غدا الدهرُ مفترّاً أغرَّ المضاحِكِ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
غدا الدهرُ مفترّاً أغرَّ المضاحِكِ | عن ابن عبيد اللَّهِ تاج الممالِكِ |
عن الكوكبِ الدُّريّ في كلّ حِندسٍ | عن اللَّمعة ِ البيضاء في كُلّ حالكِ |
عن القاسمِ المقسومِ في الناسِ رفدُهُ | إذا لم تطب عن ملكها نفسُ مالك |
عن ابن سليمان بن وهب فتى العُلا | على رغم أوغادٍ كُهولِ الحسائك |
أغرُّ يُكنَّى بالحسين مُسلّم | له الحُسْنَ والإحسانَ كلُّ مُماحك |
وزيرُ ولي العهدِ وابن وزيره | أخو المجدِ ركَّابُ الأمورِ التوامك |
تُكشّفُ منه محنة ُ المُلكِ شيمة ً | مهذبة ً والتبرُ عند السبائك |
وإن سترتَ وجهَ الحقائِق شبهة ً | رمى سِترها بالصائباتِ الهواتك |
ويُفزَعُ في الجُلَّى إلى عَزَماتِهِ | فيستلُّ منها كالسيوف البواتِك |
يعارِكُ بالتدبير كلَّ شديدة ٍ | فيصرعُها لاهُدَّ ركنُ المُعارِك |
فتى ً عَطِرتْ ذكراهُ وانهلَّ جُودُهُ | تهلَّلَ باكٍ من حيا المُزنِ ضاحك |
فعافيه في نَضْح من الغيث صائبٍ | ومُطريه في نضح من المسكِ صائك |
ذكا وزكا فالعُرفُ من وبلِ ديمة ٍ | سماكية ٍ والعرف من طِيبِ ذانك |
ألاحَ بُروق البشرِ تدعُو عُفاتَهُ | فجاءوا فأعفى بالرغابِ الوشائك |
فنُفّلتِ الأيدي غِناها بمدحِهِ | ونُفّلتِ الأفواهُ طيب المساوِك |
أقولُ لسئّالٍ به مُتجاهلٍ | مَحِلتَ وقد آنت إنابة ُ ماحك |
توهَّمْ مصابيحَ السماءِ سبائكا | وصُغْ مثله من صفو تلك السبائك |
فتى ً أسهلتْ خيراتُهُ لعفاتِهِ | فأحزن في تلك المعاني السَّوامك |
ومن كثُرتْ في ماله شركاؤهُ | غدا في معاليه قليلَ المُشارك |
فتى ً لا يُبالي حين يحفظُ مَجده | متى هلكتْ أموالُهُ في الهوالِكِ |
له راحة ٌ روْحاءُ يسفكُ ماءَها | وليس لماء الوجهِ منه بسافك |
مُقبَّلٌ ظهر الكفِّ وهَّابُ بطنِها | مواهبَ ليستْ بالخِساس الركائك |
يسوقُ إلى تقبيلها القومَ أنها | غِياثٌ لهم بل عِصمة ٌ في المهالك |
نرحِّلُ آمالاً إلى بابِ قاسمٍ | فيرجعنَ أموالاً عِراض المبارك |
حباني بما يعيا به كُلُّ رافدٍ | وحبرتُ مايعيا به كلُّ حائك |
فأعدَمتُه مدحَ الغِثاثِ مدائحاً | وأعدمني رفدَ الأكُفِّ المسائك |
ومالربيعٍ ممطرٍ من مُجاوِد | ومالبقيع مُزْهر من مُحاوِك |
وهبْتُ له نفسي ووُدي ونُصرتي | ولو صكَّ وجهي حدُّ أبيضَ باتِك |
أقولُ لأقوامٍ تعاطوْا علاءَه | فأعْيتْهُم الخضراءُ ذاتُ الحبائك |
