سيّاح قد هامت به سبل الزمان |
فتاه ما بين التداعى و السفر |
سيّاح قد طافت به شهب الحنان |
و راعه ظل المطر |
و روته أنفاس المدائن و ابتسامات السحر |
بسمائه السحب الرضيعة تستطيب ندى الثمر |
نسج الوجود بأبرة ٍ |
قد خاط مخروط القدر |
هيمان فى شهد الزنابق يشتهى لحم الشجر |
كالموجة الملقاة فى قيد الشواطىء |
فى دهاليز المقر |
بين المعابد والسفوح |
و بحانة الزمن الطموح |
وبرونق الفلق الوسيم وثورة النغم الصبوح |
قبلة النعش القديم |
شرارة البعث الوضوح |
ومعبد الريح الأغر |
!!! |
ها قد أتينا للزوابع والصواخب |
والصواقع والرعود . . . |
نحبو بصدر الارض |
نلهث خلف قضبان القيود |
نمد أيدينا ونهتف |
لا نبالى بالمسافات القديمة والحدود |
نحن أبناء السفر |
ها نحن عدنا أيها المهزوم فى صلب النهار |
ها نحن عدنا للسراب المستطيل وللقدر |
ها نحن عدنا للضياع |
عدنا نصفق لليراع |
ها نحن عدنا بالمشاعل والدفوف الثائرات |
عدنا نغنى للوداع .. |
نحيا نُنقّر فى كهوف الموت |
ننتزع القلاع |
تلك السفينة فى لسان البحر |
تفتقد الشراع |
يا أيها المجنون أنت |
وأيها المدفون بين هياكل الموتى |
تمور مع الدُخان .... |
تهوى تثور على بقايا الروح |
تنزع من مقاصدك الحنان |
فالضائعون النائحون ... |
يتلاطمون وبينهم حجر المقابر والقرون |
ينثرون اكفهم للريح |
يخبون فى ذاك الكفن |
ولقد أقاموا من فتات الشمس |
مأدبة تغذى من بقاياها الزمن |
هذا الهجير ... |
يا من تمشى فى عظام الحوت |
يخترق النخاع |
و يدور ما بين الغدير |
بين البراعم و الجدار المستدير |
ماذا تريد !؟ .. |
يا أيها المنسى فى عرض الطريق |
يا أيها المستاء تلتحف الرواعد والبريق |
أنت الذى أمر الزمان بنفيه |
أنت الذى قتل الشهيق |
أنت الذى جُبت الحقول |
وتمخضت فيك السواحل والسهول |
أنت مخبول الافاعى |
أنت سم للعقول |
أنت تدرك بالتياعى |
أم مصاب بالذهول ؟ |
فاللحم فى ساق السراب |
كالقلب ينضح بالحنين وبالعذاب |
فيموت كالجبل المقام على الشواهق |
والدعاء المستجاب ... |
قبل أن تعدو وتغرب عن طريق الكون |
تأخذ فى الأفول |
يا أيها السياح |
يا أيها المنبوذ بين شواهد المجد |
المقام على الرياح |
فلتبتعد زمناً |
و حلق فى بحار الدمع |
فى جيد النواح |
فوق مسبحة الدروب |
بين المضاجع والغروب |
بين صلوات الصباح |
يا من حرقت شعاع قلبى |
وخنقت أقفال الصياح |
وأخذت ترقد فى الرصيف المبتذل |
أبقى أنا .. |
و حدى على همس الأمل |
أبنى قصور التيه من رمل الدجل |
كى تستريح خطى الملل |
ولنحيا نحن مع الضباب |
فكل شىء محتمل |
ولنحيا نحن بلا اغتراب |
فلسوف يأتينا الأجل |
ولسوف تبكيه الشباب |
يا أيها المصلوب أنت .. |
كل شىء محتمل |