزيقا , فأفسح له أن يهاجمني و يصمني بما شاء |
من التهم المنكرة , أقول له أنه لم يؤثر عنه |
أن البياض من أسمائه الحسنى |
أو أن البياض من صفاته الواجبة , |
يرسل في طلب من يختطفني |
فيقذف بي إلى أعماق ليل يطول و يطول , |
حتى أشرع في إرسال صراخي مستغفرا : |
و طالبا أن أرى خيطا من نور يؤنسني |
و يبدد وحشتي |
و يهديني سواء السبيل , |
فأسمع من يقول : هذه بداية الرشد |
فإذا أنعمنا عليك بتمكينك من رؤية خروج الخيط الأبيض من الأسود , |
أفستؤمن أن البيضة أسبق في الوجود لأننا من سلالتها مبنى و معنى , |
فأجيب من أعماق صحرائي بهدوء : |
إني أرفض أن أبدأ من الميتافيزيقا،فأشهد بما لا أعرف |
و بما لم أجرب الخوض فيه , |
فأثبت ما أدري يقينا أنه غير حقيقي , |
و لذا فأنا أعتز بسواد حظي معك |
و بسواد رؤياي عندك ’ |
و أكتب هذه الأغنيات الفاحشة لألطخ بها نقاءك و أصواتك البيضاء , |
و لأغنيها أمام كل بياض حقيقي , |
و لأصدع بما يخيفك |
فتعتقلني في النقيض , |
فيسقط زعمك و تسقط رؤيتك و أكون بذلك قد فضحتك , |
و لا يعود هاما أن تنفيني أو توجدني, |
أنت الذي لا طاقة لديك على نفي ذاتك أو خلقها , |
كما أفعل أنا إن أردت , |
فبالفداء أثبت وجودي وبه أنفي عني الموت , |
لأنه احتجاجي ضدا على أن أكون بلا هدف |
و حريصا في الآن نفسه على ألا تضيع مني الحياة : |
يا بياض الألوهة هذا هجائي ، وأعلن |
منذ البداية رفضي |
وأعلن عشقي لطلعة شعبي مغبرّة ً كالحة |
فبين حوا نحه للرغاب و ألوانه : إنهمار الرؤى |
و اخضرار الدماء انطلاقتها الجامحة |
يا بياض الألوهة |
تلك نهاية خوف يُصخرنُ في خطوتي |
رغبتي في المسير على الطرق الواضحة |
- 2- |
ويا أيها الثلج الذي يسبق البياض إلى كل غاية |
فتقتل وأنت النقي هيئة |
وتسرق الدفء وتكذبنا بإيهامنا انك تأتى من السماء |
وغائمة سماؤك تحتكر البكاء وتقطر بياضا ، |
أتوّجُهُ ولا صفة للطهارة عنده ، |
البياض الكريه الذي يضرم شعبي نفسه من اجل أن يدفأ من قره |
لكن ما آن يحتاج نيرانه ليتحرر حتى تنهض أمامه صحارى |
ونداءات من رماد لا يعرف للعنقاء شيخوخة آو بعثا ، |
للطفل صرخة ميلاد آو بسمة مهد ، |
لهو يفاعة أو مكابدة رشد ، |
وانحدارا إلى القمة في اللحد : الباب إلى الاشتعال |
فينشر في فضائه مدارات للضوء وحقولا للرماد |
وبه اكثر من منحدر يسرع عبره زمان الشيخ إلى اكثر من حضيض |
يا بياض المشيب ها هي ذي أكفانك تعتز بها قبائل يحكمها شيوخ وتعبد الثار وهامات أخرى : بضعة آلهة لا قدرة لها على فعل شيء أو بعث رسول بكتاب, هي ذي أكفانك أيها البياض الكريه |
–هكذا يشدون في مواكبها – |
نوردها رايات بيضا)ونصدرهن حمرا(- |
فيا أيها الثلج أتعرف تلك الرايات الحمر المروية بدماء الهندي الأحمر المباد، |
أو بدم من وضع رهن إشارة المبيد الأبيض الذي يتسلح لإبادتنا أولا بأول , بالسيف في يد وبالذرة في أخرى , |
فيا ألوان العالم اتحدي ضد الأبيض الغاشم , |
وتمترسي أينما كنت من أجل أن نخوض عليه حرب شوارع و غابات , |
زرافات ووحدانا، عصابات عصابات، |