دعوا آل وهْبٍ للمعالي فإنَّهُمْ | بقايا اللَّيالي الآخذاتِ التوارِك |
أناسٌ يسوسُون البلادَ وأهلها | بشدة ِ أركان ولين عرائك |
سراة ٌ إذا ماالناسُ أضحتْ سراتُهم | لنا ضُحكاً أضْحوا لنا كالمضاحك |
يودُّ الورى لويشترون شهورهم | بأحوال أعوامٍ سواهُم دكائك |
وشاهد زُور للكَفور ابن بلبلٍ | فقلتُ له أطغَيْتَ أطغى البوائك |
وقد كنتُ من مُدّاحِهِ غير أنني | تناوكْتُ مضطراً مع المتناوِك |
فلم يُجزني إلامواعيدَ أعصفتْ | بهن أعاصيرُ الرياحِ السواهِك |
بلى قد جزاني لو شكرتُ جزاءهُ | جزاءَ مَنيكٍ في إسته غير نائك |
وليس جزاءً أنْ عفا إذ مَدَحْتُه | وقد كنتُ أهلاً للعِصي الدَّمالك |
ولستُ بهجَّاءٍ ولكن شهادة ٌ | لديَّ أوَّدِّي حقها غيرَ آفِك |
وما أنا للحمِ الخبيثِ بآكلٍ | وإنّ له منّي للَوْكة َ لائكِ |
إذا استمسكَتْ كفي بعروة قاسمٍ | فلسْتُ على صرْفِ الزمانِ بهالك |
أرانا عِياناً كلَّ عفوٍ ونائل | سمعْنا بمذكورَيْهما في البرامِكِ |
تداركَني مِنْ عثرة ِ الدهرِ قاسمٌ | بما شئتُ من معروفِهِ المتدارك |
فأصبحْتَ في أيكٍ من العيشِ مثمرٍ | وأمسيْتُ في عِيّى من العز شائك |
فتى ً في نثاهُ شاغلٌ عن سؤالهِ | سبوق العطايا للطَّلوب المُواشك |
فليس لأبشارِ الوجوه بمُخْلق | وليس لأستارِ الخفايا بهاتِك |
فتى ً لاأُسمّيه فتى ً لحداثة ٍ | ولكن لهاتيك السجايا الفواتك |
سجايا أبت إلاانتصافاً لجارِها | من الدهر إما عضَّ رحْلٌ بِحارك |
يُواحِكُ عند العذل في بَذْلِ مالهِ | وعندَ ارتيادِ الحقّ غيرُ مُواحك |
وسائلة ٍ عن قاسمٍ ومكانِهِ | فقُلْتُ لها إن العلاءَ هنالك |
كريمٌ تفي أفعالُه بانتسابهِ | وذو نسب في آلِ ساسانَ شابك |
أظلُّ إذا شاهدْتُ يومَ نعيمِهِ | كأني في الفردوسِ فوقَ الأرائك |
بمرأى ً من الدنيا جيملٍ ومَسْمعٍ | لدى ملكٍ بالحق لامُتمالك |
مقابلَ وجهٍ منه أبيضَ مشرقٍ | كبدر الدجى بين النجوم الشوابك |
يحيّيه أترجُّ تسامى حياله | وشاهَسْفَرمٌّ تحته كالدَّرانك |
وفاكهة ٍ فيها مشمٌّ ومطعمٌ | تردُّ موداتِ النساءِ الفوارِك |
ولو عُدم الريحانُ حَيَّاهُ نشرهُ | بمثلِ سحيقِ المسكِ فوقَ المداوك |
بنفسي وأهلي ذاك وجهاً مباركاً | تلقَّى بأوفى الشكرِ نُعمَى المبارك |
تحثُّ الحسانُ المُحسّناتُ كؤوسهُ | بِمَدْحٍ له قد سار جمَّ المسالِك |
