"كنّا نتمشّى جنباً إلى جنب |
ثلاثتنا: |
أنا وانوشكا والفراق" |
- ناظم حكمت - |
. |
. |
. |
اقتربتُ منها |
اقتربتُ أكثرَ... |
وعندما مددتُ كفّي لأُودِّعَها... |
لمْ أجدْ أصابعي |
بل عشر شموعٍ – من الحنينِ - |
تذوبُ ببطءٍ... |
قالتْ: سأرحلُ |
لمْ أُصَدِّقْها... |
قالتْ: إنّي راحلةٌ |
لمْ أُصدِّقْها... |
وعندما لوّحتْ بكفّيها الممطرتين |
من وراءِ نافذةِ قطارِ الرحيلِ |
لمْ أُصدِّقْها... |
وهكذا مرَّتْ ثمانيةُ أعوامٍ على غيابها |
وأنا لا أُصدِّقُها... |
* |
عيناكِ حلوتان وحزينتانِ |
عيناكِ رصيفُ وداعٍ مُبلَّلٌ |
وصمتكِ يثيرني أكثرَ |
من أيِّ زَبَدِ بحرِ قصيدةٍ خرجتِ |
وإلى أيِّ قرارٍ مجهولٍ سترحلين |
أيّتُها المجنونةُ كقلبي... |
أنا شاعرٌ، وأَقْصِدُ: رجلاً مهشّماً |
وعِطْرُكِ مرايا وبوحٌ وانكسارٌ... |
ماذا أفعلُ؟ |
أمامَ صمتكِ أيّتُها الشاعرةُ المسكونةُ بالرحيلِ |
قلتُ: علّني أزيحُ غمامَ الحُزنِ عن رصيفِ شفتيكِ |
فوجدتُ حُزني يتشظّى |
ويمطرُ قصائدَ وياسمينَ وفوضى |
آهٍ... أيّتُها الفاتنةُ |
أَيّها الحرفُ الممنوعُ |
الحرفُ الموصولُ، بالقصائدِ... حتى تخوم البحرِ |
الحرفُ الوحيدُ،... حتى ذبول الغروبِ على طاولتي |
الحرفُ الناحلُ،.. كشجرةٍ سرقوا أحلامها |
وخلَّفوها وحيدةً للخريف |
ماذا أفعلُ...؟ |
غربتي تذبحني أمامَ أبوابِ العواصمِ المغلقةِ |
ورجالُ الجماركِ لن يفهموا - بالتأكيد - وَلَعي بكِ |
وَلَعي المفاجيء المجنون الغريب كزخّةِ مطرٍ |
وَلَعي هذا... |
كمْ أنا حزينٌ لذلك |
كمْ حزينٌ أنا... |
كيفَ لمْ أنتبهْ إلى جوازِ سفركِ، الموقوتِ كلغم |
* * * |