سلامٌ على منْ لم يحلّ بمهجتي
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
سلامٌ على منْ لم يحلّ بمهجتي | سواهُ ولم يملكْ سواه قيادي ؛ |
ومن حبهُ راسٍ بقلبي ومن به | غرامي مهما عشتُ ؛ لا بسعادِ |
ومن لم أزلُ مذْ غبتُ عنهُ مدلهاً | قرينَ صبابتِ حليفَ سهادِ . |
أبيتُ سميراً للنجومِ كأنما | فراشي محشيُّ بشوكِ قتادِ ؛ |
عسى الله بعد البين يجمعُ شملنا | على رغم حسادٍ وغيظ أعادي ؛ |
وأشفي فؤادي يا حبيبي بنظرة ٍ | إليك فقد أضناه طول بعادي ؛ |
فأجاب عليّ بكتاب بسيط وفي طيه هذه القصيدة | |
ألمتْ ؛ فهاجتْ لوعة ً بفؤادي | وزادتْ غراماً أدمعي وسهادي ؛ |
بيوتٌ بها أقوتْ بيوتُ تجلدي | وقامَ اصطباري بالرحيل ينادي . |
هي السحرُ أو كالسحرِ فعلاً ؛ فمذْ أتتْ | أقصضَ لشوقي مضجعي ووسادي ؛ |
تذكرني عهداً لنا ومنازلاً | سقاها من الوسميّ صوبَ عهادِ . |
فأحللتها من ناظريّ ومهجتي | سويداء قلبي أو سوادَ سوادي . |
فيا باعثاً لي الوجد في طيّ مهرقٍ | رويدك ما قلبي الشجي بجمادِ . |
ويا مالكاً رقيّ بنعماه دائماً | فكم نعمٍ عندي لهُ وأيادي |
أيادٍ لعمري أهملتْ ذكرَ حاتمٍ | و كعب الندى في طيءٍو إيادِ |
ويا ماجداً أعطيته عهد صحبتي | وأصفيته في الغيبِ محضَ ودادي . |
أتحسبُ أني بعدَ بعدكِ سالياً | يطيبُ معاشي أو يلذّ رقادي |
أبى البينُ إلاّ أن أرى فيك لابساً | ليالي أحزاني ثيابَ حدادِ ؛ |
فغادٍ من الدمع الهتونِ ورائحٌ | وخافٍ من الشوقِ الشديد وبادي ؛ |
ولو أنني سافرتُ شرقاً ومغرباً ؛ | لما كانَ إلاّ طيب ذكركَ زادي ؛ |
فراقكَ أشجاني وهدّ قوايَ ؛ لا | تغني هزاز أو ترنمُ حادي ؛ |
ولا الغادة ُ الهيفا لها بينَ شبهها | من المائسات الناعمات تهادي ؛ |
ولاَ الأهيفُ الفتانُ يعبث قده | وناظره الساجي بكلّ فؤادِ ؛ |
ولا القرقفُ الصهباء حثتْ كؤوسها | أكفُّ مهيً هيفِ الحضورِ خرادِ |
أخي ونصيري في النوائب والذي | أناديه للأحداث حينَ أنادي |
فدى ً لكَ أهلي الأقربون ومعشري | وما يبدي منْ طارفٍ وتلادِ |
أتتني منْ تلقاء سوحك قطعة ٌ ؛ | بنفسي سوحٌ قدْ حللتَ ونادي ؛ |
هيَ الروضُ بلْ أبهى منَ الروضِ بهجة ً ؛ | إذا جادهُ أكفِّ غوادي |
بعثتَ بها من سوحِ نعمة ِ خالقي .. | على حاضرٍ في العالمين وبادي . |
عماد الهدى ربّ العلى هادي الورى | إلى خير منهاج وقولِ سداد . |
أدام إلهُ العرش فينا ظلالهُ | وأبقاهُ للإسلام خيرَ عمادِ |
وقد بعثَ العبد الجواب تجارياً ؛ | وإن كانَ يكبو عنْ مداك جوادي ؛ |
فخذْ من جوابي النزر ما كان حاضراً | وأنتَ إذاً أندى ؛ لأنك بادي ؛ |
وعذراً ؛ فقد قابلتُ دركَ بالحصى | وساجلتُ بحراً زاخراً بثمادِ ؛ |
فأغضِ وسامحْ منعماً عن قبيح ما | بدا لكَ من عيبٍ به وفسادِ |
فأنتَ الذي قدتَ القوافي طوائعاً | وغيرك لم تنقدْ لهُ بمقادِ ؛ |
وأنتَ الذي جليتَ في حلبة ِ العلى | على كلّ جحجاحٍ طويل نجادِ ؛ |
على أنني قد صرتُ بعدك أعجماً | وإن كنت أزرى لهجة ً بزياد |
لدهرٍ رماني بالمصائب صرفه | وأضنى فؤادي خطبه المتمادي |
أطالَ حروبي بالمضرات والأذى | ولا طول حربِ الحرث بن عباد |
يحاولُ إهمالي وإسقاطَ رتبتي | ويسعى حثيثاً في خمود زنادي . |
وثقل ديونٍ للورى يا بن ناصرِ | يراوحني همي بها ويغادي |
ملأنَ فؤادي بالأسى وسلبنني | رقادي وملكنَ الرجال قيادي |
فأصبحتُ رهناً في أزال لأجلها | وغير أزال بغيتي ومرادي ؛ |
وإن كان فيها منشأي وولادتي | ومسقط رأسي ؛ فهي غير بلادي .. |
وما بلدي إلاّ الذي فيه أغتدي | وعرضي مصونٌ عن مقال أعادي ؛ |
بلادٌ بها لا أختشي الذلّ إن غدت | عليَّ لأحداثِ الزمان عوادي ؛ |
أأقعدُ في قومٍ أرى الشعر بينهمْ | يباعُ ببخسٍ ظاهرٍ وكسادِ |
لنبهتهمْ بالمدحِ للجودِ والندى | وقد ملئتْ أجفانهم برقادِ . |
وحركتهم بالشعرِ في كلِ ساعة ٍ | فتحسبني حركتُ صخرة َ وادي ؛ |
فلم ألقَ من نظم القريض سوى عناً | وشغلة أوقاتٍ وطول سهادِ |
فلا كانتِ الأمداحُ من شافعٍ ؛ ولا | جرى قلمٌ في كتبها بمدادِ .. |
أرومُ بها نيل السعادة ِ والغنى | وقد أشبهتْ نحساً ليالي عادِ ؛ |
وأوردُ فكري كلَّ بحرٍ غطمطمٍ | فيصدر حرانَ الجوانحِ صادي . |
لعلَّ الليالي أن تمنَّ برحلة ٍ | إلى أصيدٍ رحب الفناء جوادِ ؛ |
من البدوِ تذكى للملمين ناره | ترى حوله منها جبالَ رمادِ |
يفيضُ على العافينَ نائل كفهِ ؛ | فمنْ إبلٍ مزمومة ٍ وجيادِ ؛ |
وما المرؤ إلاّ منْ يؤمله الورى | لقتل عداة ٍ أولبذلِ عتادِ ؛ |
وعش ما دعى للهِ داعٍ من الورى | وناداهُ للكرب العظيم منادي ؛ |
وأسأله من فضله جمعَ شملنا .. | وأنْ لا قضى ما بيننا ببعادِ . |