ولتتساقط الشمس أشلاء و شظايا و ألوانا تحاصر الأبيض و تحتجزه , |
فللشمس من النيران ما يكفي لمحوه , |
حتى نتحدث في غد عن ذلك الأبيض المباد . |
و نختلق القصص عنه , وعن بعث الهندي الأحمر , |
متحديا بالهمجية الحضارة البيضا البريئة من دنس الألوان و رجسها , |
ألوان البشر المنحدرين من سلالة لم تتقوقع على ذاتها على شكل البيضة , |
التي كانت الأسبق , و التي ينكر أسبقيتها الكافرون , المارقون |
و الرافضون أن يبدءوا من الصباح حساب يومهم |
فيؤلهون الأسود و يبدؤونه ليلا ,تعالى الأبيض عما يأفكون . |
-3- |
للأبيض كل الوجوه و لي طريق واحدة. |
الخضرة تورق على سواعدي , |
و تتصبب خيرات و شآبيب على جسدي ليأكل الأبيض , |
الذي يجني و يدع لي الحق أن أتلمظ , |
و حين يضج من الجوع صغاري , |
يترك لي الحق ثانية في أن أضع القدر بضعة أحجار , |
فأصدق الكذبة التي تلون أحلامي بمشاهد اللحوم و الخضار و الفواكه . |
أحلام تكره الصحو و تدعو عليه |
أحلام أدعوها الموت و لا أدري ماذا يسميها عليه القوم , |
كذب يعطيه الصبر جناحا ليحلق في كل الآفاق , |
و يكون الصبر قبيحا حين يصير من أتباع الأبيض , |
و للبياض ما لا يحصى من أتباع في السود و الحمر و الصفر , |
حتى في الزرقة يوجد من يتبع تعاليمه , و من يبلغ الأبيض آلاف الوشايات يوميا عن البحر حين تغطيه سمرة الخمر فتسكر الأشعة |
و تعربد الألوان بالعصيان , |
فيغدو الجميل ساحرا و تضج بالفتنة أرجاء و أرجاء, |
و لا يعود للأبيض إلا رغاء الموج و جفاء الزبد و ما لا ينفع الناس . |
قلبي أيضا في هذا البحر يضج بالفتنة , |
و عيوني تعب من نور الخمرة , |
و من مناهلها أملأ الجرار للصغار |
المتحلقين حول قدر الأحجار |
الذي يرغي و يزبد كأنما نحن الذين لم ننضج بعد على مواقد الأبيض |
الذي فتح علينا نيرانه حينما تأوهنا من أعبائه , و بدا علينا أننا سنطالبه بأن نستقل عنه و بأن يبتعد عنا , فكان أن تساقطنا بأعداد هائلة ثم سكتنا , فجرت عيوننا أنهارا , قال الأبيض : فلتسقوا منها , و لينهل أبناؤكم من دفقها |
فهي لكم نعم السقيا ونعم ما تفعلون . |
-4- |
و يحضرني الرقيب إليه , و أرفض أن أجعله لوني |
أنا عاشق اللون الذي يفتن |
أنا عاشق اللون الذي لا يفر ولا يستسلم |
أنا عاشق اللون الذي يقاوم |
و أنا أيضا الذي يسخر |
من جبن الأبيض في المواجهة و حينما يعدني بالقتل كما لا أحب , |
أقول لا يهم الشاة ...ألخ .فتصيح بفمي )آلام شجاعة( : أما آن لهذا الفارس أيضا أن ....ألخ أيضا . فيضع يده على شفتي محاولا كتم ما أريد إيضاحه فتهدج أوداجه إذ يصرخ أسكت ...أسكت .و لتسكت ذات النطاقين , وليسكت المأفون بريخت المشرك لأنه اشتراكي , ولأنه لم يقر بتف |
و يغرورق فمه بالصراخ و الرغوة , فيغمى عليه , فأختطف ثانية فلا أعاد إليه إلا حينما يعود إليه رشده , فيطيب لي أن أضحك منه في ظلمة حبسي , و أن أهجو رشده الذي لا يعود إليه إلا ليلة حمراء يحيى فيها ذكرى الهندي الأحمر فيطمئن لمحو حضارة و وحوش ,المحو المضاعف , |
و أكون اللغم و أؤجل الانفجار |
