رمَيْن فؤادي من عيون الوصاوص
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
رمَيْن فؤادي من عيون الوصاوص | بلحظٍ له وقعٌ كوقع المشاقِص |
وما اسْتَكْتَمت تلك الوصاوص أوجُها | قِباحاً ولا ألوانَ سودٍ عَنافِص |
بل اسْتُودعت ألوانَ بيضٍ هجائنٍ | ذوات نجار صادق العِتق خالص |
يصنّ وجوهاً كالبدورِ وضاءة ً | لهنّ ضياءٌ من وراء الوصاوص |
قرى ماءَهُ فيهنَّ عشرين حِجة | نعيمٌ مقيمٌ ظِلُّه غيرُ قالص |
كأن عيون الناظرين توسّمتْ | بهن شموساً من وراء نشائص |
بريئات ساحاتِ المحاسِن مُلسها | كبيض الأداحي لا كبيض الأفاحص |
ثقيلات أردافٍ نبيلات أسْوُقٍ | وما شئتَ من قُبِّ البطونِ خَمائص |
من اللائي عمّتها المحاسنُ لا الأُلى | محاسِنُها من خلفها في خَصائص |
غرائرُ إلا أنهن نوائرٌ | من الوحْش لا يصطادها نبلُ قانِص |
يُلاعبن أشباهاً لهن من المها | ذوات سخالٍ بينهن هوابص |
ويجْنينَ نُوَّار الأقاحي تعالياً | عن الجانيات الكمْءَ بين القصائص |
بمولية ٍ يأوي القطا في جنابها | إلى كالىء المرعى دميث المفاحص |
بني مُصعب فزتمْ بكل فضيلة ٍ | وآثرتُم حُسّادكم بالنقائص |
إذا عُد قبصُ المجد أضعف قبصكم | على كل قبص في يدي كل قابص |
بكم حِيصَ فُتُق الملك بعد اتساعه | ولولاكُم أعيا على كل حائص |
تدارك ذاتَ البين إصلاحُ طاهرٍ | وكانت على ظهرٍ من الشر قامص |
إذا نظرتْ زُرق الرماح إلى الكُلى | كما نظرتْ زرق العيون الشّواخص |
فما حَدُّكم عند اللقاء بناكلٍ | ولا خيلكم عن غمرة بنواكص |
بوطئكُم ذلّ العُتاة وأصبحتْ | خدودُ العادي وهي تحت الأخامص |
ولمْ لا وفيكم كل فارس بُهمة | يغادر فرسانَ الوغى بالمداحص |
ترى خيلهُ علكَ الشكائمِ في الوغى | أجمّ لها من رعيها في الفصافص |
بصيرُ سِنان الرمح يرمي أمامه | بطرفٍ له نحوَ المقاتل شاخص |
فما يتّقيه العيرُ إلا بفأله | إذا اعتامه للطعن دون النحائِص |
أشدُّ من السيل الغَشَمْشَم حملة ً | وأثبتُ من بعض الأسود الرَّهائص |
يُسدى وجوهَ الكرِّ في كل مأزق | إذا بعضهم سدّى وجوه المحائص |
كأن جيوب الدرع منه مجوبة ٌ | على قمرٍ بدرٍ وليثٍ فُصافص |
تظل الأسود الموعِداتُ ببأسها | إذا ما رأته تتقي بالبصابص |
يخافُ مُعاديه ويأمنُ جارهُ | كأمن حمام البيت ذاتِ القرامص |
مفلَّلُ حد السيف من طول ضربه | قوانس بيض الدّارعين الدَّلامص |
على أنه يُمضيهِ ليس بحدِّه | ولكن بعرقٍ مُصْعبيٍّ مُصامص |
بأمثاله تَمضي السيوف مضاءَها | وتنفذ أطرافُ الرماح العوارص |
وقِدما مضتْ أسيافكم ورماحكم | بأعراقكم دون الظُّبا والمخارص |
وفيكم يجورُ الجود قِدما فنحوكُم | تَعاج صدورُ اليَعْمَلاتِ الرواقص |
