خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم
مدة
قراءة القصيدة :
87 دقائق
.
خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم | وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ |
فظلم الليالي أنهن أشبْنني | لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم |
وظُلم الغواني أنهن صرمنني | لظلم الليالي إنني لمُظلَّم |
تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي | وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم |
فإن أغد محزوم السهام فربما | غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم |
ورب مَهاة صدتها بين نظرتي | ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ |
أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ | فأستدرج الأقناص من حيث تعلم |
رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته | كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ |
فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه | فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم |
وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ | ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ |
ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها | وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم |
هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ | لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ |
يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها | سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم |
لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه | دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم |
مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما | ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ |
كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ | وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ |
إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ | غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ |
أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً | وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ |
سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها | شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ |
سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله | يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ |
من الهيفِ لو شاءت لقامت | بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم |
كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ | لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغم مص خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم |
وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ | فظلم الليالي أنهن أشبْنني |
لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم | وظُلم الغواني أنهن صرمنني |
لظلم الليالي إنني لمُظلَّم | تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي |
وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم | فإن أغد محزوم السهام فربما |
غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم | ورب مَهاة صدتها بين نظرتي |
ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ | أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ |
فأستدرج الأقناص من حيث تعلم | رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته |
كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ | فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه |
فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم | وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ |
ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ | ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها |
وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم | هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ |
لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ | يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها |
سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم | لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه |
دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم | مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما |
ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ | كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ |
وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ | إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ |
غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ | أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً |
وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ | سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها |
شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ | سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله |
يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ | من الهيفِ لو شاءت لقامت |
بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم | كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ |
لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغم | وأشرقَ منها صحنُ خدٍّ مضرَّجٍ |
يظلُّ بما فيه من الماء يُضرم | مُفدًّى يسمى باسمِ فيها مقبَّلاً |
إذا قيل للخدّ الشتيم ملطّم | وأنَّى يسمّى ملْطماً وهوملثمٌ |
فدى حُسْنَه من ذاك خَدٌّ مَلطَّمُ | على أنه مغرًى به العضُّ مُولعٌ |
وليس له ذنبٌ سوى الحُسنِ يُنقَمُ | يُعضُّ وما أسدى إلى العين شيئاً |
وليس بمظلومٍ وإن كان يُظْلم | يظلّ إذا أبدى لنا منه صفحة ًخصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم |
وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ | فظلم الليالي أنهن أشبْنني |
لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم | وظُلم الغواني أنهن صرمنني |
لظلم الليالي إنني لمُظلَّم | تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي |
وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم | فإن أغد محزوم السهام فربما |
غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم | ورب مَهاة صدتها بين نظرتي |
ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ | أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ |
فأستدرج الأقناص من حيث تعلم | رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته |
كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ | فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه |
فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم | وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ |
ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ | ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها |
وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم | هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ |
لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ | يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها |
سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم | لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه |
دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم | مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما |
ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ | كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ |
وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ | إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ |
غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ | أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً |
وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ | سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها |
شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ | سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله |
يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ | من الهيفِ لو شاءت لقامت |
بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم | كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ |
لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغم | وأشرقَ منها صحنُ خدٍّ مضرَّجٍ |
يظلُّ بما فيه من الماء يُضرم | مُفدًّى يسمى باسمِ فيها مقبَّلاً |
إذا قيل للخدّ الشتيم ملطّم | وأنَّى يسمّى ملْطماً وهوملثمٌ |
فدى حُسْنَه من ذاك خَدٌّ مَلطَّمُ | على أنه مغرًى به العضُّ مُولعٌ |
وليس له ذنبٌ سوى الحُسنِ يُنقَمُ | يُعضُّ وما أسدى إلى العين شيئاً |
وليس بمظلومٍ وإن كان يُظْلم | يظلّ إذا أبدى لنا منه صفحة ً |
تلذّ بها أبصارنا وتنعَّم | نُولّيه أطرافَ الثنايا وإنّه |
ليَدْمَى من الألحاظِ بل حين يُوهمُ | بذاك قضى قاضي الهوى وهْو ظالمٌ |
على الخَدِّ للعين التي هي أظلم | ومازال في القاضي الغشومِ تحاملٌ |
على الخَصمِ للخصمِ الذي هو أغشمُ | تفكَّهُ منها العينُ عند اجتلائها |
بفاكهة ليست يدَ الدهر تُوخَمُ | عناقيدُ فردوسٍ وتفاحُ جنّة ٍ |
تتوقُ إليها كُلّ نفسٍ وتقرم | يناغيهما رمانُ صدرٍ يعيذه |
من العين ياقوتٌ ودرٌّ مُنظم | وبين ثمار الرأس والعين عبهرٌ |
يضاهيه منها أقحوانٌ مَديَّم | رياضٌ وجناتٌ يهزُّ ثمارها |
ونوارها غُصنٌ ودِعصٌ مركَّم | تفاوتَ منها الخلقُ في حسن صورة ٍ |
تفاوتَ إبداعٍ فرابٍ وأهْضمُ | وخَدْلٌ وممشوقٌ وأبيض ناصع |
وأسودُ غِربيبٌ وأقنى وأخثم | إذا استعرضْتها العينُ دقَّ موشحٌ |
لها ورَبا ردفٌ وجَلَّ مُخدّم | مراكبُ للذَّات منها مضمَّرٌ |
وما مسَّه ضُمرٌ ومنها مُطهَّم | لها فِرقٌ شتًّى من الحُسنِ أجْمعتْ |
على أن يُلقَّى البرْح منها المُتيَّم | أما عجبٌ إجماعُ مختلفاتِها |
على قتلِ من لاقَتْهُ لاتتأثَّم | كذا السهمُ يصمى وهو شتَّى نجارهُ |
حديدٌ وريشٌ وابنُ غِيل مُقوَّمُ | خلوتُ بها فرداً إذا شئتُ علَّني |
بكأسٍ لها ريَّا بنانٌ مُنعَّمُ | وإن شئتُ ألهاني غناءان خِلْفة ً |
فصيحٌ ومما تنطق الطير أعجمُ | لدى روضة ٍ فيها النَّوْرِ أعينٌ |
تُرقرق دمعاً بل ثغورٌ تبسَّمُ | يضاحك روقَ الشمس منها مُضاحكٌ |
مدامِعُه من واقعِ الطلّ سُجَّمُ | كمستعبِر مستبشرٍ بعد حزنهِ |
لبيْنِ خليطٍ قوّضوا ثم خيَّموا | يغازلني فيها غزالان منهما |
ربيبُ الفيافي والربيب المتوَّمُ | إذا نصبا جيديهما فكلاهما |
سواءٌ وإبريقٌ لديَّ مُفدَّمُ | ثلاثة ُ أظبٍ نَجْرُها غيرُ واحدٍ |
لذي اللهو فيها كلها مُتنعَّمُ | غزال وإبريق رذُومٌ وغادة |
تُحرّكُ من أوتارها وتُنَغّمُ | فظبي يُغنّيه وظبي يُعلُّهُ |
وظبي يرودُ التلعَ أو يتجرثَمُ | لعيني مُراعي شخصه فيه مأس |
وملهى ً وللمستطعم الصيد مطعم | فقد عكفتْ منها عليهِ بما اشتهى |
هنالك أظْآر من العيشِ رُوَّمُ | وركبِ قنيصٍ قد شهدتُ جيادهم |
تُحمْحِمُ في ثيرانِ وحشٍ تَغَمْغمُ | مها كالمها إلا جبالَ متونها |
وإلاّ مكانَ الوشمِ أو حيث تُلْطَم | وإلاَّ مخَطَّ الكحلِ من كلّ مقلة ٍ |
وإلا قروناً تدَّرِي فتزنم | يُزنّجُ منها الناسبون وشيظة ً |
وجمهورها في الناسبين مُرَوَّمُ | دُفعنا إليها وهْي زُهرٌ كأنها |
خلالَ أنيقِ النَّوْرِ نورٌ مجسَّمُ | فما ذرَّ قرنُ الشمسِ حتى رأيتها |