فيهتزُّ للجدوَى على كل مجتدٍ | وكانتْ ملاهي مثلِه كالمناسك |
له مَجْلِسٌ ماإن يزال مُصدَّراً | بأحسنَ من بَيْض النعام الترائك |
يُغنّينه فيه المحسناتُ لمحسن | لُهاهُ من الأمداحِ غيرِ الأوافكِ |
ولم يتغنَّ المحسناتُ لمحسنِ | بمثلِ مديحٍ ذامِلٍ فيه راتكِ |
شهدْنا له يوماً أغرَّ محجَّلاً | أقام لنا اللذاتِ فوق السنابك |
لأمّ عليّ رَبْرَبٌ فيه آنِسٌ | من العينِ مثلِ العين حُفَّتْ بعانِك |
من الوُضَّحِ اللُّعْسِ الشّفاه كأنما | يَفُهْنَ بأفواه الظباءِ الأوارك |
يُرفّعْنَ أصواتاً لِداناً وتارة ً | يُنَمنمنَ وشْياً غيرَ وشي الحوائك |
كفلْنَ لنا لمَّا اصطفَفْنَ حيالنا | بترحيل أضيافِ الهُمزمِ السّوادك |
فمابرحتْ تُهدي إلينا عجائبٌ | عجائبَ تُصبي كلَّ صابٍ وناسك |
فتاة ٌ من الأتراكِ ترمي بأسهُم | يُصِبْنَ الحَشا في السّلمِ لا في المعارك |
كأنَّ زميرَ القاصياتِ أعارَها | شجاهُ وسجعَ الباكيات الضواحك |
وبستان بستانٌ يُقِرُّ عيونَنا | بما فيه من نُواره المتضاحك |
غناءٌ ووجهٌ مونقانِ كلاهما | يهيلانِ جُولَيْ ذي الحِجى المتماسك |
ظللنا لها نَصْباً تشكُّ قلُوبنا | بذاك الشجا الفتانِ لا بالنيازك |
وماجُلَّناربالمُقَصِّر شأوُها | ولا المتعدِّي قصد أهدى المسالك |
لطيفة ُ قدّ الثدي تُسند عودَها | إلى ناجمٍ في ساحة ِ الصدر فالك |
تطامَنَ عن قدّ الطوالِ قوامُها | وأربى على قدّ القصارِ الحواتك |
ورقاصة ٍ بالطبلِ والصنجِ كاعبٌ | لها غُنْجٌ مِخناثٍ وتَكريهُ فاتك |
أُتيحَ لها في جسمِها رفدُ رافدٍ | وإن نالها في خصرها نَهْك ناهك |
إذا هي قامَتْ في الشُّفوفِ أضاءها | سناها فسفّتْ عن سبيكة ِ سابك |
تخطَّى اسمَ عيَّارٍإلى اسمِ مؤاجَرٍ | مُسمٍّ لها ما شئتَ من مُتفاتِك |
فدتْ تلكم الأسماءَ بل حاملاتِها | زيانبُ أرضِ اللَّهِ بعد العواتك |
وجوهٌ كأيامِ السُّعودِ تشبُّها | لنا طُرَرٌ مثلُ الليالي الحوالك |
سبايا إليهن استباءُ عقولِنا | مماليك مُلّكْن اقتدارَ الممالك |
نوازلُ بين الانبساطِ إلى الخنا | وبين انقباضِ المُخبتاتِ النواسِك |
موالِكُ يسفُكْنَ الدماءَ ولاتَرى | لهُن اكتراثاً بالدموعِ السوافك |
إذا هُنَّ أزْمعْنَ الفراقَ فكلُّنا | أسِيٌّ على تلك الشموس الدوالك |
أقاسمُ ما تتركْ فلستَ بآخذٍ | أبَيْتَ وما تأخذْ فلستَ بتارك |
فلا تتركنّي أيُّها الحرُّ عُرضة ً | لدهرٍ غدا للحرّ غير متارك |