أبا عليَّ للناس ألسنة ٌ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أبا عليَّ للناس ألسنة ٌ | إن قلتَ قالوا بها ولم يَدَعُوا |
والبغيُ عونٌ على المدلِّ به | فأشْنأْه واجعله بعضَ ما تدعُ |
أوْلا فكن رامياً وكُن غرضاً | ترمي وتُرمَى وتحصلُ الشُّنَع |
وقالة ُ السوءِ غيرُ راجعة ٍ | يوماً إذا نوَّهتْ بها السُّمَع |
يا ليتَ شعري وليت شعرك إن | قلتَ وقلنا واستحكم القذَع |
ما ينفعُ الصارمُ اللسانِ إذا | غُودر يوماً وعرضُه قِطَعُ |
لا نفع في ذاك إن نظرتَ وإن | قوَّم منك الحياءُ والورعُ |
فارجعْ وبُقيا أخيك باقية ٌ | واندم وفي الحلم فُسحة تسع |
أو لا فأيقِن بأنَّني رجلٌ | تكثُر فيما يقوله البِدع |
والشهدُ عندي لمن أناب بما | ءِ المزن أوْ لا فالصَّاب والسَّلَعُ |
وقد هجوتُ امرءاً يجَلُّ عن ال | مدح وعندي الحفاظُ لا الجزع |
ومن هجا ماجداً أخا شرفٍ | فليس إلاَّ من نفسه يَضعُ |
والنَّبل مبريَّة ٌ مُنَصَّلة ٌ | يحفزُهُنَّ القِسيُّ والشِّرعُ |
وكلُّ سهمٍ رمتْ يدايَ به | فليس إلا في مقتلٍ يقع |
فلا تَعُد بعدها لذكر أبي | بكرٍ ولا تخدعنَّك الخُدع |
فوالذي تسجد الجباه له | ما بعدها في هوادتي طمع |
ذلك عرضٌ أبيتُ لا بل أبى ال | لَّه له أن يمسَّه طَبَعُ |
ودُونَه نُصْرة ٌ مؤيدة ٌ | مني ولي بالحفاظ مُضْطَلعُ |
والظلمُ مخذولة ٌ كتائبُهُ | تُضرَبُ أدبارُها وتكتسعُ |
والحق منصورة ٌ حلائبه | تكثرُ أعوانهُ ويُتَّبعُ |
أنذرتُ حربَ الهجاء مُلْقِحَها | فما لها غيرَ حتفه رُبَع |
وليس فيها الرؤوس تُنْدَرُ بل | فيها أنوف الرجال تجتدَع |
ذاك مقامٌ كما سمعت به | محاسنُ القوم فيه تُنتزع |
وليس فيه شيءٌ تراه سوى ال | أعراض دون النفوس تُدَّرع |
والعيشُ بعد الممات مرتجعٌ | وليس عِرضٌ يُودِي فيُرتَجَع |
ونحن في منظرٍ ومستمعٍ | ما مثله منظرٌ ومستمع |
فليتَّزع بالعِظات متَّزعٌ | ما دام يُجدي عليه مُتَّزِع |
إيَّاك أن يستَنير مني أق | دامُك صِلا في رأسه قَرَع |
قد جفَّ واديه من تنفُّسِه | فما به في الربيع مرتبِعُ |
لا ماءَ فيه ولا نبات وهل | خَصبٌ بوادي البوار أو مرَعُ |
إيَّاك إياك أن تُطيف به | وإن تداعت لنصرك الشِّيعُ |
فربَّ إقدام ذي مخاطرة ٍ | أحزمُ منه النُّكوص والهَلعُ |
لا تنتجعْ صيفة ً لها وهجٌ | حامٍ فما في المصيف منتجَعُ |
ولا تزعزع حلمي وتأملُ أن | تَرسو إن الجبالَ تُقْتلع |
فليس حلميَ حلماً يُبَلِّغني الذْ | ذلَّ وإن كان فيه مُتَّسعُ |
وليس جهليَ جهلاً يُبلِّغني الظ | ظُلم وإن كان فيه مُمتنِعُ |
أنا الذي ليس في مغامِزِه | لينَ ولا في قناتِه خَضَعُ |
أنا الذي لا يذلُّ صاحبُه | ولا يُرى في وليِّه ضرَعُ |
أنا الذي تحشُد الرواة له | فكلُّ أيام دهره جُمَعُ |
أنا الذي ليس في حكومته | جورٌ ولا في طريقه ضَلَعُ |
وأنت بكرٌ على الهجاء فَصُنْ | عرضَك إنَّ الأبكار تُفْترع |
قارعتَ قبلي معاشراً قُرَعاً | فازت فَخف أن تخونك القُرعُ |
وذقتَ من غير موردي جُرعاً | ساغت فخفْ أن تُغصَّك الجرُع |
متى تعاطيتَ جرْعَ واحدة ٍ | من موردي فالشَّجا له تَبَعِ |
فلا تُجرِّب على الحياة فما | كلُّ التجاريب فيه مُنتفَع |
وما تعدَّيتُ بل ردعتك بال | وعْظِ وللصالحين مرتَدع |
وأنت ممَّن يهاب معصية ال | حقِّ ولا يستخفُّه الفزع |
وفي القوافي لقائلٍ سَعة ٌ | إن شئتَ والدهر بيننا جذَع |
وقد عرفتَ القريض أصلحك ال | لّه وفيه الأغلالُ والخِلعُ |
فاجتنب الشرَّ فهو مجتنبٌ | واتَّبِعِ الخيرَ فهو متَّبَعُ |