و أكون الفتنة و أؤجل الانتشار |
و أكون الضال الذي ينطوي على ما يضمن الهداية |
انشر أشرعتي .. أمخر هوج الموج فيسكرني |
لوني في الموج |
تكون الفتنة ساحرة شاملة , و يدوي اللغم |
- 5 – |
عندي الآن هذيان قلوب لم تعرف طعم الدمع , |
حين تلوت مرثيتي أمام قبر فعلي الماضي , |
ضحكت و هي تحتج ضد المطلق , و صراخها كانت تثقله ذبذبات الضحك الصافي الصادق . |
عندي الآن أمطار لن أطلقها في الشتاءات من أجل ولادة يباس يرافق خطوتي إلى الجنة التي وعدت بها , دون أن تسوخ في الوحل |
عندي الآن للطيور هندسة لبناء أعشاشها , في أغنية لا تسمع |
عندي الآن للأشجار موسيقى حتى و إن أباد الفلاحون العصافير جميعا ، |
موسيقى تبكي و تحتج من أجل خضرة دائمة . |
موسيقى تلد الربيع و تجادل في صفاته و تسهر عليه . |
هي موسيقاي في رثائي للفعل الماضي و هي أيضا موسيقاي حين هجوت |
الرشد |
و البياض الكريه فانبعثت قدامي أشباح تستنكر و قد تهيأت لقتلي , و ترسل أصواتا نائحة تستعدي ضدي أهلي . |
أصواتا نتنة تتسول الرثاء لا العطف . |
أصواتا-هذيانا من حناجر جثث قد كفنت بالأبيض و تنتظر الدفن |
أصواتا –إشارات و رغم ذلك تضيق بها الآذان . |
عندي الآن لقتل الموت , العصافير الضالة , البياض , الرشد القاصر |
الأصوات –الهذيان-الإشارات ,وسائل هذا جسمي إحداها |
جسمي هذا الطاعن في الحرب |
الطاعن في كراهية البياض و هجاء الرشد |
سيشارك في إعداد قبور من أجل العلامات الأعلام . |
-6 - |
يغتالني الأبيض الأنيق و لا أغادر رفضي , |
و أحب جاذبية الدفع التي لكفي و قدرتها على أن تجعل عيني |
تكفان عن رؤية الأبيض يتألق في كل الفضاءات و أحبه منفجرا فيها كشهاب يبرر انتحاره بمطاردة الشياطين , الأبيض يغتال النهار و أفراحا بألوان محبوبة , و يحضر في الليل مدججا بالأشباح و الفجاءات منتظرا : أن يضبطني متلبسا بالسعي نحو |
)الإقامة في الأرض (, |
و أن يسمعني مرددا بطريقتي الخاصة الصرخة الهادئة الرائعة |
)لن(, |
و أن يراني أجتهد لإعداد |
) |
قبر من أجل نيويورك |
( |
حتى تكشر أناقته عن خبثها , |
فأوجه الوحش المتمدن |
-الذي جرب آلف الطرق لاصطياد الإنسان المتوحش– |
لا صاغرا و لا مستسلما, |
فأعلن عليه الحرب حتى تخضر أمنياتي بين يدي , |
و يتحقق ما لا يستطيع بعض أهلي تصوره |
,و أصر على الحرب |
حتى أبصر ألوان الأرض جميعا في عيد |
أدعو أن ينتفض المظلومون معي و أريد |
آن أفضح إصرارا غيبيا ) آن الأبيض سيد كل وجود( |
هل تدري |
الميتافيزيقا / |
هل تدري |
شهب تهوي |
هل تدري |
أيد بيضاء اغتالت بالأسلحة البيضاء رفيقي |
هل تدري |
عاهرة فاضلة كانت تكره كل البيض و إن كانوا أهلا |
هل يدري |
الخطباء البيض الحقراء , |
) |
و هل يدري |
ذاك الشيخ الأبيض |
و هو يراود شابا أبيض عن نفسه ( |
هل يدري |
أهل الرشد المخروق |
عشاق عوالم خارقة في الغيب |
هل يدري |
الأبيض نفسُهْ |
حتى لو شمخت في هذي الأيام الجهمة رأسُهْ |
هل تدرون جميعا أنتم يا ... أنتم |
هل تدرون غدا من سوف يسود ? |
- |
شفشاون في سبتمبر 1980 |