تعصفرها مثعنجرات تَهزمُ | دلفنا لها بالسمهريّ فطالعٌ |
إلى مصرعٍ يرتاده ومُحَرْجمُ | وقد حاولتْ منجًى فقالت رماحُنا |
لِمُمْعِنِها عرّجْ فهذا المخيَّمُ | فلم يُنْجِها إحضارُها وهْو مُلْهَبٌ |
ولاذبَّ عنها اللُّها وهو مُتْأمُ | قرونٌ لها منها حرابٌ قرائنٌ |
ولكنَّ خصمَ السمهرياتِ يُخْصَمُ | وقد طال ماذادتِ بها غير أنه |
أتيح لها رأسٌ من الكيدِ مِصْدَم | بحيثُ يضمُّ الثورَ والعيْرَ مرتعٌ |
يراعيهما فيه الأصكُّ المصلَّم | وشُنَّتْ لها في آل أخدرَ غارة ٌ |
كما شُبَّ أُلْهوبُ الحريقِ المضرَّمُ | تنادمَ فيها الموتُ أحمر قاتماً |
قريعَ المها والأخْدَريُّ المكدَّمُ | نديمان من شتّى وكأسٌ كريهة ٌ |
أباها من الشُّرَّابِ إلا المجشَّمُ | فظلّ لنا يومٌ من اللهو مُمتعٌ |
وظلّ لها يومٌ من الشرّ أيْومُ | ورحنا على القُبّ العتاقِ وكلُّها |
من العلقِ الوحشيِّ أقرحُ أرثمُ | تخايلُ منه في خضاب تخاله |
طِلاءً من الحناء قاناه بقَّمُ | كأنّ لها حَظَّيْن مما تصيدُه |
على أنها منه مدى الدهر صُوَّمُ | وأنقذ منا العُفْرَ والرُّبْدَ ميلُنا |
إلى العينِ والحُقْب التي هي أوسمُ | وكان لنا في كلّ حقّ وباطلٍ |
جُنوحٌ إلى الشأن الذي هو أفخمُ | ومعتركٍ تبدو نجومُ حديده |
وقد لفّه ليلٌ من النقع أطخمُ | شهدتُ القنا فيه تقصّفُ والظُّبا |
تُفلَّلُ والبيضَ الحصينَ تحطَّمُ | فلم أكُ ممنْ حاصَ عن غمراتِه |
ولاغاصَ فيها حيث غاصَ المغمَّمُ | ولكنني غامست خَوْضَة َ هَوْلِها |
جهيراً شهيراً حين ضلّ المقرقمُ | ولم أغشها إلاَّ عليماً بأنّها |
هي المجدُ أو مطرورة ُ الحدّ صَيْلَمُ | وليلٍ غشا ليلٌ من الدَجْنِ فوقهُ |
فليس لنجم في غواشيه منجمُ | عفا جِلْبُهُ آيَ الهدى من سمائه |
وأعلامَهُ من أرضهِ فَهْيَ طَسْيَمُ | لبستُ دجاه الجونَ ثم هتكتُه |
بوجناء يَنْميها غريرٌ وشدْقَمُ | عُذافرة ُ تنقضّ عن كلّ زَجْرة ٍ |
كما انقضّ من ذي المنجنيق الململمُ | يخوضُ عليها لجة َ الهوْلِ راكبٌ |
هو السيف إلا أنه لا يُثَلّمُ | نجيبٌ من الفتيان فوق نجيبهِ |
من العيس في يهماء والليل أيهمُ | فريدْينِ يمضيها وتمضيه في الدجى |
كسمراء يُمضيها وتُمضيه لهذمُ | يريها الهدى حدْساً وتنجو برحله |
ودون الهدى سدٌّ من الليل مُبْهَمُ | على ظهرِ مَرْت ليس فيه مُعرَّجٌ |
ولكنْ مَخَبٌّ للركاب ومَسْعَمُ | من اللائي تنبو بالجنوبِ وكلها |
لأيدي المهاري أملسُ المتنِ أدرمُ | خلاءٌ قواءٌ خيرُ من مرعى مطيَّة |
وموردها فيه النَّجاءُ الغشَمْشَمُ | ينوحُ به بومٌ وتعزفُ جنة ٌ |
فيعوي لها سِيدٌ ويضْبَحُ سَمْسَمُ | يُخال بها من رنّ هذي وهذه |
إذا اختلف الصوتان عُرْسٌ ومأتَمُ | تعسَّفتُه إمَّا لخفضٍ أناله |
وإمَّا سآمَ الخفضِ والخفضُ يُسْأمُ | وللسيف حيناً مرقدٌ في حجابه |
وحيناً مهبٌّ صادق ومُصمَّمُ | وهاجرة بيضاءَ يُعدي بياضُها |
سواداً كأن الوجه منهُ مُحمَّمُ | أظلّ إذا كافحتها وكأنني |
بوهَّاجها دونَ اللثام مُلثَّمُ | نصبتُ لها مني محاسرَ لم تزلْ |
تُصلَّى بنيرانِ العُلا فهي سُهَّمُ | بديمومة ٍ لا صلَّ في صحصحانِها |
ولا ماءَ لكنْ قورُها الدهرَ عُوَّمُ | ترى الآلَ فيها يَلْطُم الآلَ مائحاً |
وبارحُها المسمومُ للوجه ألطمُ | بذلك قد عللتُنفسي كُلّه |
ولكنْ بنو الأيام تُغْدَى وتُفْطَمُ | سأُعْرض عما أعرضَ الدهرُ دونَه |
وأشربُها صِرْفاً وإن لامَ لُوَّمُن خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم | وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ |
فظلم الليالي أنهن أشبْنني | لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم |
وظُلم الغواني أنهن صرمنني | لظلم الليالي إنني لمُظلَّم |
تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي | وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم |
فإن أغد محزوم السهام فربما | غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم |
ورب مَهاة صدتها بين نظرتي | ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ |
أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ | فأستدرج الأقناص من حيث تعلم |
رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته | كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ |
فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه | فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم |
وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ | ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ |
ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها | وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم |
هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ | لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ |
يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها | سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم |
لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه | دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم |
مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما | ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ |
كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ | وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ |
إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ | غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ |
أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً | وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ |
سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها | شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ |
سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله | يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ |
من الهيفِ لو شاءت لقامت | بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم |
كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ | لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغمه |
وأشرقَ منها صحنُ خدٍّ مضرَّجٍ | يظلُّ بما فيه من الماء يُضرم |
مُفدًّى يسمى باسمِ فيها مقبَّلاً | إذا قيل للخدّ الشتيم ملطّم |
وأنَّى يسمّى ملْطماً وهوملثمٌ | فدى حُسْنَه من ذاك خَدٌّ مَلطَّمُ |
على أنه مغرًى به العضُّ مُولعٌ | وليس له ذنبٌ سوى الحُسنِ يُنقَمُ |
يُعضُّ وما أسدى إلى العين شيئاً | وليس بمظلومٍ وإن كان يُظْلم |
يظلّ إذا أبدى لنا منه صفحة ً | تلذّ بها أبصارنا وتنعَّم |
نُولّيه أطرافَ الثنايا وإنّه | ليَدْمَى من الألحاظِ بل حين يُوهمُ |
بذاك قضى قاضي الهوى وهْو ظالمٌ | على الخَدِّ للعين التي هي أظلم |
ومازال في القاضي الغشومِ تحاملٌ | على الخَصمِ للخصمِ الذي هو أغشمُ |
تفكَّهُ منها العينُ عند اجتلائها | بفاكهة ليست يدَ الدهر تُوخَمُ |
عناقيدُ فردوسٍ وتفاحُ جنّة ٍ | تتوقُ إليها كُلّ نفسٍ وتقرم |
يناغيهما رمانُ صدرٍ يعيذه | من العين ياقوتٌ ودرٌّ مُنظم |
وبين ثمار الرأس والعين عبهرٌ | يضاهيه منها أقحوانٌ مَديَّم |
رياضٌ وجناتٌ يهزُّ ثمارها | ونوارها غُصنٌ ودِعصٌ مركَّم |
تفاوتَ منها الخلقُ في حسن صورة ٍ | تفاوتَ إبداعٍ فرابٍ وأهْضمُ |
وخَدْلٌ وممشوقٌ وأبيض ناصع | وأسودُ غِربيبٌ وأقنى وأخثم |
إذا استعرضْتها العينُ دقَّ موشحٌ | لها ورَبا ردفٌ وجَلَّ مُخدّم |
مراكبُ للذَّات منها مضمَّرٌ | وما مسَّه ضُمرٌ ومنها مُطهَّم |
لها فِرقٌ شتًّى من الحُسنِ أجْمعتْ | على أن يُلقَّى البرْح منها المُتيَّم |
أما عجبٌ إجماعُ مختلفاتِها | على قتلِ من لاقَتْهُ لاتتأثَّم |
كذا السهمُ يصمى وهو شتَّى نجارهُ | حديدٌ وريشٌ وابنُ غِيل مُقوَّمُ |
خلوتُ بها فرداً إذا شئتُ علَّني | بكأسٍ لها ريَّا بنانٌ مُنعَّمُ |
