ثورة الوجدان
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
سَكَتُّ حتَّى شَكَتَنْي غُرُّ أشعاري | واليومَ أنطِقُ حُرّاً غيرَ مهذارِ |
سلَّطتُ عقلي على مَيلي وعاطفتي | صَبْراً كما سَلَّطُوا ماءً على نار |
ثُرْ يا شُعورُ على ضَيْمٍ تُكابدُهُ | أوْلا فلستَ على شيءٍ بِثَوَّار |
وقَّعْتُ أُنشودتي والحزنُ يملُؤها | مَهابَةً ونياطُ القلبِ أوتاري |
في ذمَّةِ الشِّعْرِ ما ألقى وأعظَمُهُ | أنّي أُغنّي لِأصْنامٍ وأحجار |
الشعبُ شعبي وإنْ لم يرضَ منتبذٌ | والدارُ رغمَ " دخيلٍ " عابَني داري |
لَوْ في يدي لحَبَسْتُ الغيثَ عن وطَنٍ | مُسْتَسْلِمٍ وقَطعتُ السلسلَ الجاري |
ما عابَني غير أنّي لا أمُدُّ يداً | إلى دنيءٍ وأنّي غيرُ خوّار |
العُذْرُ يا وطناً أغليتُ قِيمَتَهُ | عَنْ أنْ يُرى سِلعةً للبائعِ الشَّاري |
الكُلُّ لاهونَ عن شكوى وموجدَةٍ | بما لَهُمْ مِن لُباناتٍ وأوطار |
وكيفَ يُسْمَعُ صوتُ الحقِّ في بلدٍ | للإفكِ والزُّورِ فيه ألفُ مِزمار |
يا أيُها السائحُ المُجتازُ أوديةً | مشى الربيعُ عليها مشىَ جبَّار |
مَرَّ النسيمُ على أكنافها فَذكَتْ | كأنما جُرَّ فيها ذَيْلُ مِعطار |
مَحِّصْ بِعينَيْ نزيهٍ غير ذي غَرَضٍ | حالَ العراقِ وخلِّدهُ بأسفار |
إن القصورَ التي شاهَدْتَ ، قائمةٌ | على أساسٍ من الإجحافِ مُنهار |
خَلِّ الخُوانَ وإنْ راقَتْ مَطاعمُهُ | وبتْ بليلةٍ ذاكَ الجائعِ العاري |
وانظُر إلى الكوخِ قد بِيعتْ دعائمُهُ | وحَوَّلُوها لأقراطٍ وأسوار |
واخشَ الدخيلَ فلا تَمدُدْ إليه يَداً | فانَّه ايُّ نَفّاع وضَرّار |
صرف الدراهمِ باعوا واشتَرَوا وطني | فكلُّ عشرةِ أميال بدينار |
وطغمةٍ من دُعاةِ السُوء ساقطةٍ | ليسَتْ بِشَوكٍ إذا عُدَّتْ ولا غار |
تروي وتَظْمأُ لا تَلوي على نَصَفٍ | ولم تُوَكَّلْ بايرادٍ وإصدار |
في كُلِّ يومٍ بأشكالٍ وأنمطِةٍ | وكُلِّ آنٍ بهيئاتٍ وأطوار |
مأجورةٍ لم تَقُمْ يوماً ولا قعَدَتْ | إلاَّ على هَتْكِ أعراضٍ وأستار |
عَوَتْ فجاوَبَها أمثالُها هَمَجٌ | مِنْ كلِّ مستصرَخٍ لِلغَيِّ نَعَّار |
يُحصونَ تاريخَ أقوامٍ وعندهمُ | صحائفٌ مُلِئَتْ بالخزيِ والعار |
لَجّوا على أنْ يزيدوا كلَّ ثائرةٍ | تسعيرةً وأصروُّا كلَّ إصرار |
أينَ المساميحُ بالأرواحِ إنْ عَصَفَتْ | هوجاءُ تُنْذِرُ أوطاناً باعصار |
يا للرَّجال لأوطانٍ مُوَزَّعةٍ | في كفِّ مُهانِ النفسِ دَعَّار |
شَلَّتْ يدٌ عبِثتْ في أُختِها وكَبَتْ | رِجلٌ إلى نفسِها تسعى باضرار |
ماذا السُكونُ الا تَهتاجُ نخوتَكُمْ | انَّ العُروبةَ قد خُفَّتْ بأخطار |