إذا كان أبوابُ الملوكِ مجازنا | فأبوابُكم مُلْقى رجال القلائص |
تُناخُ إليكم كل دامٍ أظلّها | فتحْذَى أظلا للحصى جدّ واهص |
وفيكم دعاميصُ الهداية كلما | ضللنا وحاشاكمْ صغار الدَّعَامص |
تغوصُ على الرأي العويص عقولكم | على حين لا يُرجَى له غوصُ غائص |
إذا كان قومٌ في أُمورٍ كثيرة ٍ | رُماة الشَّوى كنتمْ رماة الفرائص |
كمُلتمْ فمهما أسأل الله فيكمُ | من الأمر لا أسأله تكميلَ ناقص |
ومنكم عبيدُ الله فُتُّم بسعيه | ذوي السعي فوتاً بائصاً أيَّ بائِص |
فتى يُلحِم الطير الغِراثَ بسيفه | ويُطعم في الأعوام ذاتِ المخامص |
يدرُّ لقاح البأسِ طوراً وتارة ً | يُدرُّ لقاح الجودِ غيرَ شصائص |
جبانٌ من السوءات عنهنّ ناكصٌ | ويلقى المنايا مُقدما غيرَ ناكص |
شفيقٌ على الأعراض يعلمُ أنها | إذا دُنِّستْ لم يُنقها موصُ مائص |
جسورٌ على الأهوال يحسرللقنا | ويدّرعُ المعروف دون القوارص |
يظلُّ معاديه وطالبُ رفده | على شرفيْ رفدٍ وموتٍ مُغافص |
أبا أحمدٍ أصبحتَ لم تَبقَ رُتبة ٌ | من المجد إلا فُتَّها بمَراهص |
فلو فاخرتك الشمسُ أضحت ضئيلة ً | لفخرِك مثلَ الكوكب المتخاوص |
أرى كل معلومٍ فبالفحصِ عِلمهُ | وفضلُك معلوم بلا فحص فاحص |
فإن لم ير الحسادُ من ذاك ما أرى | فلا نظروا إلا بعُورٍ بخائص |
على أنه لولا دواعي مودّتي | رحلتُ ركابي عنك رحلة َ شاخص |
فقد أوسعتْ خسفاً وهزلاً وإنما | يُناوصُ نيلَ الخير كل مُناوص |
وإن كان رفدُ الناسِ غيرك إنما | يحلُّ إذا حلّت لحومُ الوقائص |
أتنقُصُ بي معروفك الصّتَم بعدما | برئتُ من الأفعال ذاتِ المناقص |
أُنيلتْ أكف السائليكَ ولم أُنلْ | بنيل ولا خَيصٍ من النيلِ خائص |
فما شفّني من ذاك إلا تخوُّفي | عليك بما أوْليتني غمصَ غامص |
وفيك بما أوْليتني يا ابن طاهرٍ | مقالٌ لعمري للعدو المُقارص |
أثبتني الحرمان ثم قذفْتَ بي | جُفاء من الرُّبان أو ذي عوالص |
بنظمي لك الدرّ الثمين قلائدا | وغوصي عليه في عميق المغاوص |
وإن رجائي فيك خيَّب نِعمتي | فأضحتْ كإحدى الفاركاتِ النواشِص |
وكم نشصتْ من نِعمة ٍ فعطفْتها | على بَعلها حتى غدتْ غير ناشص |
أشارَ بإطلاقي يدي فأطعتُه | وما خِفتُ غِشا من صديق مُخالص |
فأصبح سِربالي من العيشِ ضيّقا | كهيئة سربالٍ بغير دخارص |
وباللهِ إني مما تخامصتُ بادنا | بطينا وكم من بادنٍ متخامص |
فلا أكن المُهريقَ فضلة مائهِ | غُرورا برقراقٍ من الآل وابص |
ولا تبخسنِّي حق مَدحي فإنني | أرى باخسي سيانَ عندي وباخصي |
أيظلمني من ليس في الأرض غيره | إذا نيصَ من ظُلمٍ مَناصٌ لنائص |