وإن شئتُ ألهاني غناءان خِلْفة ً | فصيحٌ ومما تنطق الطير أعجمُ |
لدى روضة ٍ فيها النَّوْرِ أعينٌ | تُرقرق دمعاً بل ثغورٌ تبسَّمُ |
يضاحك روقَ الشمس منها مُضاحكٌ | مدامِعُه من واقعِ الطلّ سُجَّمُ |
كمستعبِر مستبشرٍ بعد حزنهِ | لبيْنِ خليطٍ قوّضوا ثم خيَّموا |
يغازلني فيها غزالان منهما | ربيبُ الفيافي والربيب المتوَّمُ |
إذا نصبا جيديهما فكلاهما | سواءٌ وإبريقٌ لديَّ مُفدَّمُ |
ثلاثة ُ أظبٍ نَجْرُها غيرُ واحدٍ | لذي اللهو فيها كلها مُتنعَّمُ |
غزال وإبريق رذُومٌ وغادة | تُحرّكُ من أوتارها وتُنَغّمُ |
فظبي يُغنّيه وظبي يُعلُّهُ | وظبي يرودُ التلعَ أو يتجرثَمُ |
لعيني مُراعي شخصه فيه مأس | وملهى ً وللمستطعم الصيد مطعم |
فقد عكفتْ منها عليهِ بما اشتهى | هنالك أظْآر من العيشِ رُوَّمُ |
وركبِ قنيصٍ قد شهدتُ جيادهم | تُحمْحِمُ في ثيرانِ وحشٍ تَغَمْغمُ |
مها كالمها إلا جبالَ متونها | وإلاّ مكانَ الوشمِ أو حيث تُلْطَم |
وإلاَّ مخَطَّ الكحلِ من كلّ مقلة ٍ | وإلا قروناً تدَّرِي فتزنم |
يُزنّجُ منها الناسبون وشيظة ً | وجمهورها في الناسبين مُرَوَّمُ |
دُفعنا إليها وهْي زُهرٌ كأنها | خلالَ أنيقِ النَّوْرِ نورٌ مجسَّمُ |
فما ذرَّ قرنُ الشمسِ حتى رأيتها | تعصفرها مثعنجرات تَهزمُ |
دلفنا لها بالسمهريّ فطالعٌ | إلى مصرعٍ يرتاده ومُحَرْجمُ |
وقد حاولتْ منجًى فقالت رماحُنا | لِمُمْعِنِها عرّجْ فهذا المخيَّمُ |
فلم يُنْجِها إحضارُها وهْو مُلْهَبٌ | ولاذبَّ عنها اللُّها وهو مُتْأمُ |
قرونٌ لها منها حرابٌ قرائنٌ | ولكنَّ خصمَ السمهرياتِ يُخْصَمُ |
وقد طال ماذادتِ بها غير أنه | أتيح لها رأسٌ من الكيدِ مِصْدَم |
بحيثُ يضمُّ الثورَ والعيْرَ مرتعٌ | يراعيهما فيه الأصكُّ المصلَّم |
وشُنَّتْ لها في آل أخدرَ غارة ٌ | كما شُبَّ أُلْهوبُ الحريقِ المضرَّمُ |
تنادمَ فيها الموتُ أحمر قاتماً | قريعَ المها والأخْدَريُّ المكدَّمُ |
نديمان من شتّى وكأسٌ كريهة ٌ | أباها من الشُّرَّابِ إلا المجشَّمُ |
فظلّ لنا يومٌ من اللهو مُمتعٌ | وظلّ لها يومٌ من الشرّ أيْومُ |
ورحنا على القُبّ العتاقِ وكلُّها | من العلقِ الوحشيِّ أقرحُ أرثمُ |
تخايلُ منه في خضاب تخاله | طِلاءً من الحناء قاناه بقَّمُ |
كأنّ لها حَظَّيْن مما تصيدُه | على أنها منه مدى الدهر صُوَّمُ |
وأنقذ منا العُفْرَ والرُّبْدَ ميلُنا | إلى العينِ والحُقْب التي هي أوسمُ |
وكان لنا في كلّ حقّ وباطلٍ | جُنوحٌ إلى الشأن الذي هو أفخمُ |
ومعتركٍ تبدو نجومُ حديده | وقد لفّه ليلٌ من النقع أطخمُ |
شهدتُ القنا فيه تقصّفُ والظُّبا | تُفلَّلُ والبيضَ الحصينَ تحطَّمُ |
فلم أكُ ممنْ حاصَ عن غمراتِه | ولاغاصَ فيها حيث غاصَ المغمَّمُ |
ولكنني غامست خَوْضَة َ هَوْلِها | جهيراً شهيراً حين ضلّ المقرقمُ |
ولم أغشها إلاَّ عليماً بأنّها | هي المجدُ أو مطرورة ُ الحدّ صَيْلَمُ |
وليلٍ غشا ليلٌ من الدَجْنِ فوقهُ | فليس لنجم في غواشيه منجمُ |
عفا جِلْبُهُ آيَ الهدى من سمائه | وأعلامَهُ من أرضهِ فَهْيَ طَسْيَمُ |
لبستُ دجاه الجونَ ثم هتكتُه | بوجناء يَنْميها غريرٌ وشدْقَمُ |
عُذافرة ُ تنقضّ عن كلّ زَجْرة ٍ | كما انقضّ من ذي المنجنيق الململمُ |
يخوضُ عليها لجة َ الهوْلِ راكبٌ | هو السيف إلا أنه لا يُثَلّمُ |
نجيبٌ من الفتيان فوق نجيبهِ | من العيس في يهماء والليل أيهمُ |
فريدْينِ يمضيها وتمضيه في الدجى | كسمراء يُمضيها وتُمضيه لهذمُ |
يريها الهدى حدْساً وتنجو برحله | ودون الهدى سدٌّ من الليل مُبْهَمُ |
على ظهرِ مَرْت ليس فيه مُعرَّجٌ | ولكنْ مَخَبٌّ للركاب ومَسْعَمُ |
من اللائي تنبو بالجنوبِ وكلها | لأيدي المهاري أملسُ المتنِ أدرمُ |
خلاءٌ قواءٌ خيرُ من مرعى مطيَّة | وموردها فيه النَّجاءُ الغشَمْشَمُ |
ينوحُ به بومٌ وتعزفُ جنة ٌ | فيعوي لها سِيدٌ ويضْبَحُ سَمْسَمُ |
يُخال بها من رنّ هذي وهذه | إذا اختلف الصوتان عُرْسٌ ومأتَمُ |
تعسَّفتُه إمَّا لخفضٍ أناله |