لجَّ الفؤادُ فليس يلذعه
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لجَّ الفؤادُ فليس يلذعه | عذلٌ ولا النكباتُ تَردعُهُ |
أوهَى معاقدَ صبره كُلفٌ | لم يوهِهِ يوماً تمتُّعهُ |
بمسنَّع ظلت محاسنه | تُخفي بها بدراً وتُطلعهُ |
فإذا دنا أنأى أخا كَلفٍ | وإذا نأى أدناه مضجعهُ |
لم تَعْرُني وهناً حِبالتُه | إلا عرا قلبي تفجُّعه |
كلاَّ ولمْ أُلْمِمْ بمضْجعه | إلا طغى جفني ومدمعه |
ظغيانُ مُرتجسِ الذُّرى خَضلٍ | لحنينه زَجَلٌ يُرجِّعُه |
حيرانَ منبجس الكُلى عصفت | بعد الهدوء عليه زَعْزعه |
وكأنما نتجتْ رَواعدُه | وبوارقٌ باتت تُشيِّعُهُ |
يمَّاً تلاطم في غزارته | آذيُّه وطمى تولُّعه |
سقياً لأطلالٍ عفتْ فعفا | من بعدهن العيشُ أجمعُه |
عهدي بريِّق لهوها خَضِلاً | أرقَّ الرياض يرف مُمرِعُه |
أيام صيدِ جنانها بقرٌ | حُم تضمَّنهُنَّ أَجْرعهُ |
يغدو الأريبُ لها ليصرعَها | وعيونها لِلَّحظِ تصرُعُه |
من كل آنسة ِ الحديثِ لها | وجهٌ كأن الشمسَ مطلِعهُ |
ولها دُجى ليلٍ تجلَّلها | فتظل تُدريه وتَرْفعهُ |
ومنضَّدٍ رفَّتُ مَراشِفُه | علا المُدام به مُشعشعُهُ |
ودَّعنَ من كادت حُشاشته | لوداعهن ضحى ً تُوَدِّعهُ |
فتصدعوا ومضوا لِطيِّتهم | فعرى الفؤاد لهم تصدُّعُه |
تاللَّه تفتأ باكياً لهُمُ | حتى يخدَّ الخدَّ أدمعُه |
ولما دموعُ العين راجعة ٌ | ماعشتُ وصلاً فات مرجعُه |
أفلا تَسلاّهم بمنجردٍ | كالسيل آنفَ منه أَصمعُه |
وسمتْ نواظره فجلتْ به | جِنّاً تفرِّعه وتُقرعُه |
وكأن أذنيه شَبا قلم | وحيٌ يخطِّطه مُرفِّعه |
رحُبتْ خواصره وجبهتُه | والمنخران وتَمَّ أتلَعُه |
فأناف مَتْناه على ثبج | طلعتْ على الترهيف أضلُعه |
واشتدَّ عِلباءاه وانقوَسا | دون العِذار فضاق برقُعُه |
وتحنَّبتْ ساقاه وانشنجت | أنساؤه فقمصْنَ أكرعُهُ |
فكأنما ائتلقت بأجنحة ٍ | يسبقن لمح الطرف أربَعه |
تُضْحي الرياح إذا تمطَّر في | شأوَيْه حَسْرى ليس تتبعه |
شرسُ السَّجية إن شرَسْتَ له | ويَلينُ إن لا ينتَ أخْدَعَهُ |
طِرْفٌ كأن على مَعاقده | شرقاً من الجاديِّ يرْدَعه |
أَمطاكَه جزلٌ مواهبه | كلفٌ بربِّ العُرف يصنعُه |
يهبُ الجزيلَ ولا يكدره | بأذى ً ولا بالمنِّ يُتبعُه |
لا بل يؤيدُهُ ويَشفعُه | بندى ً يحلُّ لديك موقعُهُ |
ويراه محتقَراً لديه وإن | أضحى لسانُ الشكر يرفعُهُ |
كم من يدٍ سبقت إليَّ له | حسناءَ جاد لها تبرُّعهُ |
فشكرتُه فأثابني نِعَماً | أوهى لها شكري يُضَعْضعه |
ملكٌ إذا افتخر الملوك سما | كرمُ النّجار به ومَنزعُهُ |
فَعَلا وقصَّر دونَ مَبلغه | من مجدِ من ناواه أرفَعُهُ |
وله من العز التليد إذا | عُدَّتْ بنو شيبان أَمنعُهُ |
سيما العزيزِ تَجبُّرٌ ويُرى | في العز سيماه تَخَشَّعُهُ |
وإذا بنو الموتِ استطالهمُ | وهجٌ تغشَّى الموتَ أيْنَعُهُ |
ودَعوا نَزالِ فطاح بالورِع ال | هيَّابة المنخوب مَهْلعه |
غادى كتائبَهم بعَدْوته | أجَلٌ يُطحطِح من يُروِّعه |
متقلِّداً في الروع ذا شُطبٍ | كالرجع أبدع فيه مُبْدعه |
مما تقلَّد في كتائبه | يومِ الوغى واختار تُبّعهُ |
عضباً كأن شُعاعه لهبٌ | يَغنَى به في الليل رافعُه |
وكأنما كُسيتْ عقيقتُه | وَشْياً تأنَّق فيه صانعُه |
أو دبَّ فيه الذرُّ فاختلفتْ | تفرَّاه أكرُعه وأذْرُعه |
بأبي وأمي أنتَ تِرْبُ ندى ً | في بيت مكرمة ٍ تريُّعه |
إن الوزارة َ لم تزل بها | شوق إليك يُرى تنزُّعُهُ |
خَطَبْتَك إذا وافقتَ خِطبتها | وسواك أقصاه تسرُّعُهُ |
اللَّه وفَّق مُبتَغيك لها | وحَباك أمراً كنتَ تدفعُهُ |
نظراً من اللَّه العزيز لمنْ | أمسى نظامُ الملك يجمعه |
أفَلتْ نجوم الغي حين بدا | للرشد نجمٌ أنت مُصدعه |
وأقمتَ للحق المنار على | لقم الطريق فبان مَهْيعه |
ونشرتَ مَيْت العدل من جدثٍ | قد كان فيه طال مهجعُه |
أمِنَتْ بيُمنك في مراتعها | شاءُ الفلا وذُعِرنَ أضبُعُه |
ولقد يَرى أوسٌ ويُونس من | جنَّاتها صعبّاً ممنعه |
حَسُنتْ بك الدنيا وعادلها | كَفٌّ طليلُ الأيك مونعُه |
وملأت مشرقَها ومغربَها | عدلاً تغشَّى النَّاس أوسَعُه |
فتملَّ معتلياً سلامة ما | قُلِّدته وهَناك مكرعُه |