بين قطرين
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
سقى تُربَها من ريِّقِ المزن هطّالُ | دياراً بعثْنَ الوقَ والشوقُ قتالُ |
خليليَّ أشجَى ما ينغِّص لذتي | مَناحٌ أقامته عيالٌ وأطفال |
وأيد وأجيادٌ تُمَدّ وتلتوي | ومنهن حال بالدموع ومعطال |
خليليَّ لو لم يَنطق الوجدُ لم أقل | فقد كذَّبت قبلي لذي الحبّ أقوال |
وحيداً فلو رُمتم على الوجد شاهداً | لما شَهِدت الا بُكورٌ وآصال |
وما برِحت أيدي الخطوب تنوشُني | بفارسَ حتى بغَّضَ الحلَّ ترحال |
وما سرني في البُعد حال تحسَّنَتْ ، | بلاديَ أشهى لي وان ساءتِ الحال |
فمن شاقه بَردُ النعيم بفارسٍ | فاني إلى حَرِّ العراقين ميّال |
أُحب حصاها وهو جمر مؤجَّج | وأهوى ثراها وهو شَوكٌ وأدغال |
واني على أنَّ البلادَ جميلةٌ | تروق كما ازدادت من الدلِّ مِكسال |
منعَّمة أما هواها فطيّب | نسيم وأما الماءُ فيها فسَلسال |
يسيل على أجبالها وهو لجّةٌ | ويجري على حَصبائها وهو أوشال |
تحيط به خُضرُ الرياض أنيقةً | كما رُقِمت فوق الصحائف أشكال |
أحنُّ إلى أرض العراق ويعتلي | فؤادي خُفوقٌ مثلَما يَخفُق الآل |
وما الهول غِشيانَ الدروبِ وضيقُها | عراكُ الهوى والوجدُ والذكرُ أهوال |
خليليَّ أدنى للبيب رُقيُّهُ | إلى النجم من أن يَسلَم العزُ والمال |
ألا مُبلغٌ عني " المعرِّيَ " أحمداً | ليسمَعَه والشعر كالريح جوّال |
بأني وإيّاه قرينا مصائبٍ | وان فَّرقت بين الشعورينِ أحوال |
واني وإياه كما قال شعره : | " مغاني اللوي من شخصكَ اليوم أطلال " |
" تمنيت أن الخمر حلَّت لنشوة | تُجَهِّلُني كيف استقرَّت بيَ الحال " |
احباي بين الرافدين تيقَّنوا | بأني وان أُبعِدتُ عنكم لسّآل |
لئن راقكم ماءُ الفرات وظلِّلتْ | عليكم من الصَفصاف والنخل أظلال |
فانيَ من دمعٍ عليكم أُذيله | شَروبٌ ومن سَوداءٍ قلبي أكّال |
لقد كان هذا القلب في القُرب مضغةً | وها هو من بعد الأحبَّة أوصال |