نظرَ إلى الأفقِ.. طويلاً |
ياه.. منذ متى لمْ يتملَّ هذه الزرقةَ الصافيةَ |
منذُ كمْ وهو منسيٌّ في هذا الشقِّ الأرضيِّ.. كقطرةِ مطرٍ |
من أجلِ أنْ يورقَ - ذاتَ ربيع - |
عُشْبُ الانتظارِ |
في الدربِ المُؤدِّي إلى كلمةِ: سلام |
* |
أصغى إلى زقزقةِ النسغِ |
وهو يتصاعدُ من أعماقِ الأرضِ إلى حَنْجَرَةِ شجرةِ |
ياه.. منذُ متى سرقتِ الشوارعُ من جيبِ قميصِ طفولتهِ.. الغابات |
فنسيَ نبضَ الغُصُونِ في دمهِ |
وانشغلَ بالضجيجِ المتصاعدِ، من كلِّ شيءٍ: |
من ملعقةِ الطعامِ.. حتى مكيّفةِ الهواء .. |
آه… |
مَنْ يُعِيدُ للعالمِ غاباتهِ التي… ابتلعتها معاملُ المدينةِ.. |
نظرتُ إلى شَعرها الطويلِ.. طويلاً |
وتذكّرتُ شلّالاتِ بلادي |
تتساقطُ على دفاتري قصائدَ حبٍّ |
ورأيتُ الأنهارَ تفيضُ على يديَّ |
بساتينَ فرحٍ، وسوابيطَ ضوءٍ |
ياهٍ.. منذ متى لمْ أقفْ على جسرِ الكوفة |
لأرى ظلالَ شَعرها الطويلِ |
تتماوجُ على صفحةِ النهرِ |
وظلالَ بيتنا القديمِ |
تتماوجُ على مرايا ذكرياتي |
* |
نظرتُ إلى الأفقِ… ثانيةً |
ما زالَ فضاؤه اللامتناهي |
يفيضُ زرقةً هادرةً |
رغم سحابةِ دُخانٍ أبيض |
كانتْ تَشُقُّ السماءَ نصفين: |
أوشكَ نصفُها الأولُ أنْ يميلَ إلى الغروبِ |
تجرّهُ سلاسلُ ظلامٍ خفيَّة |
وتراءى من بعيدٍ قرصُ الشمس، مُعلّقاً بسِنَّارةِ الغَسَقِ |
فاصطبغَ الأفقُ بدمهِ المطلولِ... |
أمّا النصفُ الثاني فما زالَ يَنْبسِطُ........ |
بكلِّ عذوبةِ صيفِ الساعةِ السابعةِ عصراً |
بعد دقائق |
اختفى خيطُ الدُخانِ الأبيض |
وعادتْ صفحتا السماءِ المشقوقة... للإلتئام |
ولكنَّ الظلامَ بدأ يتسرَّبُ رُوَيْداً، رُوَيْداً |
بعد قليلٍ ستتصاعدُ قنابلُ التنويرِ... |
بعد قليلٍ ستتكاثفُ نظراتنا {الوجلة} إلى الأفقِ |
لنَنظُرَ معاً عمّا سينجابُ ظلامُ المساء الطويل |
* * * |