أرشيف الشعر العربي

أشياء.. عن علوان الحارس

أشياء.. عن علوان الحارس

مدة قراءة القصيدة : دقيقتان .

كانَ يُحِبُّ نوارسَ دجلة

والسمكَ المَسْگُوفَ.. على الشطِّ

وأورادَ الجوري.. تتفتّحُ – في الليلِ –

كأوراقِ القلبِ

على شُرفةِ محبوبتهِ الفارعةِ الطول

كانَ يُحِبُّ أغاني "حسين نعمة"

والمشيَ على أرصفةِ السعدونِ.. وحيداً

تبهرُهُ أضواءُ الصالوناتِ.. وسِرْبُ السَيَّاراتِ المجنونةِ..

.. والسيقانُ.. ورائحةُ "الهمبرگر"

كانَ يُحِبُّ نثيثَ الأمطارِ

يُبَلِّلُ أثوابَ الفتياتِ

فيركضنَ.. كغُزْلانٍ شاردةٍ

نحو مظلَّتِهِ

ويكركرنَ.. إذا راحَ يُغنِّي:

"يا بو زبون الحَمَرْ… ومطرّز بإبرة

كل الشرايع زلگ… مِنْ يَمِّنَه العبرة"

آه… يا مطرَ الله

تساقطْ

حتى يمتليءَ العالمُ..

بالأزهارْ

*

وإذا جنَّ الليلُ..

اِحْتَضَنَ "الكَسْرِيَّةَ"

ثُمَّ استقبلَ ليلَ الطُرُقاتِ.. نحيلاً

كمصابيحِ الحارةِ

أطلقَ صفّارتَهُ..

يجرحُ صمتَ مدينتِهِ الغافيةِ العينين.. {على} وَجَلٍ

– نامي – بأمانٍ – يا أجفانَ الأطفالِ

فَعَمُّكُمُ علوانُ الحارس.. يُشعِلُ عينيهِ بقلبِ الظلمةِ

ويمرُّ على حارتنا..

بيتاً.. بيتاً

– .. ها.. مصباحُ الصائغ…… لمْ يُطْفَأْ

ما زالَ كعادتهِ.. حتى منتصفِ الليلِ..

يقلّبُ أوراقَ قصائدِهِ

- لِمَ تعوي خلفَ خطايَ كلابُ الدربِ

وتنسى أحلامي النجمةْ

اللعنةْ!

مَنْ لا يَعرِفُ علوان الحارس في منتصفِ الليلْ

*

أُبْصِرهُ.. يَدْلِفُ للمقهى

مشتعلاً بعذاباتِ طفولتهِ

مدرسةٌ طردتهُ…

وكوخٌ.. من قصبِ البردي والطين

وفانوسٌ يسعلُ في البردِ

وأشياء أخرى..

يتّخذُ الآنَ.. برُكْنٍ منعزلٍ

مقعدَهُ

مرتشفاً كوبَ الشايِ – على مهلٍ –

يتأمَّلُ من خلفِ زجاجِ المقهى

موجَ الناسِ المتدافعَ نحوَ الفجرِ

ينهضُ مبتسماً

يغرقُ وسطَ زِحامِ الشارعِ

مفتوناً.. بصباحاتِ الوطنِ المشمسِ

………… والأزهارْ

* * *

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (عدنان الصائغ) .

مصادفة

غيرة...

تساؤلات...

ندم القرنفل

أمي