شواظ جحيم
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
فداكِ سناً كلُّ من لا يغارُ | تَشابَهَ ليلُهُمُ والنهارُ |
ولو قلتُ يفديكِ ذو غَيْرةٍ | لعزَّ الفداءُ، وطال انتظار |
أأرثيكِ؟ أنّكِ لم تبعدي بَلْ | سعدتِ بقاءً فأنتِ الديار |
تحوّلتِ للخُلْد في ومضتينِ | كأنّ حياتَكِ لا يستعار |
رآكِ العدوُّ شواظَ جحيمٍ | غداةَ بدا لكِ منهم قِطار |
فهل عاينوا غيرَ إرهابَهم | يدور بمصرعهم حيث داروا |
عجبتُ لأنثى أبتْ أنْ تُعا | نِقَ إلا الحِمامُ فطاب الخِيار |
مضى العهدُ قبلكِ ليلَ حِدادٍ | فلا حقُّ، لا ملجأٌ، لا قرار |
لقد جمدَ الحزنُ في العين دمعاً | وعاد إلى القلب وَهْو شَرار |
بطول مآسيه حتى انطلقتِ | شهاباً وإذ للنضال انفجار |
تَباهي فما في رُبى الخلدِ قَطُّ | زان بجلوة عرسٍ إطار |
كجلوكِ.. إذ كبّر الخالدونَ | وما كان أحلاكِ لولا الغبار |
وأفتنُهم بكِ كان الشُّراةُ | وبينهُمُ طاب منكِ الحوار؟ |
فهل بعد سعيكِ فضلٌ لساعٍ | وعاش بمثل طِلابكِ ثار؟ |
وهل مثلُ حِنّاكِ شاهدُ عرسٍ | وحلّى كمثل «يديكِ» سِوار؟ |
وكلّلَ حين تطايرَ شَعرُكِ | هامةَ مثلكِ في الحرب غار؟ |
وأنتِ كفاكِ من الخُلْدِ أنْـ | ـنَكِ جاورتِ ربّكِ نِعْمَ الجِوار |
على الريف بعدكِ أشرقَ بدرٌ | وصفّقَ نهرٌ وغنّى هَزار |
وفي الحرب حولكِ تضحك للمَوْ | تِ أعينُ أحرارها إذ تُثار |
تَباهي فما لجلال الشهادةِ | داعٍ وعى كيف يُحْمَى الذِّمار |
تَجمّعَ في حشدهم كلُّ لَسْنٍ | وأمّا تَدافعُهم فاضطرار |
فإنْ وحّدَ العُرْبُ يوماً خُطاهم | وشايعهم مجدُهم حيث ساروا |
فأنتِ سَناً قد أنرتِ الطريقَ | ودون الردى لا يتمّ انتصار |
لقد قصرتْ عن مداكِ الملوكُ | فحسبُكِ أنّكِ أنتِ المنار |
نفذتِ كسهمٍ إلى ما أردتِ | وبين خُطاهم يلجّ العِثار |
تَراوحَ حيث التقى جمعُهم | كأمسٍ ليَصدرَ ليلاً قرار |
فلا كابدَ الخوفَ منهم صباحاً | عدوٌّ ولا آنسَ الأمنَ جار |
كأنّ العروبةَ عندكِ صَرْحٌ | وما باسمها يُعلنون انهيار |
إذا الأرضُ تحت احتلالِ الغزاةِ | فكلُّ سلامٍ مع العجزِ عار |