سجين قبرص
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
هي الحياة بحلاءٍ وإمراءٍ | تمضي شعاعاً كزَند القادح الواري |
سجيَةُ الدهر والبلوى سجيتُه | تَقَلُّبٌ بين إقبال وإدبار |
لم يدر من أحسنوا صُنْعاً لغيرِهُمْ | بأنَّ عقباهُمُ عُقْبىَ سِنِمّار |
ود الاباة وقد سيموا مناقصةً | في الرُوح لو أبدلوهم نقصَ أعمار |
مَن ضامِنٌ لك والايامُ غادرةٌ | أن ليس ينشُب فيك السَهم يا باري |
ما للتمدُّن لا ينفكُّ ذا بِدَعٍ | في الكون يأنَفُ منها وحشهُ الضاري |
كم ذا يُسمُّون أحراراً وقد شَهِدَت | فِعالهم أنها من غير أحرار |
ما للجزيرة لم تأنسْ مرابعُها | بعدَ " الحُسينِ " ولم تحفِلْ بسُمّار |
مُغبرَّةً خلَّفَ الليل السوادُ بها | أو جلَّلتْها سماءُ الهمِّ بالقار |
لِمْ لا تشَبُّبها نرٌ أكلُّهم | ألهاهُمُ الحزنُ حتى موقدو النار |
يا مهبطَ الوحي للتاريخ معجزةٌ | سَلي تحدِّثْكِ عنها فُوهةُ الغار |
لله عندَكَ بيت سوف يكلؤهُ | من أن يُباح لأشرار وكُفّار |
تلك السُنونَ بآثارٍ مضت واتت | هذي السنونَ تُبَغْي محوَ آثار |
أما بنوكَ فهم جيرانُ ربِهُمُ خيرُ من يَحمي حِمى الجار | |
دارٌ بدَّيارها من طارق حُفِظَت | وطالما حُفِظَت دار بدّيار |
شيخ الجزيرة أنت اليوم مُرتَهَنٌ | بحسنِ فِعلك من صِدقٍ وإيثار |
لتحمدَنَّ من الدنيا عواقبَها | فقد أرَينَكَ عُقبى هذه الدار |
خُودعت عنها وليستْ لو علمتَ سِوى | مراسحٍ همُّها تمثيلُ أدوار |
تغشىَ العيونَ بتدليس محاسنُها | وتستكنُّ المساوي خلف أستار |
يا حاملين على الأمواج عزمتَه | قابلتُمُ البحرَ تيّاراً بتيّار |
هل بلَّغتْ قبرصٌ عن ضَيف بُقعتِها | بأنَّه أيُّ نَفّاعٍ وَضرّار |
كمثل ثائرٍ ذاك الموج ثورتَه | يوم استشاط وهاجَتْ سورة الثار |
يامن يُجِلُّ شعارَ الدين مستمعاً | لله آياتُ إجلالٍ وإكبار |
حتى على البحر للتكبير ماذنةٌ | تقامُ كلَّ عشيات وأبكار |
ألله أكبر ردَّدها فان بها | خواطراً ورموزاً ذات أسرار |
مما يعيد إلى التاريخ روعتَه | تخليدهُ ملكاً في زيّ أحبار |
من سِّيئاتِ ليالٍ جلَّ ما صنَعَت | سوءاً بليةُ وفّاء بغدّار |
يا ناهضاً بأباةِ الضيم منتفضاً | عن أن يَمُدَّ يداً للذُل والعار |
في ذمة الله والتاريخ ما تَرَكَت | ايامُك الغُرُّ من محسود آثار |
إن لم يقيموا لك الذكرى مخلدَّةً | فحسنُ فعلك فينا خيرُ تَذكار |
لو تبتغي بغنى عن عزةٍ بدلا | لكنتَ ذا نَشَبٍ جَمٍ وإكثار |
نهضاً بني العَرَب العَرْباء أنكُمُ | فرأئسٌ بين أنياب وأظفار |
أرقدةً وهوانا أن بعضَهما | مما يَفُتُّ بأصفادٍ وأحجار |